سورة الاخلاص تعدل ثلث القرآن

تفسير سورة الإخلاص

سورة الإخلاص وتوحيد الله تبارك وتعالى

الحمد لله رب العالمين الحمد لله نحمده ونستعينه
ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا أشهد أن
لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له ,له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت
بيده الخير وهو على كل شيء قدير وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وأسوتنا وقدوتنا وإمامنا
محمد بن عبد الله المجتبى ورسوله المصطفى أدى الأمانة وبلغ الرسالة وتركنا على
المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يضل عنها إلا فاسق ولا يزيغ عنها إلا هالك اللهم
آت سيدنا محمد الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه اللهم المقام المحمود الذي
وعدته إنك لا تخلف الميعاد. اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما وانتشارنا من بعده
انتشارا آمنا معصوما ولا تجعل فينا ولا معنا ولا منا شقيا عاصيا محروما اللهم
نسألك غيثا نافعا مدرارا تعم به البلاد يا أرحم الراحمين .

تُسمى السُورة بِعدة أسماء، ومِنها:

• ‏سورة ‏الإخلاص، وهو أشهر الأسماء، وقد سُميت بذلك
لأمرين الأمر الأول أن الله أخلصها لنفسه فليس فيها إلا الكلام عن الله سبحانه
وتعالى وصفاته والثاني أنها تُخَلِص قائلها من الشرك إذا قرأها معتقداً ما دلت
عليه

• سورة الصمد؛ لأنها مختصة بِذكر الله تعالى.

• سورة النجاة؛ لأنها تنجي عن التشبيه والكفر في الدنيا،
وعن النار في الآخرة.

• سورة المانعة، فقد روى ابن عباس أنه تعالى قال لنبيه
حين عرج به: أعطيتك سورة الإخلاص وهي من ذخائر كنوز عرشي، وهي المانعة تمنع عذاب
القبر ولفحات النيران.

سبب نزولها :روى الضحاك أن المشركين أرسلوا إلى رسول
الله عامر بن الطفيل فقال له عنهم: شققت عصانا (فرّقت كلمتنا)، وسببت آلهتنا،
وخالفت دين آبائك، فإن كنت فقيرا أغنيناك، وإن كنت مجنونا داويناك، وإن كنت قد
هويت امرأة زوجناكها فقال رسول الله: لست بفقير ولا مجنون، ولا هويت امرأة، أنا
رسول الله، أدعوكم من عبادة الأصنام إلى عبادته، فأرسلوه ثانية وقالوا: قل له:
بيّن لنا جنس معبودك، أم من ذهب أم من فضة؟ فأنزل الله هذه السورة.

هذه السورة الصغيرة تعدل ثلث القرآن كما جاء في الروايات
الصحيحة. قال البخاري: حدثنا إسماعيل: حدثني مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن
الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعد، " أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ: {قل
هو الله أحد} يرددها. فلما أصبح جاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فذكر ذلك له
ـ وكأن الرجل يتقالها ـ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: والذي نفسي بيده، إنها
لتعدل ثلث القرآن " ·

وليس في هذا من غرابة. فإن {قل هو الله أحد} عقيدة ،
وتفسير للوجود، ومنهج للحياة..

عقيدة أن لنا وللكون خالق واحد أحد منه نفهم سبب وجودنا
على الأرض ودورنا فوقها وإلى أين مصيرنا وهو يرسم لنا منهج حياتنا

{قل هو الله أحد}.. وهو لفظ أدق من لفظ
"واحد".. لأنه يضيف إلى معنى "واحد" أن لا شي ء غيره معه. وأن
ليس كمثله شيء.

وإعلان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله واحد
لاشريك له يعتبر أمرا غريبا في ذلك الزمان " وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم
مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } * {
أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ }
وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ
إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } * { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ
ٱلآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ }

كان أمرا عجيبا رغم أن الأنبياء من نوح عليه السلام
مرورا بابراهيم وإلى موسى وعيسى دعوا إلى توحيد الله, كلمتهم واحدة :" لَقَدْ
أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا
لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ
عَظِيمٍ"

والمسيحيون حرفوا الانجيل وجعلوا الله ثالث ثلاثة
:" لَّقَدْ كَفَرَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ
وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا
يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"(الله
المسيح وأمه)

أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم مدويه :لا إلاه إلا
الله وقل هو الله أحد "في زمن تعددت فيه خرافات الآلهة المتعددة وانتشرت في
كل بلاد وفي كل حضارة ففي اليونان جعلوا 12 إلاها سيدهم زيوس الإلاه الأكبر ثم
تأني الإلاهة "هيرا" وهي زوجة زيوس وأخته وهي ربة الزواج وربة النساء ثم
الإلاهة أفروديت إلهة الحب والجمال وأرتميس إلاه الحيوانات وبوسيدون إلاه البحار
وأريس إلاه الحرب وأولمب إلاه الرياضة.وكلهم يتخاصمون ويتصارعون.

وكان للهند في ذلك الزمان ما يفوق المليون إلاه

وكان اعلان وحدانية الله قفزة عظيمة لتحرر الشعوب من
الخرافات فكانت سورة الإخلاص تعلن أن الله أحد

فليس هناك حقيقة إلا حقيقة الله . وليس هناك وجود حقيقي
إلا وجود الله. وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من الله ، ويستمد حقيقته من الله.

فإذا استقر هذا التفسير، ووضح هذا التصور، خلص القلب من
كل تعلق بغير الله

وحين يبلغ المؤمن هذه درجة يرى فيها القلبُ يد الله في
كل شيء يراه.

ويَرُدُ كل شيء وكل حدث وكل حركة إلى الله الذي منه
صدرت، وبه تأثرت.. وهذه هي الحقيقة التي عني القرآن عناية كبيرة بتقريرها في
التصور الإيماني. ومن ثم كان ينحي الأسباب الظاهرة دائماً ويصل الأمور مباشرة
بمشيئة الله: {وما رميت إذ رميت ولـكن الله رمى} {وما النصر إلا من عند الله} {وما
تشاءون إلا أن يشاء الله} وغيرها كثير..

ورد الأمر إلى مشيئة الله وحدها، تسكُب في القلب
الطمأنينة، ويعرف المتجهَ الوحيد الذي يطلب عنده ما يرغب، ويتقي عنده ما يرهب،

من هنا ينبثق منهج كامل للحياة، وهو منهج للتلقي عن الله
وحده. تلقي العقيدة (من أين جيئنا ولماذا خلقنا وماهو مصيرنا والبعث )والقيم
(كالبر والإحسان والرحمة والسخاء )، والشرائع والقوانين والآداب وماهو خير وماهو
شر ومت هو حلال وماهو حرام

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى
ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً

ومن كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله الكريم وسيرة الصحابة
رضي الله عنهم استمد المسلمون نظامهم المالي الإسلامي ونظامهم التربوي ونظامهم
الاقتصادي ونظامهم السياسي ونظامهم الاجتماعي .القرآن مصدر التشريع يعلو ولا يعلى
عليه وهذا هو التوحيد العملي التطبيقي فقل هو الله أحد تعني أن لا كلمة ولا تشريع
ولا قانون يعلو فوق تشريع الله وكلمة الله "وكلمة الله هي العليا"وهي
أعلى وأسمى من المواثيق الدولية وتوصيات اللوبيات العالمية

{الله الصمد}.. ومعنى الصمد اللغوي: السيد المقصود الذي
لا يقضى أمراً إلا بإذنه. والله ـ سبحانه ـ هو السيد الذي لا سيد غيره، وهو
المقصود وحده بالحاجات، المجيب وحده لأصحاب الحاجات. وهو الذي يقضي في كل أمر
بإذنه، ولا يقضي أحد معه.. فإليه وحده المتجه وعليه وحده نتوكل .

{لم يلد ولم يولد}.. فحقيقة الله ثابتة أبدية أزلية، وهذا رد واضج وجلي على خرافات
أهل الكتاب من يهود ونصارى الذين جعلوا لله الولد :" وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ
عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ
قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ
قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ"

ورد على قريش التي نسبت لله البنات "وَيَجْعَلُونَ
لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ"

"فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ
ٱلْبَنُونَ"

{ولم يكن له كفواً أحد}.. أي لم يوجد له مماثل أو مكافئ.
لا في حقيقة الوجود، ولا في حقيقة الفاعلية، ولا في أية صفة من الصفات الذاتية.
وهذا كذلك يتحقق بأنه {أحد}

هذه السورة إثبات وتقرير لعقيدة التوحيد الإسلامية، كما
أن سورة "الكافرون" نفي لأي تشابه أو التقاء بين عقيدة التوحيد وعقيدة
الشرك.. وكل منهما تعالج حقيقة التوحيد من وجه. وقد كان الرسول ـ صلى الله عليه
وسلم ـ يستفتح يومه ـ في صلاة سنة الفجر ـ بالقراءة بهاتين السورتين.. وكان لهذا
الافتتاح معناه ومغزاه..

خطبة2

بركة سورة الإخلاص:

سبب لقبول الدعاء سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً
يقول : "اللهم ! إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت ، الأحد
الصمد،الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفؤا أحد" فقال عليه الصلاة والسلام
: "لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطي وإذا دعي به أجاب" سبب
للشفاء مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "بسم الله الرحمن
الرحيم أعيذك بالله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولدولم يكن له كفواً أحد من شر
ما تجد" قالها مرارا ..

• حب الله لمحبها: عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى
الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ قل هو
الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سلوه لأي شيء
يصنع ذلك؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه.

·      
أسألك اللهم أن تتولانا بولايتك وأن
تهدينا بهدايتك , وأن
تجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن ترينا الحق حقا وأن ترزقنا اتباعه وأن ترينا
الباطل باطلا وأن ترزقنا اجتنابه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم إن
الله يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي
يعظكم لعلكم تذكرون

·      
اذكروا الله يذكركم وقوموا إلى صلاتكم
يرحمكم الله.