mercredi 18 décembre 2019

سورة المطففين





سورة المطففين
الجزء3

كَلاَّ
إِنَّ كِتَابَ ٱلأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ
 } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ }
* { كِتَابٌ
مَّرْقُومٌ
 } * { يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ }{ إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ }
* { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ } * { تَعْرِفُ فِي
وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ
 } * { يُسْقَوْنَ
مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ
 } * { خِتَامُهُ
مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ
 }
* { وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ } * { عَيْناً
يَشْرَبُ بِهَا ٱلْمُقَرَّبُونَ
 
.

 

ابن عاشور  فإن هذه الجملة بحذافرها
تشبه جملة
إن
كتاب الفجار لفي سجين
 } المطففين 7 الخ أسلوباً ومقابلةً. فالوجه أن يكون مضمونها
قسيماً لمضمون شبيهها فتحصلُ مقابلة وعيد الفجار بوعد الأبرار ومن عادة القرآن
تعقيب الإنذار بالتبشير والعكس لأن الناس راهب وراغب فالتعرضُ لنعيم الأبرار إدماج
اقتضته المناسبة وإن كان المقام من أول السورة مقام إنذار. ويكون المتكلم بالوعد
والوعيد واحداً وجَّه كلامه للفجار الذين لا يظنون أنهم مبعوثون، وأعقبه بتوجيه
كلام للأبرار الذين هم بضد ذلك، فتكون هذه الآيات معترضة متصلة بحرف الردع على
أوضح الوجهين المتقدمين فيه
.
«إن الملائكة لتصعد بعمل العبد فيستقلونه، فإذا انتهوا به إلى ما
شاء الله من سلطانة أوحى إليهم إنكم الحفظة على عبدي وأنا الرقيب على ما في قلبه،
وأنه أخلص عمله فاجعلوه في عليين، فقد غفرت له وإنها لتصعد بعمل العبد فيزكونه،
فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله أوحي إليهم أنتم الحفظة على عبدي وأنا الرقيب على
ما في قلبه، وإنه لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين
»
قال ٱبن عباس: أي في
الجنة. وعنه أيضاً قال: أعمالهم في كتاب الله في السماء. وقال الضحاك ومجاهد
وقتادة: يعني السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين. ورَوَي ٱبن الأجلح عن الضحاك
قال: هي سِدْرة المنتهى، ينتهي إليها كل شيء من أمر الله لا يعدوها، فيقولون: رب!
عبدك فلان، وهو أعلم به منهم، فيأتيه كتاب من الله عز وجل مختوم بأمانه من العذاب.
فذلك قوله تعالى: { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلأَبْرَارِ }. وعن كعب الأحبار قال: إن
روح المؤمن إذا قبضت صُعد بها إلى السماء، وفُتحت لها أبواب السماء، وتلقَّتها
الملائكة بالبشرى، ثم يخرجون معها حتى ينتهوا إلى العرش، فيخرج لهم من تحت العرش،
رَقّ فيرقم ويختم فيه النجاة من الحساب يوم القيامة ويشهده المقربون. وقال
البَرَاء بن عازِب قال النبي صلى الله عليه وسلم
: " عِلِّيون في السماء السابعة تحت العرشوعن ٱبن عباس أيضاً: هو لوح من زبرجدة خضراء معلق بالعرش،
أعمالهم مكتوبة فيه

إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } * { عَلَى
ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ
 } * { تَعْرِفُ فِي
وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ
 } * { يُسْقَوْنَ
مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ
 } * { خِتَامُهُ
مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ
 }
* { وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ } * { عَيْناً
يَشْرَبُ بِهَا ٱلْمُقَرَّبُونَ
 

والذي في الخبر من حديث
ٱبن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: " إن أهل عِليين لينظرون إلى الجنة من كذا، فإذا أشرف رجل من أهل
عِليين أشرقت الجنة لضياء وجهه، فيقولون: ما هذا النور؟ فيقال أشرف رجل من أهل
عِليين الأبرار أهل الطاعة والصدق

والتقدير ينظرون إلى ربهم، وإما لقصد
التعميم، أي ينظرون كل ما يبهج نفوسهم ويسرهم بقرينة مقام الوعد والتكريم

 والنضْرة البهجة والحُسن، وإضافة { نضرة }
إلى { النعيم } من إضافة المسبب إلى السبب، أي النضرة والبهجة التي تكون لوجه
المسرور الراضي إذ تبدو على وجهه ملامح السرور. وجملة { يُسقون من رحيق } خبر رابع
عن الأبرار أو حال ثالثة منه. وعبر بــــ { يُسقون } دون يشربون، للدلالة على أنهم
مخدُومون يخدمهم مخلوقات لأجل ذلك في الجنة. وذلك من تمام الترفه ولذة الراحة.
والرحيق اسم للخمر الصافية الطيبة. { يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ } أي من شراب لا غِش
فيه. قاله الأخفش والزجّاج. وقيل، الرحيق الخمر الصافية. وفي الصحاح: الرحيق صفوة
الخمر. والمعنى واحد. الخليل: أصفى الخمر وأجودها. وقال مقاتل وغيره: هي الخمر
العتيقة البيضاء الصافية من الغش النيرة،والمختوم المسدود إناؤه،والختام بوزن كتاب
اسم للطين الذي يُختم به كانوا يجعلون طين الختام على محل السداد من القارورة أو
الباطية أو الدن للخمر لمنع تخلل الهواء إليها وذلك أصلح لاختمارها وزيادةِ صفائها
وحفظ رائحتها. وجُعل ختام خمر الجنة بعجين المسك عوضاً عن طين الخَتم. والمِسك
مادة حيوانية ذاتُ عَرْف طيب مشهور طيبه وقوة رائحته منذ العصور القديمة، وهذه
المادة تتكون في غُدّة مملوءةٍ دَماً تخرج في عنق صنف من الغزال في بلاد التيبيت
من أرض الصين وفُسر { ختامه مسك } بأن المعنى ختام شُربه، أي آخر شربه مسك،
أي طعم المسك بمعنى نكهته،
 وفي ذلك الرحِيقِ فليتنافس الناس لا في رحيق
الدنيا الذي يتنافس فيه أهل البذخ ويجلبونه من أقاصي البلاد وينفقون فيه الأموال
.

و { تسنيم } علم لعين في الجنة منقول من
مصدر سنَّم الشيءَ إذا جعله كهيئة السِّنام. ووجهوا هذه التسمية بأن هذه العين
تصبّ على جنانهم من علوّ فكأنها سَنام. وهذا العلم عربي المادة والصِّيغة ولكنه لم
يكن معروفاً عند العرب فهو مما أخبر به القرآن، ولذا قال ابن عباس لمَّا سئل عنه
«هذا مما قال الله تعالى
فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } السجدة 17، يريد لا يعلمون الأشياء ولا أسماءها إلا ما أخبر
الله به. ولغرابة ذلك احتيج إلى تبيينه بقوله { عيناً يشرب بها المقربون } ، أي
حال كون التسنيم عيناً يشرب منها المقرّبون. و { المقرَّبون } هم الأبرار، أي
فالشاربون من هذا الماء مقربون
.

 




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire