vendredi 13 avril 2018

مشاهد ودروس من رحلة المعراج خطبة 13 أفريل2018



مشاهد ودروس من رحلة المعراج خطبة 13 أفريل2018
الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله سيد الخلق و البشر ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى ذريته ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

إخوتي وأحبابي وأخواتي في الله.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. نستكمل بعون الله وتوفيقه حديثنا من القلب إلى القلوب، عن المعراج، الشق الثاني في المعجزة النبوية الشريفة من رب العزة لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم بإسراء ومعراج في ليلة واحدة.
.
المعراج تكريم من الله لرسولَه صلى الله عليه وسلم، بعد أن آذاه الناس على الأرض، وبعد أن فقد النصير في الأرض، رفعه الله عزَّ وجلَّ ورفع قدره في الإسراء إمامًا بالأنبياء والمرسلين، وفي المعراج رفع مكانته في الملأ الأعلى.
وظل يرتقي ويرتقي ولكنه في ارتقائه هذا يرى مشاهد، مشاهد- لا أقول صورًا ولكنها مشاهد- في المعراج مجسدة مجسمة لأناس ولبشر رجالاً ونساءً من أمم امتُحنت وابتُليت واختُبرت؛ بعضها نجح وبعضها رسب،
ويظل الدرس.. هذه عقوبة من فعل كذا، وهذه عقوبة من يفعل كذا، ولا تزال هذه العقوبات تنتظر من يفعل نفس الفعل ونحن على الأرض.
ويعود لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكي لنا عن الجنان وما فيها، وعن النيران وما تلتهمه، وما تقدمه من مواقف لا تتحملها النفس البشرية، حتى إذا حُكيت لنا، فما بالكم إذا عاشتها وقاستها؟
ثبت في مسند الإمام أحمد والبزار والمعجم الكبير للطبراني والمعجم الأوسط له أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما عن نبينا عليه الصلاة والسلام قال :
 مررت ليلة أسري بي بوادٍ فإذا فيه ريح طيبة ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها.
س : ما السبب في حصول هذه الكرامة لها؟
جـ : كانت تسرح شعر ابنة فرعون وتمشطه فسقط المشط من يدها ، فقالت باسم الله ، فقالت ابنة فرعون : أبي؟ أي باسم أبي الذي هو إله فالله يعني أبي ، لأنه قال لشعبه : أنا ربكم الأعلى ،
قالت : لا بل ربي وربك ورب أبيك ، فقالت : أأخبر أبي بذلك ؟ قالت : أخبريه ، فأخبرته ، فدعاها فرعون فقال لها : ألك رب غيري ؟ ، قالت : نعم ، ربي وربك الله ، فأمرها أن تحضر هي وأولادها وقال : إما أن ترجعي عن دينك وتدخلي في ديني وتؤمني بأنني أنا الله الرب وإما أن أقتلك ، فقالت ، اقتلني بما شئت ولكن لي طلب عندك ، قال : لك ما تريدين ، قالت : إذا قتلتني فاجمع بين عظامي وعظام أولادي وادفنا في قبر واحد ، فقال : لك ذلك.
[فأتي بنقرة من نحاس] وهي الخابية  الكبيرة من نحاس  وهذه هي التي عذب بها النصارى في بلاد الأندلس المسلمين لما سقطت الأندلس ، فقد كانوا يأتون بهذه القدور ويضعون تحتها ناراً حتى يحمى الزيت فيها ويغلي غلياناً عظيماً ، ثم يؤتى بالمؤمن ، ويقال له إما أن ترجع عن دينك وإما أن نلقيك فيها وهم أفواج فلا يرجع عن دينه ثم يأتي بالثاني ويخير وهكذا وما يصدهم ذلك عن دين الله رغم ما يرونه من العذاب الشديد لدرجة أن هذا الماء من حرارته يذوب فيه اللحم والعظم فلا يبقي للمؤمن أثر فيه ولكنهم يثبتون على إيمانهم.
فأحماها وبدأ يضع أولادها واحداً بعد واحد فيها وهي تصبر وتحتسب حتى ألقاهم جميعاً وبقي بين يديها ولد صغير لازال رضيعاً في المهد فأشفقت عليه وخافت ، فلما أخذوه منها ليلقى في الخابية ارتاعت وتغيرت ، فظن فرعون أنها سترجع عن دينها شفقة على ابنها الصغير ، فقال هذا الغلام الصغير : يا أماه إنك على الحق فاصبري وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة
قال نبينا عليه الصلاة والسلام : لم يتكلم في المهد إلا أربعة ابن ماشطة فرعون ، وشاهد يوسف ، وعيسى عليه السلام ، وصاحب جُريج
 }
: مر صلى الله عليه وسلم على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم كلما حصدوا عاد كما كان فقال : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه.
مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

ومر صلى الله عليه وسلم على قوم ترضخ (تدق تكسر) رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عادت كما كانت ، قال : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين تثاقلت رؤوسهم عن الصلاة.
: مر على قوم على أدبارهم رقاع وعلى أقبالهم رقاع يسرحون كما تسرح الأنعام إلى الضريع والزقوم ورضف جهنم (أي حجارتها المحماة) ، قال : ما هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم (أي لا يزكون) ، وما ظلمهم الله ، وما الله بظلام للعبيد.
 وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ ألِيمٍيَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }
مر على قوم بين أيديهم لحم في قدر نضيج ، ولحم آخر نيئ خبيث فجعلوا يأكلون الخبيث ويدعون النضيج الطيب ، قال : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : الرجل من أمتك يقوم من عند امرأته حلالا ً ، فيأتي المرأة الخبيثة فيبيت معها حتى يصبح ، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا ً طيباً فتأتي الرجل الخبيث فتبيت عنده حتى تصبح.


: مر على رجل قد جمع حزمة عظيمة من حطب لا يستطيع حملها ثم هو يريد أن يزيد عليها ، فقال : يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا رجل من أمتك عليه أمانة الناس لا يستطيع أداءها ثم هو يزيد عليها ويطلب آخر.

مر على قوم تقرض شفاههم وألسنتهم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء ، قال : يا جبريل ، ما هؤلاء ؟ قال : خطباء الفتنة.
مر على جحر صغير يخرج منه ثور عظيم فيريد الثور أن يدخل من حيث خرج فلا يستطيع ، فقال : ما هذا يا جبريل ؟ ، قال : هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة فيندم عليها فيريد أن يردها فلا يستطيع.

أتى صلى الله عليه وسلم على وادٍ فوجد ريحاً طيبة ووجد ريح مسك مع صوت ، فقال : ما هذا ؟ قال : صوت الجنة تقول يا رب ائتني بأهلي وبما وعدتني فقد كثر غرسي وحريري وسندسي وإستبرقي وعبقري ومرجاني وقضبي وذهبي وأكوابي وأباريقي وفواكهي وعسلي وثيابي ولبني وخمري ، ائتني بما وعدتني ، قال : لك كل مسلمة ومسلم ومؤمن ومؤمنة ومن آمن بي وبرسلي وعمل صالحاً ولم يشرك بي شيئاً ولم يتخذ من دوني أنداداً فهو آمن ومن سألني أعطيته ومن أقرضني جزيته ومن توكل علي كفيته إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أخلف الميعاد ، قد افلح المؤمنون ، تبارك الله أحسن الخالقين فقالت : قد رضيت.
وأتى صلى الله عليه وسلم على وادٍ فسمع صوتاً منكراً ، فقال : يا جبريل ما هذا الصوت ؟ ، قال : هذا صوت جهنم تقول : يا رب ائتني بأهلي وبما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وغساقي وغسليني وبعد قعري واشتد حري ، ائتني بما وعدتني ، قال : لك كل مشرك ومشركة وخبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب ، قالت : قد رضيت.

الخطبة 2
!
لذلك يعود لنا الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الدروس وهذه العبر، ونحن لا نزال على الأرض، يحكيها لنا، وتتناقلها الأجيال عن الصادق المصدوق الذي رأى بعينيه: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)﴾ (النجم).
رأى هذه مواقف رأي العين مجسدة ببشر وبأناس مثلنا، يمرون بنفس المعصية ونفس الخطأ والذنب، وسيلاقون نفس الجزاء والعقاب، وأناس يتنعمون لأنهم كانوا في الدنيا يفعلون هذه الخيرات؛ لذلك يعود لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه المشاهد ليقول لمن ما زال على قيد الحياة على الأرض ".
هل عدنا من المعراج بهذا الدرس؟ وهل رأينا هذه المشاهد المجسدة المجسمة لبشر مثلنا، يعانون ويعذبون بمثل ما نفعل؟ فهل امتنعنا؟ وهل توقفنا؟ ﴿ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ) سبحانه وتعالى جل شأنه.
الدرس الثاني والمهم أن الصلاة فُرضت هناك في هذا المكان الشريف الكريم الراقي، فكل الفرائض فُرضت على الأرض إلا الصلاة، ولذلك سماها الرسول "معراج المؤمن" لأنك على الأرض وأنت ساجد وأنت واقف بين يدي الله راكعًا وساجدًا، ستكون عدت بها إلى حيث نُشئت؛ إلى حيث فرضت في الملأ الأعلى، فتصعد بك إلى حيث أصلها؛ هذا الأصل في المعراج.. سميت الصلاة "معراج المؤمن" لتصعد بك إلى حيث فُرضت.
الدرس الثالث وهو الأهم :  أيها الأخوة الكرام: يعلمنا الإسراء والمعراج ونحن في هذه المرحلة في أشد الحاجة إلى دروسه، يعلمنا الإسراء والمعراج أن للمحن والمصائب حكماً جليلة، منها أنها تسوق أصحابها إلى باب الله تعالى، تلبسهم رداء العبودية، ترجئهم إلى طلب العون من الله، تعلمنا أحداث الإسراء والمعراج أنه لا ينبغي أن تصدنا المحن والعقبات عن متابعة السير في استقامة وثبات، تعلمنا أحداث الإسراء والمعراج أنه مادام الله هو الآمر فلا شك أنه هو الضامن والحافظ و الناصر، تعلمنا أحداث الإسراء والمعراج أنه لولا الجهاد والصبر ما عبد الله في الأرض، وما انتشر الإسلام في العالمين، إنها تعلمنا أن اليسر مع العسر، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الشدة ، إنها تعلمنا أنه لا يعد المسلم مسلماً إلا إذا انتمى إلى مجموع المسلمين، وحمل هموم المسلمين، وساهم بشكل أو بآخر في حل مشكلاتهم.
(( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى))


اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شرّ ما قضيت، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم لا تهتك عنا سترك، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداءك أعداء الدين، اللهم شتت شملهم واجعل تدميرهم في تدبيرهم، واجعل الدائرة تدور عليهم يا رب العالمين، اللهم بفضلك ورحمتك وفق ولاة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى ما تحب وترضى، اجمعهم على الحق والخير والهدى، إنك على ما تشاء قدير، وبالإجابة جدير.
والحمد لله رب العالمين



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire