خطبة حديث السفينة

حديث السفينة خطبة 4أكتوبر 2019

الحمد لله،
الحمد لله العلي العظيم، الجوادُ الكريم، أحمدُه - سبحانه - على نعمه، وأشكرُه على
فضله واحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ توحيدٍ يأتي
صاحبُها آمنًا يوم القيامة ، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسوله
علَّمه ربُّه ما لم يكن يعلم، وجعلَ أمَّتَه خيرَ الأمم، صلَّى الله عليه وبارَك
وسلَّم، وعلى آله الطيبين الطاهرين نالُوا بهذا الدين عِزًّا وسُلطانًا، وعلى
أصحابه الغُرِّ الميامين كانوا على الحق والخير إخوانًا وأعوانًا، والتابعين ومن
تبِعَهم بإحسانٍ ممن إذا ذُكِّروا بآيات ربِّهم زادَتهم إيمانًا، وسلَّم تسليمًا
كثيرًا.

قال الله
تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا
الْعَالِمُونَ} [العنكبوت:43] والتمثيل يبرز المعاني في صورة حية تستقر في الأذهان
بتشبيه المعقول بالمحسوس وقياس النظير على النظير.وضرب الأمثال من أفضل الوسائل التربوية
والبيداغوجية

 مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ
كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ
ٱلْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ

 وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ
يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً
وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّـٰهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ

عن
النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ
وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ
بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي
أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ،
فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ
فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ
أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا
"[1].

شبه رسول
الله صلى الله عليه وسلم المجتمع بسفينة في بحر وسط موج كالجبال تواجه صعوبات
أعداء إرهاب فساد مشاكل اقتصادية والسفينة تبحث عن بر الأمان

استهموا أي
رموا سهامهم تقاسموا المواقع تقاسموا السلطة بالاختيار أو بالانتخاب

جماعة فوق
السفينة وجماعة في الطابق السفلي ورضي كل بنصيبه

كل مجموعة
لديها مصالح ترعاها

جماعة الأسفل
في حاجة إلى الماء يصعدون ويمرون على من فوقهم ربما الحاق شيء من الازعاج والضرر
لهم وربما جراء التعب

فقالوا : لو
خرقنا في نصيبنا خرقا فنملأ الماء دون إيذاء غيرنا

تصوروا أنهم
أحرار لديهم كامل الحرية في التصرف في نصيبهم 
هو حر

لا سيدي لست
حرا لأنك ستضر الجميع

قال رسول
الله فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا

لن تصل
السفينة إلى بر الأمان وستغرق وسيهلك الجميع الصالح و المفسد   الخير
والشرير الطيب والخبيث

قال رسول
الله وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا

المسؤولية
جماعية

وحديثنا قياس
تونس سفينة اليوم في موج كالجبال وفي مفترق طريق والأعداء يحيطون بها من كل
مكان  يحاولون التدخل لرعاية مصالحهم مع
مشاكل داخلية اقتصادية واجتماعية ودينية ...

وفي الداخل
من أبناء المجتمع من راكبي السفينة هناك من يحاول ثقبها واغراقها لا أقول متعمدا
بل يظن أنه مصلح بحثا عن مصلحته أولا فيفسد ..وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض
قالوا إنما نحن مصلحون

لأنه غالبا
ما يتكلم المفسد بلغة الصالح لكننا نحن جميعا نعرف جيدا الصالح والفاسد

فإن تركنا
المنكر بلا انكار ولا مكافحة للفساد هلكنا جميعا

والعامة
يعذبون بفعل الخاصة

عَنْ عَبْدِاللَّهِ
بنِ عُمَرَ، قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ
بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ
فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ،
وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا،
وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ،
وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا
زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا
الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ
رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ،
فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ
بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، إِلَّا جَعَلَ
اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ».

في سفينتنا 3
فئات يركبون معنا السفينة وسط هذا البحر الهائج

فئة المفسدين
يرتكبون المنكر مصيرهم الهلاك

وَإِذَا
تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ
وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ

فئة الساكتين
مصيرهم الهلاك

فئة
المصلحين  النجاة سيقودون البلاد إلى بر
الأمان

كيف
؟بالإصلاح  بالضرب على يد المفسد بابعاده
عن قيادة السفينة بكف أذاه

الهدف : ليس
القضاء على الفساد برمته فذلك مستحيل بل التقليل منه وجعل قيم الصلاح هي السائدة
لا قيم الفساد فساد فيه ظلم وأكل أموال الناس بالباطل والغش والصفقات المشبوهة
وتبييض الأموال والرشوة والمال السياسي الفاسد

قال تعالى : ظَهَرَ
ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ
لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ

ظهرت نتائجه
بما كسبت أيدي الناس  الرجوع ممكن للصلاح

اللهم أعنا
على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

اللهم ق
بلادنا شر الفساد والمفسدين وردنا إليك ردا جميلا واصلح حال ولاة أمورنا يا رب
العالمين

الخطبة 2 ربما
يقول بعضكم من أنا حتى أكف شر المفسدين ؟ من أنا حتى أمنع الفاسدين ؟

نعم أنت قادر
على ذلك كل الأحزاب وكل رجال السياسية يرفعون شعار مكافحة الفساد ...كلهم متفقون
على أن الفساد نخر المجتمع والحفرة في قاع السفينة تكبر والبلاد مهددة بالغرق
والمفتاح في يدك وتونس جعلها الله اليوم أمانة بين يديك

الله أعطاك
الفرصة لتغير لتنقذ البلاد

هذا الأحد
الانتخابات التشريعية  ستختار من يمثلك في
مجلس النواب من سيسن القوانين من سيخطط لمستقبل أبنائك  من سيسعى لايصال صوتك  والأحد المقبل ستختار رئيس البلاد  القائد الأعلى للقوات المسلحة  حامي حمى الوطن و حامي الدستور  لا تبق ساكتا مكتوف الأيدي بل عليك أن تغير
صوتك أمانة صوتك من ذهب صوتك نعمة من الله إليك يحسدك أغلب شعوب الدول العربية
عليه أنت حر ستختار بكل حرية دون وصاية صوتك غال اياك أن تبيعه بالأموال ولا
بقارورة عسل  لا تبع صوتك لتحرم من إرادتك
اذهب وانتخب واختر من تشاء لكن إعلم أن تونس أمانة جعلها الله بين يديك واعلم أنك
في خلوتك وأنت تنتخب لست وحدك فالله معك يراقبك ويسألك عن هذه النعمة وهذة الأمانة
نعمة الحرية نعمة الاختيار نعمة الشعور بأنك تساهم في رفعة بلادك

اذهب وانتخب
وخذ معك أبنائك الصغار ليشاهدوا ويتعلموا حتى ترسخ في قلوبهم وأذهانهم نسمات
الحرية وحتى يتعودوا منذ الصغر أن سفينتنا صغيرة وأننا تتسع لنا جميعا مهما كانت أفكارنا
وأن الصندوق هو السبيل الوحيد لحل صراعاتنا الفكرية واختياراتنا ..

فاتقوا الله - رحمكم الله -، وأصلِحوا واعمَلوا
صالحًا، وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ
خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:
56].

هذا؛ وصلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهداة، والنعمة
المُسداة: نبيِّكم محمدٍ رسول الله؛ فقد أمركم بذلك ربُّكم في محكم تنزيله، فقال -
وهو الصادقُ في قِيلِه - قولاً كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك سيِّدنا
ونبيِّنا محمد الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى
أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر،
وعثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم
الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ
الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين،
وسائر أعداء الملَّة والدين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاة
أمورنا،

واجعل اللهم ولايتَنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك
يا رب العالمين.

اللهم وفِّق ولاةَ أمور المسلمين للعمل بكتابك
وبسنَّة نبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع
كلمتَهم على الحق والهدى يا رب العالمين.

اللهم احفظ المسلمين  في سوريا وفي العراق وفي ليبيا ، اللهم اجمع
كلمتَهم، واحقِن دماءَهم، اللهم اشفِ مريضَهم، وارحم ميِّتَهم، وآوِي شريدَهم،
اللهم واجمع كلمتَهم، وأصلِح أحوالَهم، اللهم واجعل لهم من كل همٍّ فرجًا، ومن كل
ضيقٍ مخرجًا، ومن كل بلاءٍ عافيةً، اللهم انصرهم على عدوِّك وعدوِّهم.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن
الفقراء، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أنزِل علينا الغيثَ ولا
تجعلنا من القانِطين، اللهم إنا نستغفِرُك إنك كنتَ غفَّارًا، فأرسِل السماءَ
علينا مِدرارًا،

عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [يونس: 85]، رَبَّنَا آتِنَا فِي
الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ [البقرة: 201].

عباد الله:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ
وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ
يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ[النحل: 90].

فاذكُروا اللهَ يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم،
ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلمُ ما تصنَعون