لا تظالموا

خطبة جمعة 10
جويلية 2020

بين الرزق والقضاء

الحمد لله ربّ
العالمين نحمده تعالى ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيّئات
أعمالنا من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألاّ إله إلاّ الله
وحده لا شريك له،له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير وأشهد أنّ
سيّدنا محمّدا عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه
ولو كره المشركون وأصلّي وأسلّم على المبعوث رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا وعلى آله
وأصحابه الطيّبين الطّاهرين فصلّوا عليه وسلّموا تسليما واتقّوا الله مااستطعتم
وسدّدوا وقاربوا وأبشروا واسألوا الله حسن الختام.

عن أبي ذر الغفاري رضي الله
عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربِه عز وجل أنه قال : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ،
وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني
أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أُطعمكم ، يا عبادي كلكم
عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليلِ والنهار ،
وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي إِنكم لن تبلغوا ضري
فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم
كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم
وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجرِ قلب واحد منكم ما نقص من ملكي شيئا ، يا
عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني ، فأعطيت كل
واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عِبادي
إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد
غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه
) رواه مسلم .

إن الله ينادي يوم
القيامة يا ملائكتي أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل
النار وله عند أحد من أهل الجنة حق أنا الملك أنا الديان يا ملائكتي أنا الملك أنا
الديان لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى
أقصه منه

 ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وله
عند أحد من أهل النار حق حتى أقصه منه حتى اللطمة 

الميزان { وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ
ٱلْمِيزَانَ } * { أَلاَّ
تَطْغَوْاْ فِي ٱلْمِيزَانِ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ
وَلاَ تُخْسِرُواْ ٱلْمِيزَانَ }

 انظر الميزان .الحق
لا يريد منك أن تستر الهموم لأن ستر الهموم لا يعني انهاءها بل يريد منك أن تواجه
الهموم بالأسباب المتاحة لك فإن لم تقوى أسبابك  فإلجأ إلى المسبب في إطار قول الحق: { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ
خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }

 الله ولينا أي محب لنا عطوف
ولذلك في الحديث القدسي الذي جعل الله فيه منهج عباده المؤمنين يقول الحق عز وجل :

يا ابن
آدم لا تخافن من ذي سلطان مادام سلطلني باقيا 
وسلطاني لا ينفد أبدا  يا ابن آدم
لا تخش من ضيق الرزق وخزائني ملآنة وخزائني لا تنفد أبدا

يا ابن
آدم خلقتك للعبادة فلا تلعب وضمنت لك رزقك فلا تتعب

هذا يعني تعب
الجوارح بالعمل والقلوب تتوكل لا تعب القلوب

وعزتي
وجلالي أن رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك وكنت عندي محمودا

وإن أنت
لم ترض بما قسمته لك فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في
البرية ثم لا يكون لك منها  إلا ما قسمته
لك.

يا ابن
آدم خلقت السماوات والأرض ولم أعيا بخلقهن 
أيعييني رغيف عيش اسوقه لك ؟

يا ابن
آدم لا تسألني رزق غد كما لم أطلب منك عمل غد

ولذا
قال الحق سبحانه وتعالى ما عندكم ينفد وما عند الله باق 

خزائنه
لا تنفذ

ولو أن
أولكم وآخركم وحيكم وميتكم وشاهدكم وغائبكم من أنسكم وجنكم اجتمعوا في صعيد واحد
فسألني كل مسألته أعطيتها له ما نقص ذلك مما عندي إلا كمغرز ابرة إذا غرسه أحدكم
في بحر وذلك أني جواد وماجد وواجد عطائي كلام وعذابي كلام إنما أمري لشيء إذا
أردته أن أقول له كن  فيكون

الله الذي لا تنفذ
خزائنه يعطي خلقه  لا يبسطها على كل الخلق
كل البسط ولا يقبضها على الخلق كله كل القبض  
فيبسط على ناس ويقبض على ناس لماذا؟ لتصير حركة الحياة  للسعي والتعب

لأن الله لو أعطى
لكل الناس لاستغنى الناس عن الناس فتتوقف الحياة

إن ربك يبسط الرزق
لمن يشاء ويقدر لمن يشاء

 إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن
يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً

 وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ
ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا
رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن
قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ
وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ

والذي يحترم قدر
الله حين يقدر الله عليه ويرضى بقدر الله ويعيش في المستوى الذي قدره الله له غير
ناقم وساخط على وضعه و يرضى بقدر الله ولا يتطلع بعينه إلى ما عند الناس يقول له
ربنا رضيت بقدري أرفعك ألى مكانة أعلى عندي

ولو بسط الله
الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء

 ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ
عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ
لَهُ وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ
ٱلرَّازِقِينَ

كل شيء مكتوب وما
تسقط من ورقة إ لا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض...ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب
مبين

أيها الانسان لا
تنشغل بالرزق إلا أن تذهب إلى الرزق  وليس
تخلقه فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه

أمرك
ربنا بالسبب لتأخذ به وهو المسبب

عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله
" من أمسى كالا من عمل يديه أمسى مغفورا له"

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف والطبراني في الأوسط

معناه أنه مَن بات مُتعبًا من عمله وكسبه حتى يعيش كريمًا وينفق على أهله غفر الله
له .

كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقبل يد العامل ويقول : هذه يد يحبها الله ورسوله

عندنا هذا الكم من
الأحاديث تحث على العمل والإنتاج ونجد أنفسنا في مستوى تنمية فضيع -6

وقال عمر بن
الخطاب رضي الله عنه : إنما الأيدي خلقت لتعمل فإن لم تجد في الطاعة عملا وجدت في
المعصية أعمالا فاشغلها بالطاعة تشغلك عن المعصية   

واجب الدولة
التشغيل فتح المشاريع وأبواب الشغل أمام الشباب في داخل الوطن وخارجه

تعليمنا منذ 1987
أهمل المهن التدريب على العمل اليدوي كاصلاح السيارات والميكانيك والتجهيز
الكهربائي والبناء والنجارة والحدادة أهمل كل هذه المواد في تكوين التلميذ فاتجه
التلاميذ الى المواد العلمية والاقتصادية والأدبية النتيجة : كم هائل من أصحاب
الشهادات العليا في بطالة في انتظار الشغل ولا يستطيع أي منهم فتح ورشة لعدم
الاختصاص

الرضا بالقضاء
يرفع القضاء

يجب أن نتربى
جميعا نرضى بالقضاء ليرفع القضاء

من رضي بقدَري
أعطيته على قدْري

فاصبر كما صبر
أولو العزم

سيدنا يوسف صبر أم
لم يصبر؟

الغربة و البئر و
السجن النتيجة رفع ابويه على العرش

كان راض بقدر الله
ويسعى جاهدا لتغييره : اذكرني عند ربك

الآخرة مكنا ليوسف
في الأرض

المسألة ترضى
بالقضاء  يرفع عنك القضاء

إذا أصابك شيء
تكرهه اسأل نفسك هل أنت السبب أم لا؟

حاول اصلاح نفسك
ليرفع القضاء

وأن كان من عند
الله ففي ذلك حكمة فارض واصبر وادعو حتى يرفع القضاء

نفر من قدر الله
إلى قدر الله بالدعاء والسعي والجهد

هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- عَلَى
مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيهِ في قَوله عَزَّ
مِنْ قَائلٍ عَلِيمٍ: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى
النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا" [الأحزاب:56].

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ أجمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ
لَهُم بإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ...

اللهمّ لك الحمد على نعمك الجليلة وآلائك العظيمة ولك
الحمد أن هديتنا إلى الصّراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم
ولا الضّالين  اللهمّ فزدنا يقينا وهداية وتوفيقا وسدادا ورشادا ، أرنا
الحقّ حقّا وارزقنا اتّباعه وأرنا الباطل باطلا وجنّبنا اتّباعه

اللهمّ إنّا نسألك بأنك الله لا إله إلاّ أنت بجلالك
ونور وجهك الذي ملأ أركان عرشك  وبنورك الذي ملأ السّماوات والأرض أن
تجعل لنا نصيبا من هذا النّور فتنوّر به قلوبنا وأبصارنا وأسماعنا وأن تجعله عن
أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ومن تحتنا وأن تجعل لنا نورا في حياتنا كلّها
تحمينا به من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا ومن وساوس الشّياطين ومن كيد
الكائدين ومكر الماكرين وحسد الحاسدين وسحر السّحرة الفاسقين 

اللهمّ إنّا نسألك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا
وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا ونور عقولنا وشفاء صدورنا وشفاء لنا من كلّ داء وكاشفا
لكلّ بلاء اللهمّ ذكّرنا منه ما نسّينا وعلّمنا منه ما جهلنا واجعلنا ممّن يقرأه
آناء الليّل وأطراف النّهار على الوجه الذي يرضيك عنّا وعلّمه لأبنائنا وزوجاتنا
واحفظهم به من الزّيغ والأهواء وكيد الأعداء واحفظهم من شرّ الطّريق ومن فتن
اللّيل والنّهار ومن طوارق اللّيل والنّهار إلاّ طارقا يطرق بخير يا رحمن

اللهمّ لا تجعل
الدّنيا أكبر همّنا ولا مبلغ علمنا اجعلها يا ربّنا بين أيدينا ولا تجعلها في
قلوبنا اللهمّ اشف مرضانا وعاف مبتلانا واهد ضالّنا وثبّتنا على الهدى والصّلاح
والاستقامة  يا من قلت وقولك الحقّ ادعوني أستجب لكم لا تردّنا يا ربّنا
خائبين فإنّك تقدر ولا نقدر ولا حول ولا قوّة لنا إلاّ بك فلا تكلنا إلى أنفسنا
طرفة عين  اللهمّ انصر كلّ من نصر الدّين واخذل كلّ من خذل الإسلام
والمسلمين  وارحم والدينا وجازي المتصدّقين والمحسنين وكلّ المساهمين في بيوت
الله وكلّ من ساهم في جامعنا هذا بالمال والجهد والتدبير والنّظافة والتّنوير
اللهمّ ابن لهم جميعا قصرا في الجنّة وبارك لهم في أموالهم وصحّتهم وذرّياتهم ما
أحييتهم  والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا
الله