vendredi 20 décembre 2019

غزوة تبوك



غزوة تبوك خطبة 20ديسمبر 2019
إن الحمد لله، نحمده، نستعينه، ونستغفره، ونستهديه،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن
يضللْ فلا هادي له. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده
ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه
والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
.
أما بعد:فاتقوا الله أيها المسلمون، فتقوى الله جماع الخيرات، ومعدن البركات
نحن الآن في المدينة المنورة سنة التاسعة للهجرة
صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم . الزمن صيف حار وطقس ساخن خبر خطير يصل إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأنباطُ الذي
يقدمون إلى المدينة من الشام يبيعون الزيت وغيره يُحدثون أن هرقل قد هيأ جيشاً
عظيماً قوامه أربعون ألف مقاتل، وأجلب معه قبائل من مُتنَصِّرةِ العرب ورزق جنده
رزق سنة أي صرف لهم مرتبات سنة كاملة يستعد لغزو المدينة المنورة والقضاء على هذه
الدولة الإسلامية الصغيرة التي ولدت في الجزيرة العربية. والخبر صحيح ففي سنة 630
ميلادي الموافق سنة 9 هجري قرر الامبراطور البيزنطي هرقليوس  الزحف على الجزيرة العربية والقضاء على الدولة
الإسلامية التي نشأت وجمع أربعين ألف مقاتل ومعه قبائل عربية من الغساسنة موالين
له وتحت سيطرته.
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الاستعداداتُ
والجموع فأمر بالخروج إليهم، ولم ينتظرْ حتى يداهموا المدينة. فندب عليه الصلاة
والسلام أصحابه، وكان الوقتُ صيفاً بلغ فيه الحرُّ مداه، والناس في عسرٍ من العيش.
وقد طابت ثمارُ المدينة، ولم يكنْ من عادته صلى الله عليه وسلم إذا همَّ بغزوة إلا
ورّى بغيرها إلا ما كان من هذه الغزوة، فقد أعلنها وبين وجهتها ليتأهبُّوا أُهبتهم
ويأخذوا عُدّتهم. فإنهم يستقبلون سفراً بعيداً  وعدوّا كثيراً
.
لقد كان فيها من مظاهر الابتلاء والامتحان ما كشف سوءات
المنافقين، وتجلى به صدق الصادقين، وإيمان المؤمنين. تنزلتْ في ذلك سورةٌ كاملة من
طوال السور تفضح المخلفين والقاعدين وتُشيدُ بجهاد المجاهدين وفوز الطائعين
.
ومنهم
من سخر من المؤمنين الفقراء الذين تصدقوا بالقليل القليل  :
(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي
الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ
سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
[التوبة:79].
ومنهم من قال : ائذن لي بالبقاء ولا تفتني نزلت في نزلت
في جَدّ بن قَيْس المنافق، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمَا تجهز لغزوة
تبوك قال له: يا أبا وَهْب، هل لك في جِلاَدِ بني الأصْفَر ؟ فقال: يا رسول الله
لقد عرف قومي أني رجل مغرم بالنساء، وإني أخشى إن رأيت بنات [بني] الأصفر أن لا
أصبر عنهن، فلا تفتني بهن، وائذن لي في القعود عنك فأعينك بمالي؛ فأعرض عنه النبي
صلى الله عليه وسلم، وقال: قد أذنت لك. فأنزل الله تعالى هذه الآية
{ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا
فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ 
}

وجاء المنافقون يستأذنون رسول الله في البقاء في بيوتهم
"
فضحهم الله وكشف حالهم إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ
رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ
فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
 }يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل
لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ
أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ
عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
 }
سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ
لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ
جَهَنَّمُ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
 } { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ
فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَرْضَىٰ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ
 . لقد استجاب المؤمنون لنداء رسولهم صلى الله عليه وسلم، فجاء ذوو اليسار
منهم بكثير مما عندهم، فعثمان رضي الله عنه جاء بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها
وبألف دينارٍ حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: "ما ضرُّ عثمان ما عملَ بعد اليوم". (20 دينار هو نصاب الزكاة 
=11مليون كم ماله ب1000 دينار؟ وجاء أبو بكرٍ بماله كلّه، وكان أربعة آلاف
درهم، وجاء عمر بنصف ماله، وجاء عبد الرحمن بن عوفٍ بمئتي أوقيةٍ فضة، وجاء العباس
بمال كثير، وتتابع الناس بصدقاتهم قليلها وكثيرها حتى كان منهم من يأتي بالمدَّ
والمدَّين من الطعام لا يستطيع غيرها،  فقال المنافقون إن الله لغني عن صدقة هذا وجاء
آخر وتصدق بكل ماله فقال المنافقون ما فعل هذا إلا رياء فأنزل الله فيهم :"
ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ
ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ
إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ
 } ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ
تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ
ٱللَّهُ لَهُمْ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱللَّهُ لاَ
يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ
 }

وجاء النساء بما قدِرْن عليه من صدقات وحُليٍّ
وخلاخلٍ وقُرُطٍ وخواتِم فأنزل فيهم تعالى "َ
:

(
انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا
بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ
كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
) [التوبة:41].

وجاء البكَّاءون من المؤمنين يطلبون من رسول
الله صلى الله عليه وسلم ظهوراً يركبونها فقال لهم
: (لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ فأنزل فيهم
تعالى "تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلّا
يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ
) [التوبة: 92].

لقد عانى المسلمون في هذه الرحلةِ جهوداً
شاقة، وأتعاباً جسيمةً حتى كان الثلاثةُ يتعاقبون على بعيرٍ واحدٍ.. أصابهم عطشٌ
شديدٌ حتى نحروا بعض إبِلهِم ليشربوا مما في بطونها وربما أكلوا أوراقَ الشجر حتى
تورَّمتْ شفاههم
.
روى الأمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال: لما كانتْ غزوة تبوكَ أصابَ الناسَ مجاعةٌ وعسرة في الطريق الطقس شديد
الحر والزاد قليل عسرة في الحر وعسرة في الماء وعسرة في الطعام فأنزل تعالى فيهم
" "
 لَقَدْ تَابَ الله عَلَىٰ ٱلنَّبِيِّ
وَٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلْعُسْرَةِ
مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ
إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ "فقالوا يا رسول الله لو أذنتْ لنا فنحرنا
نواضحنا فأكلنا وادَّهنَّا فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
: "افعلوا". فجاء
عمرُ فقال يا رسولَ الله: إنهم إنْ فعلوا قلّ الظهرُ، ولكن ادعوهم بفضْلِ أزوادهم،
ثم ادعُ لهم بالبركة لعل الله يجعل فيه ذلك. فدعا عليه الصلاة والسلام بِنطْعٍ (أي
بجلد) فبسطه، ثم دعاهم بفضل أزوادهم فجعل الرجل يجيء بكفٍّ من الذرة والآخر بكفِّ
تمر والآخر بالكسرةِ حتى اجتمع على النَّطعْ من ذلك شيءٌ يسير، ثم دعا عليه
بالبركة ثم قال لهم
: "خذوا في أوعيتكمقال فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا من المعسكر
وعاءً إلا ملأوا وأكلوا حتى شبعوا وفضلت منه فضلةٌ. فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم
: "أشهدُ ألا إله إلا اللهُ وأني رسولُ الله لا يَلْقى
الله بها عبدٌ غيرُ شاكٍّ فتُحجبُ عنه الجنةُ
".
ووصلَ النبيُّ تبوك بعد قطع مسافة قيس طولها  623 كم ومعه ثلاثون ألفاً من المسلمين ولكنَّه
لم يلقَ أحدا . واندحرَ الرومُ إلى داخل ديارهم خوفا من ملاقاة المسلمين
.
انتهت 
المعركة بلا
صدام أو قتال لأن الجيش الروماني تشتت وتبدد في البلاد خوفًا من المواجهة؛ مما رسم
تغيرات عسكرية في المنطقة، جعلت حلفاء 
الروم يتخلون عنها ويحالفونالمسلمين  كقوة
أولى في المنطقة. لذلك، حققت هذه الغزوة الغرض المرجو منها بالرغم من عدم الاشتباك
الحربي مع 
الروم الذين آثروا الفرار شمالًا فحققوا انتصارًا
للمسلمين دون قتال، حيث أخلوا مواقعهم للدولة الإسلامية، وعاد المسلمون منتصرين
إلى المدينة ..الآن ما قصة أبي خيثمة ؟
وشهد أبو خيثمةَ أُحُدًا والمشاهدَ كلها، وتخلف عن
الخروج مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى تَبُوك عَشرةَ أيام، فدخل يومًا
على امرأتين له في يوم حَارٍّ فوجدهما في عريشين لهما في بستانه قد رَشَّتْ كل
واحدة منهما عريشها، وبرَّدت له ماءً، وهيأت له طعامًا؛ فقال: سبحان الله! رسول
الله صَلَّى الله عليه وسلم قد غُفر لهُ ما تقدم من ذنبه وما تأخَّر في الضِّحّ
والريح والحرِّ يحملُ سلاحَهُ على عُنُقهِ وأبو خيثمةَ في ظلالٍ باردةٍ، وطعامٍ
مهيّأ، وامرأتين حَسناوينِ، ما هذا بالنَّصَفِ؛ والله لا أدخلُ عريش واحدة منكما
ولا أكلمكما حتى ألحق برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فخرج وانطلق نحو تبوك
قاطعا في الصحراء مسافة 623 كم حتى دنا من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو
نازلٌ بتَبُوك، قال الناسُ: هذا راكبٌ على الطريق، فقال رسول الله صَلَّى الله
عليه وسلم: "كن أبا خيثمةَ"، فقال الناسُ: هذا أبو خيثمةَ، فأناخ ثم
أقبل فسلّم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: فقال رسول الله صَلَّى الله عليه
وسلم: "أَوْلَى لَكَ ياأبا خَيْثَمةَ"، فأَخْبَرَ رسولَ الله صَلَّى
الله عليه وسلم خبرَهُ، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم خيرًا ودعا لهُ.
وما قصة الثلاثة  الذين
خلفوا ونزل فيهم قرآن؟
وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰ
إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ
أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوۤاْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ
تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ "هم
كلهم من الأنصار: هلال بن أمية، ومرارة بن ربيعة، وكعب بن مالك الأسبوع القادم
باذن الله
يا مالك السماوات والأرض، يا عظيم السماوات
والأرض، يا عالم السماوات والأرض


يا قيّوم السماوات
والأرض، يا رحمن الدّنيا ورحيم الآخرة
”. نسألك صلاة على رسول الله صلى
الله عليه وسلم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد صلى
الله عليه وسلم
·  
اللّهم يا حي يا قيوم يا ذو الجلال والإكرام
اهدنا في من هديت


وعافِنا في من
عافيت واقض عنّا برحمتك شرّ ما قضيت، إنّك تقضي بالحق ولا يقضى عليك


آمنّا بكتابك الذي
أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فاغفر لنا ما قدمنا وما أخّرنا وما أسررنا وما أعلنّا الله أكبر
ليس كمثله شيء في الأرض ولا في السّماء وهو السميع  البصير


اللهمّ إنّي أسألك
في صلاتي ودعائي بركة تطهّر بها قلبي


وتكشف بها كربي،
وتغفر بها ذنبي، وتصلح بها أمري، وتغني بها فقري


وتذهب بها شرّي،
وتكشف بها همّي وغمّي، وتشفي بها سقمي


وتقضي بها ديني،
وتجلو بها حزني، وتجمع بها شملي، وتبيّض بها وجهي يا أرحم الرّاحمين
”. اللهم انصر
المسلمين المجاهدين في شتى أنحاء الأرض وانصر أهل فلسطين على الصهاينة الغاصبين
اللهم آمنْ خوفهم وفُكَّ أسرهم ووحد صفوفهم وحقق آمالنا
وآمالهم، اللهم احفظ دينهم ودماءهم، وانصرهم على عدوك وعدوِّهم. اللهم فرج همَّ
المهمومين، وفُك أسَر المأسورين، وكنْ للأرامل واليتامى والمساكين، واشف مرضانا
ومرضى المسلمين، اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة
.أقول قولي هذا
وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة. فاستغفروه إنه هو الغفور
الرحيم
.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire