تفسير سورة
الماعون
هذه السورة
مكية في بعض الروايات، ومكية مدنية في بعض الروايات (الثلاث الآيات الأولى مكية
والباقيات مدنية) وهذه الأخيرة هي الأرجح. وإن كانت السورة كلها وحدة متماسكة، ذات
اتجاه واحد، لتقرير حقيقة كلية من حقائق هذه العقيدة، مما يكاد يميل بنا إلى
اعتبارها مدنية كلها، إذ إن الموضوع الذي تعالجه هو من موضوعات القرآن المدني ـ
وهو في جملته يمت إلى النفاق والرياء مما لم يكن معروفاً في الجماعة المسلمة في
مكة. ولكن قبول الروايات القائلة بأنها مكية مدنية لا يمتنع لاحتمال تنزيل الآيات
الأربع الأخيرة في المدينة وإلحاقها بالآيات الثلاث الأولى لمناسبة التشابه
والاتصال في الموضوع.. وحسبنا هذا لنخلص إلى موضوع السورة وإلى الحقيقة الكبيرة
التي تعالجها..
مكية في بعض الروايات، ومكية مدنية في بعض الروايات (الثلاث الآيات الأولى مكية
والباقيات مدنية) وهذه الأخيرة هي الأرجح. وإن كانت السورة كلها وحدة متماسكة، ذات
اتجاه واحد، لتقرير حقيقة كلية من حقائق هذه العقيدة، مما يكاد يميل بنا إلى
اعتبارها مدنية كلها، إذ إن الموضوع الذي تعالجه هو من موضوعات القرآن المدني ـ
وهو في جملته يمت إلى النفاق والرياء مما لم يكن معروفاً في الجماعة المسلمة في
مكة. ولكن قبول الروايات القائلة بأنها مكية مدنية لا يمتنع لاحتمال تنزيل الآيات
الأربع الأخيرة في المدينة وإلحاقها بالآيات الثلاث الأولى لمناسبة التشابه
والاتصال في الموضوع.. وحسبنا هذا لنخلص إلى موضوع السورة وإلى الحقيقة الكبيرة
التي تعالجها..
إن هذا
الدين ليس دين مظاهر وطقوس؛ ولا تغني فيه مظاهر العبادات والشعائر، ما لم تكن
صادرة عن إخلاص لله وتجرده، مؤدية بسبب هذا الإخلاص إلى آثار في القلب تدفع إلى
العمل الصالح، وتتمثل في سلوك تصلح به حياة الناس في هذه الأرض وترقى.
الدين ليس دين مظاهر وطقوس؛ ولا تغني فيه مظاهر العبادات والشعائر، ما لم تكن
صادرة عن إخلاص لله وتجرده، مؤدية بسبب هذا الإخلاص إلى آثار في القلب تدفع إلى
العمل الصالح، وتتمثل في سلوك تصلح به حياة الناس في هذه الأرض وترقى.
كذلك ليس
هذا الدين أجزاء وتفاريق موزعة منفصلة، يؤدي منها الإنسان ما يشاء، ويدع منها ما
يشاء.. إنما هو منهج متكامل، تتعاون عباداته وشعائره، وتكاليفه الفردية
والاجتماعية، حيث تنتهي كلها إلى غاية تعود كلها على البشر.. غاية تتطهر معها
القلوب، وتصلح الحياة، ويتعاون الناس ويتكافلون في الخير والصلاح والنماء.. وتتمثل
فيها رحمة الله السابغة بالعباد.
ولقد يقول
الإنسان بلسانه: إنه مسلم وإنه مصدق بهذا الدين وقضاياه. وقد يصلي، وقد يؤدي شعائر
أخرى غير الصلاة ولكن حقيقة الإيمان وحقيقة التصديق بالدين تظل بعيدة عنه ويظل
بعيداً عنها، لأن لهذه الحقيقة علامات تدل على وجودها وتحققها. وما لم توجد هذه
العلامات فلا إيمان ولا تصديق مهما قال اللسان، ومهما تعبد الإنسان!
إن حقيقة
الإيمان حين تستقر في القلب تتحرك من فورها (كما قلنا في سورة العصر) لكي تحقق
ذاتها في عمل صالح. فإذا لم تتخذ هذه الحركة فهذا دليل على عدم وجودها أصلاً. وهذا
ما تقرره هذه السورة نصاً..
هذا الدين أجزاء وتفاريق موزعة منفصلة، يؤدي منها الإنسان ما يشاء، ويدع منها ما
يشاء.. إنما هو منهج متكامل، تتعاون عباداته وشعائره، وتكاليفه الفردية
والاجتماعية، حيث تنتهي كلها إلى غاية تعود كلها على البشر.. غاية تتطهر معها
القلوب، وتصلح الحياة، ويتعاون الناس ويتكافلون في الخير والصلاح والنماء.. وتتمثل
فيها رحمة الله السابغة بالعباد.
ولقد يقول
الإنسان بلسانه: إنه مسلم وإنه مصدق بهذا الدين وقضاياه. وقد يصلي، وقد يؤدي شعائر
أخرى غير الصلاة ولكن حقيقة الإيمان وحقيقة التصديق بالدين تظل بعيدة عنه ويظل
بعيداً عنها، لأن لهذه الحقيقة علامات تدل على وجودها وتحققها. وما لم توجد هذه
العلامات فلا إيمان ولا تصديق مهما قال اللسان، ومهما تعبد الإنسان!
إن حقيقة
الإيمان حين تستقر في القلب تتحرك من فورها (كما قلنا في سورة العصر) لكي تحقق
ذاتها في عمل صالح. فإذا لم تتخذ هذه الحركة فهذا دليل على عدم وجودها أصلاً. وهذا
ما تقرره هذه السورة نصاً..
مقصود السورة:
ذكرُ صفات
المكذِّبين من الكفار والمنافقين، والتحذير مِن التشبه بها؛ كدعِّ اليتيم، وعدم
الحض على إطعام المسكين، والتغافل عن الصلاة، والرِّياء بالأعمال، ومنع الماعون.
المكذِّبين من الكفار والمنافقين، والتحذير مِن التشبه بها؛ كدعِّ اليتيم، وعدم
الحض على إطعام المسكين، والتغافل عن الصلاة، والرِّياء بالأعمال، ومنع الماعون.
فتنزَّهوا
أيها المؤمنون عنها، فليست من صفاتكم في أصل إيمانكم، ومَن تشبَّه بقوم فهو منهم،
فاحذروا.
أيها المؤمنون عنها، فليست من صفاتكم في أصل إيمانكم، ومَن تشبَّه بقوم فهو منهم،
فاحذروا.
تفسير السورة:
• ﴿
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴾قولُه: ﴿ أَرَأَيْتَ ﴾؛ أي: أنَظَرت،
والاستفهام أُريدَ به تشويقُ السامع ليعرف ما بعده، وللإشارة إلى أن هذا الأمر
خفي.
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴾قولُه: ﴿ أَرَأَيْتَ ﴾؛ أي: أنَظَرت،
والاستفهام أُريدَ به تشويقُ السامع ليعرف ما بعده، وللإشارة إلى أن هذا الأمر
خفي.
وقوله: ﴿
الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴾ المراد مِن الدين الحساب، والمعنى يُكذِّب بيوم
الحساب، فالذي يكذِّب بيوم الحساب تجد فيه هذه الأخلاق القبيحة والأعمال السيئة.
الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴾ المراد مِن الدين الحساب، والمعنى يُكذِّب بيوم
الحساب، فالذي يكذِّب بيوم الحساب تجد فيه هذه الأخلاق القبيحة والأعمال السيئة.
• ﴿
فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾ قوله: ﴿ فَذَلِكَ ﴾ الفاء جوابُ شرط
مُقدَّر، تقديره: إن تأملته، أو إن طلبت علمه، ووضع اسم الإشارة موضعَ الضمير
للدلالة على التحقير، وقيل: للتنبيه على بُعد منزلته في الشر.
فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾ قوله: ﴿ فَذَلِكَ ﴾ الفاء جوابُ شرط
مُقدَّر، تقديره: إن تأملته، أو إن طلبت علمه، ووضع اسم الإشارة موضعَ الضمير
للدلالة على التحقير، وقيل: للتنبيه على بُعد منزلته في الشر.
وقوله: ﴿
يَدُعُّ ﴾ من الدعِّ، وهو الدفع بعنف وغلظة عن إطعامه والإحسان إليه، وقد يكون
المعنى يدفعه عن حقه، ويظلمه؛ وقُرئت: ﴿ يَدَعُ اليتيم ﴾ - مخفَّفة - أي: يتركه
ترك نسيان وإهمال، فعلى المعنى الأول قال سبحانه وتعالى عن المكذِّبين: ﴿ يَوْمَ
يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ﴾ [الطور: 13]، وعلى المعنى الثاني قال
سبحانه وتعالى عنهم: ﴿ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ
الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 126]، والجزاء مِن جنس العمل.
يَدُعُّ ﴾ من الدعِّ، وهو الدفع بعنف وغلظة عن إطعامه والإحسان إليه، وقد يكون
المعنى يدفعه عن حقه، ويظلمه؛ وقُرئت: ﴿ يَدَعُ اليتيم ﴾ - مخفَّفة - أي: يتركه
ترك نسيان وإهمال، فعلى المعنى الأول قال سبحانه وتعالى عن المكذِّبين: ﴿ يَوْمَ
يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ﴾ [الطور: 13]، وعلى المعنى الثاني قال
سبحانه وتعالى عنهم: ﴿ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ
الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 126]، والجزاء مِن جنس العمل.
واليُتْم
لغةً هو الانفراد، واليتيم هو الصغيرُ الفاقد للأب من الإنسان، والأمِّ مِن
الحيوان.
لغةً هو الانفراد، واليتيم هو الصغيرُ الفاقد للأب من الإنسان، والأمِّ مِن
الحيوان.
أما شرعًا،
فاليتيم هو مَن مات عنه أبوه وهو صغير لم يبلُغِ الحُلُم، ويستمرُّ وصفه باليتم
حتى يبلغ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يُتْمَ بعد احتلامٍ، ولا يتم على
جارية إذا هي حاضَتْ))؛ صحيح أبي داود.
فاليتيم هو مَن مات عنه أبوه وهو صغير لم يبلُغِ الحُلُم، ويستمرُّ وصفه باليتم
حتى يبلغ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يُتْمَ بعد احتلامٍ، ولا يتم على
جارية إذا هي حاضَتْ))؛ صحيح أبي داود.
وأما عن
الحكم المترتِّب على اليتم من حَجْر التصرف، فقد قال الله سبحانه: ﴿ وَابْتَلُوا
الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا
فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أموالهم ﴾ [النساء: 6].
الحكم المترتِّب على اليتم من حَجْر التصرف، فقد قال الله سبحانه: ﴿ وَابْتَلُوا
الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا
فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أموالهم ﴾ [النساء: 6].
• ﴿ وَلَا
يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾
يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾
الحضُّ هو
الحثُّ على الشيء والترغيب فيه بشدة، والمعنى: لا يحضُّ نفسَه ولا غيرَه على إطعام
المسكين، فنفيُ الحضِّ على إطعامه نفيٌ لإطعامه من باب أولى، كما قال تعالى عنهم
في آية أخرى: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ
* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ﴾ [المدثر: 42 - 44].والمسكين هو ذو الحاجةِ
غير السائل؛ لقوله تعالى: ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِين ﴾ [البقرة:
177]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس المسكينُ الذي يطوف على الناس تردُّه
اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان؛ ولكن المسكين الذي لا يجد غِنًى يُغْنيه،
ولا يُفطَنُ به فيُتصدَّقَ عليه، ولا يقومُ فيسألَ الناس))؛
الحثُّ على الشيء والترغيب فيه بشدة، والمعنى: لا يحضُّ نفسَه ولا غيرَه على إطعام
المسكين، فنفيُ الحضِّ على إطعامه نفيٌ لإطعامه من باب أولى، كما قال تعالى عنهم
في آية أخرى: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ
* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ﴾ [المدثر: 42 - 44].والمسكين هو ذو الحاجةِ
غير السائل؛ لقوله تعالى: ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِين ﴾ [البقرة:
177]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس المسكينُ الذي يطوف على الناس تردُّه
اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان؛ ولكن المسكين الذي لا يجد غِنًى يُغْنيه،
ولا يُفطَنُ به فيُتصدَّقَ عليه، ولا يقومُ فيسألَ الناس))؛
ولفظ
المسكين هنا يتناول معنى الفقير كذلك، فهما لفظان إذا اجتمَعَا افترَقا وإذا
افترَقا اجتمَعَا؛ كلفظ الإيمان والإسلام، ولفظِ الكفر والشِّرك.
المسكين هنا يتناول معنى الفقير كذلك، فهما لفظان إذا اجتمَعَا افترَقا وإذا
افترَقا اجتمَعَا؛ كلفظ الإيمان والإسلام، ولفظِ الكفر والشِّرك.
• ﴿
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ﴾ الفاء واقعة أيضًا في جواب شرط مُقدَّر، تقديره: إذا
كان ما ذُكر من عدم المبالاة باليتيم والمسكين، من دلائل التكذيب بالدين، وموجبات
الذم والتوبيخ - فويلٌ للمصلين المذكورين بعد هذه الآية، وهم المنافقون، فهم كذلك
يُكذِّبون بالدين، والويل وعيدٌ يُستعمل عند الجريمة الشديدة.
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ﴾ الفاء واقعة أيضًا في جواب شرط مُقدَّر، تقديره: إذا
كان ما ذُكر من عدم المبالاة باليتيم والمسكين، من دلائل التكذيب بالدين، وموجبات
الذم والتوبيخ - فويلٌ للمصلين المذكورين بعد هذه الآية، وهم المنافقون، فهم كذلك
يُكذِّبون بالدين، والويل وعيدٌ يُستعمل عند الجريمة الشديدة.
فالكلام
المتصل بعضه ببعض يُفسِّر بعضُه بعضًا، ويدل آخره على معنى أوله، فالله كما ذمَّ
المنافقين المصلِّين في هذه الآية بذكر صفاتهم بعدَها، فقد مدح المصلِّين المخلصين
في آية أخرى بذكر صفاتهم بعدها، فقال سبحانه: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾ [المعارج:
22].
المتصل بعضه ببعض يُفسِّر بعضُه بعضًا، ويدل آخره على معنى أوله، فالله كما ذمَّ
المنافقين المصلِّين في هذه الآية بذكر صفاتهم بعدَها، فقد مدح المصلِّين المخلصين
في آية أخرى بذكر صفاتهم بعدها، فقال سبحانه: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾ [المعارج:
22].
ثم نعت
الله المنافقين لتحذير المسلمين أن يتشبهوا بهم، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ الَّذِينَ هُمْ
عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾[الماعون: 5] ، وجاء التعبير بـ ﴿ عَنْ ﴾ دون
"في"، في قوله: ﴿ عَنْ صَلَاتِهِمْ ﴾، فالسهو عنها بمعنى تركها والتفريط
فيها، فعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال: قلت لأبي: يا أبتاه، أرأيت قوله: ﴿
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾، أيُّنا لا يسهو؟ أيُّنا لا يُحَدِّثُ
نفسَه؟ قال: "ليس ذلك، إنما هو إضاعة الوقت، يلهو حتى يَضيعَ الوقتُ"؛
صحيح الترغيب والترهيب.
الله المنافقين لتحذير المسلمين أن يتشبهوا بهم، فقال سبحانه وتعالى: ﴿ الَّذِينَ هُمْ
عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾[الماعون: 5] ، وجاء التعبير بـ ﴿ عَنْ ﴾ دون
"في"، في قوله: ﴿ عَنْ صَلَاتِهِمْ ﴾، فالسهو عنها بمعنى تركها والتفريط
فيها، فعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال: قلت لأبي: يا أبتاه، أرأيت قوله: ﴿
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾، أيُّنا لا يسهو؟ أيُّنا لا يُحَدِّثُ
نفسَه؟ قال: "ليس ذلك، إنما هو إضاعة الوقت، يلهو حتى يَضيعَ الوقتُ"؛
صحيح الترغيب والترهيب.
وهذا
التضييعُ يكون محبطًا لأجرها، ومحبطًا لعملِ اليوم في بعض الصلوات؛ كما صحَّ عند
البخاريِّ من حديث بُرَيدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن ترك
صلاةَ العصر، فقد حبِط عملُه))، فالصلاةُ بالنسبة لباقي الأعمال كالقلب بالنسبة
للجسد؛ إذا صلَحَت صلَحَ سائر العمل، وإذا فسَدَت فسَدَ سائر العمل.
التضييعُ يكون محبطًا لأجرها، ومحبطًا لعملِ اليوم في بعض الصلوات؛ كما صحَّ عند
البخاريِّ من حديث بُرَيدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن ترك
صلاةَ العصر، فقد حبِط عملُه))، فالصلاةُ بالنسبة لباقي الأعمال كالقلب بالنسبة
للجسد؛ إذا صلَحَت صلَحَ سائر العمل، وإذا فسَدَت فسَدَ سائر العمل.
والإيمانُ
بالدين يستلزم المحافظة على الصلاة، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ
﴾ [الأنعام: 92]، وتأخيرُها عن الوقت حرامٌ بالكتاب والسُّنة، وهو بمنزلة تأخير صيام شهر رمضان إلى
شهرٍ آخرَ بدون عذرٍ، ولا يُعذَرُ بتأخير الصلاة إلا النائمُ والناسي، كما قال
النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا،
فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا
إلَّا ذَلِكَ))؛ متفق عليه.
بالدين يستلزم المحافظة على الصلاة، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَالَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ
﴾ [الأنعام: 92]، وتأخيرُها عن الوقت حرامٌ بالكتاب والسُّنة، وهو بمنزلة تأخير صيام شهر رمضان إلى
شهرٍ آخرَ بدون عذرٍ، ولا يُعذَرُ بتأخير الصلاة إلا النائمُ والناسي، كما قال
النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا،
فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا
إلَّا ذَلِكَ))؛ متفق عليه.
أما السهو
فيها، فهو مُنقصٌ لأجرها؛ فعن عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ((إنَّ الرجلَ لَينصرفُ وما كُتِبَ له إلا عُشْرُ صلاتِه، تُسعُها،
ثُمُنُها، سُبُعُها، سُدُسُها، خُمُسُها، رُبُعُها، ثُلُثُها، نِصْفُها))؛ صحيح
أبي داود.
فيها، فهو مُنقصٌ لأجرها؛ فعن عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ((إنَّ الرجلَ لَينصرفُ وما كُتِبَ له إلا عُشْرُ صلاتِه، تُسعُها،
ثُمُنُها، سُبُعُها، سُدُسُها، خُمُسُها، رُبُعُها، ثُلُثُها، نِصْفُها))؛ صحيح
أبي داود.
• ﴿
الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ ﴾ [الماعون: 6]:أي: الذين يراؤون الناس بأعمالهم
وعباداتهم، ويفعلونَها مِن أجل رؤية الناس، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ
الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى
الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ
إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142]
الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ ﴾ [الماعون: 6]:أي: الذين يراؤون الناس بأعمالهم
وعباداتهم، ويفعلونَها مِن أجل رؤية الناس، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ
الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى
الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ
إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142]
وعن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله عز وجل: أنا أغنى الشركاءِ
عن الشِّركِ، فمَن عمِلَ لي عملًا أشرَكَ فيه غيري، فأنا منه بريءٌ، وهو للذي
أشرَكَ))؛ صحيح ابن ماجه.
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله عز وجل: أنا أغنى الشركاءِ
عن الشِّركِ، فمَن عمِلَ لي عملًا أشرَكَ فيه غيري، فأنا منه بريءٌ، وهو للذي
أشرَكَ))؛ صحيح ابن ماجه.
• ﴿
وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾:َنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: "كُنَّا نَعُدُّ
المَاعُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عارِيَّةَ الدَّلْوِ
وَالقِدْرِ"؛ صحيح أبي داود، والعاريَّةُ: هي الإعارة.
وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾:َنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: "كُنَّا نَعُدُّ
المَاعُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عارِيَّةَ الدَّلْوِ
وَالقِدْرِ"؛ صحيح أبي داود، والعاريَّةُ: هي الإعارة.
وقال
البخاري: "قَالَ بَعْضُ العَرَبِ: المَاعُونُ: المَاءُ"، وفي الذين
يمنعون الماء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا يُكلِّمهم الله يوم
القيامة ولا ينظر إليهم: رجلٌ حلَفَ على سلعةٍ لقد أَعطى بها أكثر مما أَعطى وهو كاذبٌ،
ورجل حلَف على يمينٍ كاذبة بعد العصر ليقتطعَ بها مالَ رجلٍ مسلم، ورجل منع فضلَ
ماءٍ، فيقول الله: اليوم أمنعُك فضلي كما منَعتَ فضل ما لم تعمل يداك))؛ متفق
عليه.
البخاري: "قَالَ بَعْضُ العَرَبِ: المَاعُونُ: المَاءُ"، وفي الذين
يمنعون الماء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا يُكلِّمهم الله يوم
القيامة ولا ينظر إليهم: رجلٌ حلَفَ على سلعةٍ لقد أَعطى بها أكثر مما أَعطى وهو كاذبٌ،
ورجل حلَف على يمينٍ كاذبة بعد العصر ليقتطعَ بها مالَ رجلٍ مسلم، ورجل منع فضلَ
ماءٍ، فيقول الله: اليوم أمنعُك فضلي كما منَعتَ فضل ما لم تعمل يداك))؛ متفق
عليه.
ويدخل في
الماعون ما كان المسلمون فيه شركاءَ؛ كالكلأ والنار، فعن ابن عباس قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون شركاءُ في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار))؛
صحيح أبي داود.
الماعون ما كان المسلمون فيه شركاءَ؛ كالكلأ والنار، فعن ابن عباس قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون شركاءُ في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار))؛
صحيح أبي داود.
فمَن منع
إعارة الدلو والقِدر، ومنع عن غيره الماء والنار والكلأ لشدة حرصه - كان لِما هو
أكثر من ذلك أمنَعَ؛ لهذا فقد صحَّ عن عكرمة عند البخاري أنه قال عن الماعون:
"أَعْلاهَا الزَّكَاةُ المَفْرُوضَةُ، وَأَدْنَاهَا عَارِيَّةُ
المَتَاعِ".
إعارة الدلو والقِدر، ومنع عن غيره الماء والنار والكلأ لشدة حرصه - كان لِما هو
أكثر من ذلك أمنَعَ؛ لهذا فقد صحَّ عن عكرمة عند البخاري أنه قال عن الماعون:
"أَعْلاهَا الزَّكَاةُ المَفْرُوضَةُ، وَأَدْنَاهَا عَارِيَّةُ
المَتَاعِ".
فإذا احتاج
الجيران أو الإخوان إلى كتب، أو أدوات عمل، أو آلات طبخ، أو إذا احتاجوا إلى دلو
يستقُون به، أو قِدْر يطبخون فيه، أو فأس يَحفِرون بها، فعلى المسلم أن يبذل ذلك
مجانًا، وإلا كان مِن الذين يمنعون الماعون، وسيتعلق به هؤلاء يوم الدين؛ فعن ابن
عمر رضي الله عنهما قال: لقد أتى علينا زمانٌ وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه
المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحبُّ إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعتُ النبي صلى
الله عليه وسلم يقول: ((كم من جارٍ متعلِّق بجاره يوم القيامة يقول: يا ربِّ، سَلْ
هذا لِمَ أَغْلَق بابه دوني ومنعني فضله))؛ صحيح الأدب المفرد.
الجيران أو الإخوان إلى كتب، أو أدوات عمل، أو آلات طبخ، أو إذا احتاجوا إلى دلو
يستقُون به، أو قِدْر يطبخون فيه، أو فأس يَحفِرون بها، فعلى المسلم أن يبذل ذلك
مجانًا، وإلا كان مِن الذين يمنعون الماعون، وسيتعلق به هؤلاء يوم الدين؛ فعن ابن
عمر رضي الله عنهما قال: لقد أتى علينا زمانٌ وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه
المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحبُّ إلى أحدنا من أخيه المسلم، سمعتُ النبي صلى
الله عليه وسلم يقول: ((كم من جارٍ متعلِّق بجاره يوم القيامة يقول: يا ربِّ، سَلْ
هذا لِمَ أَغْلَق بابه دوني ومنعني فضله))؛ صحيح الأدب المفرد.
ولعل وجه
تخصيص دعِّ اليتيم وعدم إطعام المسكين ومنع الماعون بالذِّكر في هذه السورة - أنَّ أقبح شيء
في الطباع هو قسوة القلب والبخل، وأقبحُ شيء في العقائد هو التكذيب، وأقبح شيء في
العبادات هو ترك الصلاة والرِّياء، وبشاراتُ القرآن والسُّنة تجتمعُ في ثلاثة
أصول: إيمان، وتقوى، وعمل خالص لله تعالى على موافقة السُّنة، وضدها تجتمع في
ثلاثة أصول: تكذيب، وفجور، ورياء، قد جمعَتْها كلَّها هذه السورةُ مع قِصَرِها،
فليأتِ المُكذِّبون بسورة مثلها، وليَدْعُوا من استطاعوا مِن دون الله إن كانوا
صادقين.
تخصيص دعِّ اليتيم وعدم إطعام المسكين ومنع الماعون بالذِّكر في هذه السورة - أنَّ أقبح شيء
في الطباع هو قسوة القلب والبخل، وأقبحُ شيء في العقائد هو التكذيب، وأقبح شيء في
العبادات هو ترك الصلاة والرِّياء، وبشاراتُ القرآن والسُّنة تجتمعُ في ثلاثة
أصول: إيمان، وتقوى، وعمل خالص لله تعالى على موافقة السُّنة، وضدها تجتمع في
ثلاثة أصول: تكذيب، وفجور، ورياء، قد جمعَتْها كلَّها هذه السورةُ مع قِصَرِها،
فليأتِ المُكذِّبون بسورة مثلها، وليَدْعُوا من استطاعوا مِن دون الله إن كانوا
صادقين.
وسبحانك
اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
وصلِّ
اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire