قيل { هَلْ } بمعنى قد وهو ظاهر كلام قطرب حيث قال: أي قد جاءك يا محمد حديث
الغاشية والمختار أنه للاستفهام وهو استفهام أريد به التعجيب مما في حيزه والتشويق
إلى استماعه والإشعار بأنه من الأحاديث البديعة التي حقها أن تتناقلها الرواة
ويتنافس في تلقنها الوعاة وأخرج ابن أبـي حاتم عن عمرو بن ميمون قال "
مر النبـي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ
ٱلْغَـٰشِيَةِ } فقام عليه الصلاة والسلام يستمع ويقول نعم قد جاءني "
والغاشية القيامة كما قال سفيان والجمهور وأطلق عليها ذلك لأنها تغشى الناس
بشدائدها وتكتنفهم بأهوالها. وقال محمد بن كعب وابن جبير هي النار من قوله
تعالى:{ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمْ ٱلنَّارُ } [إبراهيم: 50] وقوله
سبحانه:{ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [الأعراف: 41] وليس بذاك فإن
ما سيروى من حديثها ليس مختصاً بالنار وأهلها بل ناطق بأحوال أهل الجنة أيضاً.
الغاشية والمختار أنه للاستفهام وهو استفهام أريد به التعجيب مما في حيزه والتشويق
إلى استماعه والإشعار بأنه من الأحاديث البديعة التي حقها أن تتناقلها الرواة
ويتنافس في تلقنها الوعاة وأخرج ابن أبـي حاتم عن عمرو بن ميمون قال "
مر النبـي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ
ٱلْغَـٰشِيَةِ } فقام عليه الصلاة والسلام يستمع ويقول نعم قد جاءني "
والغاشية القيامة كما قال سفيان والجمهور وأطلق عليها ذلك لأنها تغشى الناس
بشدائدها وتكتنفهم بأهوالها. وقال محمد بن كعب وابن جبير هي النار من قوله
تعالى:{ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمْ ٱلنَّارُ } [إبراهيم: 50] وقوله
سبحانه:{ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [الأعراف: 41] وليس بذاك فإن
ما سيروى من حديثها ليس مختصاً بالنار وأهلها بل ناطق بأحوال أهل الجنة أيضاً.
وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا
رَوَاسِىَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ
ٱثْنَيْنِ يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ سورة الرعد
رَوَاسِىَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ
ٱثْنَيْنِ يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ سورة الرعد
وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا
وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا
أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ
أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
سورة يونس
وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا
أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ
أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
سورة يونس
فقال جل وعلا
وجوه يومئذٍ { خَـٰشِعَةٌ } والمراد بخاشعة ذليلة ولم توصف بالذل ابتداء لما في
وصفها بالخشوع من الإشارة إلى التهكم وأنها لم تخشع في وقت ينفع فيه الخشوع وكذا
حال وصفها بالعمل في قوله سبحانه: { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ }.
وجوه يومئذٍ { خَـٰشِعَةٌ } والمراد بخاشعة ذليلة ولم توصف بالذل ابتداء لما في
وصفها بالخشوع من الإشارة إلى التهكم وأنها لم تخشع في وقت ينفع فيه الخشوع وكذا
حال وصفها بالعمل في قوله سبحانه: { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ }.
أي عاملة في ذلك اليوم تعبة فيه وذلك
في النار على ما روي عن ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة وعملها فيها على ما قيل
جر السلاسل والأغلال والخوض فيها خوض الإبل في الوحل والصعود والهبوط في تلالها
ووهادها وذلك جزاء التكبر عن العمل وطاعة الله تعالى في الدنيا. وعن زيد بن أسلم
أنه قال أي عاملة في الدنيا ناصبة فيها لأنها على غير هدى فلا ثمرة لها إلا النصب
وخاتمته النار
في النار على ما روي عن ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة وعملها فيها على ما قيل
جر السلاسل والأغلال والخوض فيها خوض الإبل في الوحل والصعود والهبوط في تلالها
ووهادها وذلك جزاء التكبر عن العمل وطاعة الله تعالى في الدنيا. وعن زيد بن أسلم
أنه قال أي عاملة في الدنيا ناصبة فيها لأنها على غير هدى فلا ثمرة لها إلا النصب
وخاتمته النار
أي ظهر لهم يومئذ أنها كانت خاشعة
عاملة ناصبة في الدنيا من غير نفع وأما قبل ذلك اليوم فكانوا يحسبون أنهم يحسنون
صنعاً
عاملة ناصبة في الدنيا من غير نفع وأما قبل ذلك اليوم فكانوا يحسبون أنهم يحسنون
صنعاً
وحديث الحوض : " فيذاد أقوام عن حوضي ، فأقول : أمتي أمتي ، فيقال : إنك لا تدري ماذا أحدثوا
بعدك ; إنهم غيروا وبدلوا " .
بعدك ; إنهم غيروا وبدلوا " .
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا
ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ
ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون
ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ
ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون
بلغت إناها أي غايتها في الحر فهي متناهية فيه كما في قوله
تعالى:{ وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } [الرحمن: 44
تعالى:{ وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } [الرحمن: 44
مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن
مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ
مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى
وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ
خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُم سورة محمد
مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ
مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى
وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ
خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُم سورة محمد
وقد أخبر الله تعالى عن شراب الكافر فقال سبحانه ﴿ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ ﴾ أَيْ: مِنْ مَاءٍ هُوَ صَدِيدٌ في لونه وريحه
وطعمه، مع شدة حرارته، وَهُوَ مَا يَسِيلُ مِنْ أَبْدَانِ الْكُفَّارِ مِنَ
الْقَيْحِ وَالدَّمِ حال تعذيبهم. ومن قبح لونه وريحه وطعمه ﴿ يَتَجَرَّعُهُ
وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ المَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ
بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾
[إبراهيم:17]. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: ﴿ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ
يَتَجَرَّعُهُ ﴾ [إبراهيم: 17]
وطعمه، مع شدة حرارته، وَهُوَ مَا يَسِيلُ مِنْ أَبْدَانِ الْكُفَّارِ مِنَ
الْقَيْحِ وَالدَّمِ حال تعذيبهم. ومن قبح لونه وريحه وطعمه ﴿ يَتَجَرَّعُهُ
وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ المَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ
بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾
[إبراهيم:17]. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: ﴿ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ
يَتَجَرَّعُهُ ﴾ [إبراهيم: 17]
أن المراد ما هو ضريع حقيقة وقيل هو
شجرة نارية تشبه الضريع وأنت تعلم أنه لا يعجز الله تعالى الذي أخرج من الشجر
الأخضر ناراً أن ينبت في النار شجر الضريع نعم يؤيد ما قيل ما حكاه في «البحور
الزاخرة» عن البغوي عن ابن عباس يرفعه «الضريع شيء في النار شبه الشوك أمر من
الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حراً من النار» فإن صح فذاك وقال ابن كيسان هو طعام
يضرعون عنده ويذلون ويتضرعون إلى الله تعالى طلباً للخلاص منه فسمي بذلك وعليه
يحتمل أن يكون شجراً وغيره
شجرة نارية تشبه الضريع وأنت تعلم أنه لا يعجز الله تعالى الذي أخرج من الشجر
الأخضر ناراً أن ينبت في النار شجر الضريع نعم يؤيد ما قيل ما حكاه في «البحور
الزاخرة» عن البغوي عن ابن عباس يرفعه «الضريع شيء في النار شبه الشوك أمر من
الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حراً من النار» فإن صح فذاك وقال ابن كيسان هو طعام
يضرعون عنده ويذلون ويتضرعون إلى الله تعالى طلباً للخلاص منه فسمي بذلك وعليه
يحتمل أن يكون شجراً وغيره
عبارة عن اضطرارهم عند أكل الضريع
والتهابه في بطونهم إلى شيء مائع بارد ليطفؤه من غير أن يكون لهم التذاذ بشربه أو
استفادة قوة به في الجملة وهو المعني بما روي أنه تعالى يسلط عليهم الجوع بحيث يضطرون
إلى أكل الضريع فإذا أكلوه سلط عليهم العطش فاضطروا إلى شرب الحميم فيشوي وجوههم
ويقطع أمعاءهم أعاذنا الله تعالى وسائر المسلمين من ذلك
والتهابه في بطونهم إلى شيء مائع بارد ليطفؤه من غير أن يكون لهم التذاذ بشربه أو
استفادة قوة به في الجملة وهو المعني بما روي أنه تعالى يسلط عليهم الجوع بحيث يضطرون
إلى أكل الضريع فإذا أكلوه سلط عليهم العطش فاضطروا إلى شرب الحميم فيشوي وجوههم
ويقطع أمعاءهم أعاذنا الله تعالى وسائر المسلمين من ذلك
1- قال الله تعالى: {إِنَّ
شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي
الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)}[الدخان/43-
46].
2- وقال الله تعالى: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ
(62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ
تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ
(65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ
إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ
لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)} [الصافات/62- 68].
شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي
الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)}[الدخان/43-
46].
2- وقال الله تعالى: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ
(62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ
تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ
(65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ
إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ
لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)} [الصافات/62- 68].
شروع في رواية حديث أهل الجنة وتقديم حكاية أهل النار لأنه أدخل في تهويل
الغاشية وتفخيم حديثها ولأن حكاية حسن حال أهل الجنة بعد حكاية سوء حال أهل النار
مما يزيد المحكي حسناً وبهجة والكلام والناعمة إما من النعومة وكنى بها عن البهجة
وحسن المنظر أي وجوه يومئذٍ ذات بهجة وحسن كقوله تعالى:{ تَعْرِفُ فِي
وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } [المطففين: 24] أو من النعيم أي وجوه
يومئذ متنعمة.
الغاشية وتفخيم حديثها ولأن حكاية حسن حال أهل الجنة بعد حكاية سوء حال أهل النار
مما يزيد المحكي حسناً وبهجة والكلام والناعمة إما من النعومة وكنى بها عن البهجة
وحسن المنظر أي وجوه يومئذٍ ذات بهجة وحسن كقوله تعالى:{ تَعْرِفُ فِي
وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } [المطففين: 24] أو من النعيم أي وجوه
يومئذ متنعمة.
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ
{
لِّسَعْيِهَا } أي لعملها الذي عملته في دار الدنيا وهو متعلق بقوله تعالى: {
رَّاضِيَةٍ } فكأنه قيل: راضية بسعيها كما أخرجه عنه ابن أبـي حاتم رضيت عملها
ورضاها به أنه محمود العاقبة مجازى عليه أعظم الجزاء وأحسنه أي لثواب سعيها راضية
وجوز لأجل سعيها في طاعة الله تعالى راضية حيث أوتيت ما أوتيت من الخير
لِّسَعْيِهَا } أي لعملها الذي عملته في دار الدنيا وهو متعلق بقوله تعالى: {
رَّاضِيَةٍ } فكأنه قيل: راضية بسعيها كما أخرجه عنه ابن أبـي حاتم رضيت عملها
ورضاها به أنه محمود العاقبة مجازى عليه أعظم الجزاء وأحسنه أي لثواب سعيها راضية
وجوز لأجل سعيها في طاعة الله تعالى راضية حيث أوتيت ما أوتيت من الخير
لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً
وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً
وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً
{ وُجُوهٌ
يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } * { لِّسَعْيِهَا
رَاضِيَةٌ } * { فِي جَنَّةٍ
عَالِيَةٍ } * { لاَّ تَسْمَعُ
فِيهَا لاَغِيَةً} * { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ }
* { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } * { وَأَكْوَابٌ
مَّوْضُوعَةٌ } * { وَنَمَارِقُ
مَصْفُوفَةٌ } * { وَزَرَابِيُّ
مَبْثُوثَةٌ }
يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } * { لِّسَعْيِهَا
رَاضِيَةٌ } * { فِي جَنَّةٍ
عَالِيَةٍ } * { لاَّ تَسْمَعُ
فِيهَا لاَغِيَةً} * { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ }
* { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } * { وَأَكْوَابٌ
مَّوْضُوعَةٌ } * { وَنَمَارِقُ
مَصْفُوفَةٌ } * { وَزَرَابِيُّ
مَبْثُوثَةٌ }
وعُني بقوله { مَوْضُوعَةٌ } أنها موضوعة على حافة العين الجارية،
كلما أرادوا الشرب، وجدوها ملأى من الشراب. وقوله { وَنمارِقُ مَصْفُوفَةٌ } يعني
بالنمارق الوسائد والمرافق والنمارق واحدها نُمْرُقة،
كلما أرادوا الشرب، وجدوها ملأى من الشراب. وقوله { وَنمارِقُ مَصْفُوفَةٌ } يعني
بالنمارق الوسائد والمرافق والنمارق واحدها نُمْرُقة،
{ أَفَلاَ
يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ }
* { وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ } * { وَإِلَىٰ
ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } * { وَإِلَى
ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ }
يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ }
* { وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ } * { وَإِلَىٰ
ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } * { وَإِلَى
ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ }
قوله تعالى : أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر
توجيه الأنظار إلى تلك المذكورات الأربعة ; لما فيها
من عظيم الدلائل على القدرة ، وعلى البعث ، وثم الإقرار لله تعالى بالوحدانية
والألوهية ، نتيجة لإثبات ربوبيته تعالى لجميع خلقه .
أما الإبل : فلعلها أقرب المعلومات للعرب ، وألصقها
بحياتهم في مطعمهم من لحمها ومشربهم من ألبانها ، وملبسهم من أوبارها وجلودها ،
وفي حلهم وترحالهم بالحمل عليها ، مما لا يوجد في غيرها في العالم كله لا في الخيل
ولا في الفيلة ، ولا في أي حيوان آخر ، وقد وجه الأنظار إليها مع غيرها في معرض
امتنانه تعالى عليهم في قوله : [ ص: 517 ] أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون [
36 \ 71 - 73 ] .
وكذلك في خصوصها في قوله : والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف
رحيم [ 16 \ 5 - 7 ] .
إنها نعم متعددة ومنافع بالغة لم توجد في سواها
البتة ، وكل منها دليل على القدرة بذاته . أما الجبال : فهي مما يملأ عيونهم في كل
وقت ، ويشغل تفكيرهم في كل حين ; لقربها من حياتهم في الأمطار والمرعى في سهولها ،
والمقيل في كهوفها وظلها ، والرهبة والعظمة في تطاولها وثباتها في مكانها . وقد
وجه الأنظار إليها أيضا في موطن آخر في قوله تعالى : ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا [ 78 \ 6 - 7 ] ، ثوابت كما بين تعالى أنها رواسي للأرض أن تميد بكم والجبال
أرساها متاعا
لكم ولأنعامكم فهي
مرتبطة بحياتهم وحياة أنعامهم كما أسلفنا .
أما السماء ورفعها : أي : ورفعتها في خلقها ، وبدون
عمد ترونها ، وبدون فطور أو تشقق على تطاول زمنها ، فهي أيضا محط أنظارهم ، وملتقى
طلباتهم في سقيا أنعامهم .
ومعلوم أن خلق السماء والأرض من آيات الله الدالة
على البعث ، كما تقدم مرارا .
وتقدم للشيخ عند قوله تعالى : إن في خلق السماوات والأرض الآية [ 2 \ 164 ] . بيان كونها آية . أما الأرض
وكيف سطحت ، فإن الآية فيها مع عمومها كما في قوله : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس [
40 \ 57 ] .
وقوله : كيف سطحت [ 88 \ 20 ] آية ثابتة ; لأن جرمها مع إجماع المفسرين على
تكويرها ، فإنها ترى مسطحة ، أي : من النقطة التي هي في امتداد البصر ، وذلك يدل
على سعتها وكبر حجمها ; لأن الجرم المتكور إذا بلغ من الكبر والضخامة حدا بعيدا
يكاد سطحه يرى مسطحا من نقطة النظر إليه ، وفي كل ذلك آيات متعددات للدلالة على
قدرته تعالى على بعث الخلائق ، وعلى إيقاع ما يغشاهم على مختلف أحوالهم .
وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه -
التنبيه على هذا المعنى ، عند الكلام على [ ص: 518 ]
قوله تعالى : قل انظروا ماذا في السماوات والأرض [
10 \ 101 ] . الآية من سورة
" يونس "
.
تنبيه .
التوجيه هنا بالنظر إلى الكيفية في خلق الإبل ، ونصب
الجبال ، ورفع السماء ، وتسطيح الأرض ، مع أن الكيف للحالة ، والله تعالى لم يشهد
أحدا على شيء من ذلك كله : ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض [
18 \ 51 ] . فكيف يوجه السؤال إليهم للنظر إلى الكيفية وهي شيء
لم يشهدوه ؟ ! ! .
والجواب - والله تعالى أعلم - : هو أنه بالتأمل في
نتائج خلق الإبل ، ونصب الجبال إلخ . وإن لم يعلموا الكيف ، بل ويعجزون عن كنهه
وتحقيقه ، فهو أبلغ في إقامة الدليل عليهم ، كمن يقف أمام صنعة بديعة يجهل سر
صنعتها ، فيتساءل كيف تم صنعها ؟ وقد وقع مثل ذلك : وهو الإحالة على الأثر بدلا من
كشف الكنه والكيف ، وذلك في سؤال الخليل - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - ربه : أن يريه كيف
يحيي الموتى . فكان الجواب : أن أراه الطيور تطير ، بعد أن ذبحها بيده وقطعها ،
وجعل على كل جبل منها جزءا . فلم يشاهد كيفية وكنه ، وحقيقة الإحياء ، وهو دبيب
الروح فيها وعودة الحياة إليها ; لأن ذلك ليس في استطاعته ، ولكن شاهد الآثار
المترتبة على ذلك ، وهي تحركها وطيرانها ، وعودتها إلى ما كانت عليه قبل ذبحها .
مع أنه كان للعزير موقف مماثل وإن كان أوضح في البيان ; حيث شاهد العظام وهو
سبحانه ينشرها ، ثم يكسوها لحما . والله تعالى أعلم .
أما قوله تعالى بعد ذلك : فذكر إنما أنت مذكر ، فإن مجيء هذا الأمر بالفاء في هذا الموطن ، فإنه يشعر بأن
النظر الدقيق والفكر الدارس ، مما قد يؤدي بصاحبه إلى الاستدلال على وجود الله
وعلى قدرته ، كما نطق مؤمن الجاهلية : قس بن ساعدة ، في خطبته المشهورة : ليل داج ،
ونهار ساج ، وسماء ذات أبراج ، ونجوم تزهر ، وبحار تزخر ، وجبال مرساة ، وأرض
مدحاة ، وأنهار مجراة . فقد ذكر السماء ، والجبال ، والأرض .
توجيه الأنظار إلى تلك المذكورات الأربعة ; لما فيها
من عظيم الدلائل على القدرة ، وعلى البعث ، وثم الإقرار لله تعالى بالوحدانية
والألوهية ، نتيجة لإثبات ربوبيته تعالى لجميع خلقه .
أما الإبل : فلعلها أقرب المعلومات للعرب ، وألصقها
بحياتهم في مطعمهم من لحمها ومشربهم من ألبانها ، وملبسهم من أوبارها وجلودها ،
وفي حلهم وترحالهم بالحمل عليها ، مما لا يوجد في غيرها في العالم كله لا في الخيل
ولا في الفيلة ، ولا في أي حيوان آخر ، وقد وجه الأنظار إليها مع غيرها في معرض
امتنانه تعالى عليهم في قوله : [ ص: 517 ] أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون [
36 \ 71 - 73 ] .
وكذلك في خصوصها في قوله : والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف
رحيم [ 16 \ 5 - 7 ] .
إنها نعم متعددة ومنافع بالغة لم توجد في سواها
البتة ، وكل منها دليل على القدرة بذاته . أما الجبال : فهي مما يملأ عيونهم في كل
وقت ، ويشغل تفكيرهم في كل حين ; لقربها من حياتهم في الأمطار والمرعى في سهولها ،
والمقيل في كهوفها وظلها ، والرهبة والعظمة في تطاولها وثباتها في مكانها . وقد
وجه الأنظار إليها أيضا في موطن آخر في قوله تعالى : ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا [ 78 \ 6 - 7 ] ، ثوابت كما بين تعالى أنها رواسي للأرض أن تميد بكم والجبال
أرساها متاعا
لكم ولأنعامكم فهي
مرتبطة بحياتهم وحياة أنعامهم كما أسلفنا .
أما السماء ورفعها : أي : ورفعتها في خلقها ، وبدون
عمد ترونها ، وبدون فطور أو تشقق على تطاول زمنها ، فهي أيضا محط أنظارهم ، وملتقى
طلباتهم في سقيا أنعامهم .
ومعلوم أن خلق السماء والأرض من آيات الله الدالة
على البعث ، كما تقدم مرارا .
وتقدم للشيخ عند قوله تعالى : إن في خلق السماوات والأرض الآية [ 2 \ 164 ] . بيان كونها آية . أما الأرض
وكيف سطحت ، فإن الآية فيها مع عمومها كما في قوله : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس [
40 \ 57 ] .
وقوله : كيف سطحت [ 88 \ 20 ] آية ثابتة ; لأن جرمها مع إجماع المفسرين على
تكويرها ، فإنها ترى مسطحة ، أي : من النقطة التي هي في امتداد البصر ، وذلك يدل
على سعتها وكبر حجمها ; لأن الجرم المتكور إذا بلغ من الكبر والضخامة حدا بعيدا
يكاد سطحه يرى مسطحا من نقطة النظر إليه ، وفي كل ذلك آيات متعددات للدلالة على
قدرته تعالى على بعث الخلائق ، وعلى إيقاع ما يغشاهم على مختلف أحوالهم .
وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه -
التنبيه على هذا المعنى ، عند الكلام على [ ص: 518 ]
قوله تعالى : قل انظروا ماذا في السماوات والأرض [
10 \ 101 ] . الآية من سورة
" يونس "
.
تنبيه .
التوجيه هنا بالنظر إلى الكيفية في خلق الإبل ، ونصب
الجبال ، ورفع السماء ، وتسطيح الأرض ، مع أن الكيف للحالة ، والله تعالى لم يشهد
أحدا على شيء من ذلك كله : ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض [
18 \ 51 ] . فكيف يوجه السؤال إليهم للنظر إلى الكيفية وهي شيء
لم يشهدوه ؟ ! ! .
والجواب - والله تعالى أعلم - : هو أنه بالتأمل في
نتائج خلق الإبل ، ونصب الجبال إلخ . وإن لم يعلموا الكيف ، بل ويعجزون عن كنهه
وتحقيقه ، فهو أبلغ في إقامة الدليل عليهم ، كمن يقف أمام صنعة بديعة يجهل سر
صنعتها ، فيتساءل كيف تم صنعها ؟ وقد وقع مثل ذلك : وهو الإحالة على الأثر بدلا من
كشف الكنه والكيف ، وذلك في سؤال الخليل - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - ربه : أن يريه كيف
يحيي الموتى . فكان الجواب : أن أراه الطيور تطير ، بعد أن ذبحها بيده وقطعها ،
وجعل على كل جبل منها جزءا . فلم يشاهد كيفية وكنه ، وحقيقة الإحياء ، وهو دبيب
الروح فيها وعودة الحياة إليها ; لأن ذلك ليس في استطاعته ، ولكن شاهد الآثار
المترتبة على ذلك ، وهي تحركها وطيرانها ، وعودتها إلى ما كانت عليه قبل ذبحها .
مع أنه كان للعزير موقف مماثل وإن كان أوضح في البيان ; حيث شاهد العظام وهو
سبحانه ينشرها ، ثم يكسوها لحما . والله تعالى أعلم .
أما قوله تعالى بعد ذلك : فذكر إنما أنت مذكر ، فإن مجيء هذا الأمر بالفاء في هذا الموطن ، فإنه يشعر بأن
النظر الدقيق والفكر الدارس ، مما قد يؤدي بصاحبه إلى الاستدلال على وجود الله
وعلى قدرته ، كما نطق مؤمن الجاهلية : قس بن ساعدة ، في خطبته المشهورة : ليل داج ،
ونهار ساج ، وسماء ذات أبراج ، ونجوم تزهر ، وبحار تزخر ، وجبال مرساة ، وأرض
مدحاة ، وأنهار مجراة . فقد ذكر السماء ، والجبال ، والأرض .
وكل ذي
غيبة يئوب وغائب الموت لا يئوب
غيبة يئوب وغائب الموت لا يئوب
كما في قوله : إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون [
5 \ 48 ] ، وهو على الحقيقة
كما في صريح منطوق قوله تعالى : ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم الآية [ 3 \ 55 ] . وقوله : ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون [
6 \ 164 ] .
وقوله : ثم إن علينا حسابهم [ 88 \ 26 ] ، الإتيان بثم ; للإشعار ما بين إيابهم وبدء حسابهم : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [
22 \ 47 ] .
وقوله : إن علينا ، بتقدم حرف التأكيد ، وإسناد ذلك
لله تعالى ، وبحرف " على " مما يؤكد ذلك لا محالة ، وأنه بأدق ما يكون ،
وعلى الصغيرة والكبيرة كما في قوله : وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله [
2 \ 284 ] .
[ ص: 520 ] ومن الواضح مجيء إن
إلينا إيابهم ثم
إن علينا حسابهم ، بعد قوله تعالى : فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفرفيعذبه الله العذاب الأكبر ; تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتخويفا لأولئك
الذين تولوا وأعرضوا ، ثم إن الحساب في اليوم الآخر ليس خاصا بهؤلاء ، بل هو عام
بجميع الخلائق . ولكن إسناده لله تعالى مما يدل على المعاني المتقدمة .
نسأل الله العفو والسلامة .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire