vendredi 28 décembre 2018

الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف



الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف
إن الحمد لله نحمده
ونستعينه ونستغفره الرزاق المتين بيده ملك السماوات والأرض "
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا
لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا
فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " [الأعراف: 96]
.

وأشهد أن لا إلاه إلا
الله  ضرب الأمثال لذلك في القرآن؛ قال
تعالى: "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ
فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا
يَصْنَعُونَ" [النحل: 112]
.
وأشهد أن حبيبنا ورسولنا
وقدوتنا أشرف الخلق عند الله حثنا على طلب الرزق والعمل والكد والإنتاج فقال : لو
قامت القيامة وبيد أحدكم فسيلة فليغرسها" . [أخرجه الإمام مسلم]
منذ الفجر الأول
لنزول الوحي على قلب الرسول عليه الصلاة والسلام، تأكد أن الأمن الاقتصادي والأمن
النفسي ركيزتان أساسيتان في استقرار الدول والمجتمعات. ففي سورة قريش من الله
تعالى على قوم
مكة بإطعامهم من الجوع وأمنهم من الخوف (الذي أطعمهم من
جوع وآمنهم من خوف) قاعدة عظيمة جدا لاستقرار الدول
لذلك إذا أراد
عدو  أن يزعزع استقرار بلد ما فإنه يلجأ للحصار
الاقتصادي وبث الرعب والخوف داخل ذاك المجتمع المتماسك الآمن
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ
إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ أي فلتعبد قريش ربها شكرا له على أن
جعلهم قوما تجارا ذوي أسفار في بلاد غير ذات زرع ولا ضرع، لهم رحلتان رحلة إلى
اليمن شتاء لجلب الأعطار والملابس التي تأتي من بلاد الهند والخليج العربي إلى تلك
البلاد ورحلة في الصيف إلى بلاد الشام لجلب الحاصلات الزراعية إلى بلادهم المحرومة
منها
. وقد كان العرب يحترمونهم
في أسفارهم، لأنهم جيران بيت الله وسكان حرمه، وولاة الكعبة، فيذهبون آمنين،
ويعودون سالمين، لا يمسهم أحد بسوء على كثرة ما كان بين العرب من السلب والنهب
والغارات التي لا تنقطع
. فكان احترام البيت ضربا
من القوة المعنوية التي تحتمي بها قريش في الأسفار، ولهذا ألفتها نفوسهم، وتعلقت
بالرحيل، استدرارا للرزق
. وهذا الإجلال الذي ملك
نفوس العرب من البيت الحرام، إنما هو من تسخيررب البيت سبحانه، وقد حفظ حرمته،
وزادها في نفوس العرب ردّ الحبشة عنه حين أرادوا هدمه، وإهلاكهم قبل أن ينقضوا منه
حجرا، بل قبل أن يدنوا منه
. ولو نزلت مكانة البيت من
نفوس العرب، ونقصت حرمته عندهم، واستطالت الأيدي على سفّارهم لنفروا من تلك
الرحلات، فقلّت وسائل الكسب بينهم، لأن أرضهم ليست بذات زرع ولا ضرع، وما هم بأهل
صناعة مشهورة يحتاج إليها الناس فيأتوهم وهم في عقر ديارهم ليأخذوا منها، فكانت
تضيق عليهم مسالك الأرزاق وتنقطع عنهم ينابيع الخيرات
. فَلْيَعْبُدُوا
رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الذي حماه من الحبشة وغيرهم، ومكّن منزلته في النفوس، وكان
من الحق أن يفردوه بالتعظيم والإجلال
. ثم وصف
رب هذا البيت بقوله
: (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ
مِنْ جُوعٍ
) أي إنه هو الذي أوسع لهم
الرزق، ومهد لهم سبله، ولولاه لكانوا في جوع وضنك عيش
. (وَآمَنَهُمْ
مِنْ خَوْفٍ
) أي وآمن طريقهم، وأورثهم
القبول عند الناس، ومنع عنهم التعدي والتطاول إلى أموالهم وأنفسهم، ولولاه لأخذهم
الخوف من كل مكان فعاشوا في ضنك وجهد شديد
.
وإذا كانوا يعرفون أن هذا
كله بفضل رب هذا البيت، فلم يتوسلون إليه بتعظيم غيره، وتوسيط سواه عنده؟ مع أنه
لا فضل لأحد ممن يوسطونه في شيء من النعمة التي هم فيها، نعمة الأمن ونعمة الرزق
: وكفاية الحاجة. اللهم ألهم قلوبنا الشكر
على نعمك التي تترى علينا، وزدنا بسطة في العلم والرزق
.
العبر 1) الاعتراف بنعم الله وشكره
2) قيمة الأمن النفسي 3) قيمة الأمن الغذائي
استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام
:"  وَضَرَبَ
ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا
رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ
لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ
"

 وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ
لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ
فالاستقرار لايبنى
إلا بتحقيق هذين الشرطين، وتخلف أحدها يجعل الجماعات والأفراد على شفا حفرة من
الانزلاق والانهيار. أما الأمن الاقتصادي فلا يصل إليه الواصلون إلا بتوزيع عادل
للثروات واقتسام للأموال وتحريك لها في دورة اقتصادية واسعة ينتفع بها القريب
والبعيد، وتجريم كنزها واحتكارها  (مافيات
إجرامية احتكرت الحليب والدواء والبيض هدفها الربح الحرام هدفها زيادة احتقان
الشعب )
ودليل تحريم الاحتكار ما
أخرجه مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
لا يحتكر إلا خاطئ.. وفي المستدرك وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم نهىأن يحتكر الطعاموفي المسند
وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالى، وبرئ الله تعالى
منه
وأخيراً ننبه إلى أن التجار إذا
احتكروا ما يحرم احتكاره فإن على الحاكم أن يأمرهم بإخراج ما احتكروه وبيعه للناس،
فإن لم يمتثلوا ذلك أجبرهم على البيع إذا خيف الضرر على العامة، أو أخذه منهم
وباعه هو ورد عليهم الثمن
.
كي لاتكون دولة بين
الأغنياء من الناس. وأما الأمن النفسي فلامذاق له إلا بالمساواة التامة في
الإنسانية والكرامة البشرية وتحريم العنف والإكراه وتوفير أجواء الحريات وتوسيعها،
وضمان المحاكمات العادلة ،ومحاسبة الغشاشين ولو كانوا من الكبار، ونزاهة في
الأجهزة القضائية والأمنية، ومعاقبة المجرمين الحقيقيين، وإبعاد اللوبيات من
المراكز الحساسة
..

وعندما يتحقق هذان
الشرطان الكبيران، تنعم جميع الفئات بالاستقرار التام، وتنشأ دولة السعادة بعد
دولة الحق والقانون
.

فهل تتوفر بلادنا
على هذين الشرطين الكبيرين؟ الجواب يعرفه الخاص والعام، والقريب والبعيد. ولذلك
فإننا في حال كهذا ليس مستبعدا أن تظهر من حين لآخر حركات الاحتجاج العنيفة
والسلمية. بل من الطبيعي أن تظهر وقد أسلمنا الأمر والنهي لعواصم خارج الحدود تفعل
فينا ما تشاء، وقدمنا اقتصادنا الوطني كله رهينة لغيرنا (البنك العالمي وصندوق
النقد الدولي سببا الخراب في البلدان الفقيرة )، واستحوذ على ثرواتنا حفنة صغيرة
من إخواننا الأغنياء دون أن يتقوا الله في المال والناس، وخربنا أخلاقنا بأيدينا
وأيدي أعدائنا، وحيثما وليت وجهك لاترى إلا منكرا وفسوقا وفجورا. ظهور ممثّـل
عاريا تماما على خشبة المسرح حلقة جديدة من مسلسل الحرب على الإسلام واستفزاز
الشعب المسلم في دينه وأخلاقه. وهو أيضا تتويج لثقافة العُري والدّعارة وإتلاف
أموال الشعب ومت نرى من إهانة لعلماء الزيتونة الاجلاء ولرجال التربية من طرف شبه
صحفي سليط اللسان قليل الحياء مرتزق  فمن
أين سيأتي الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والحال كما نرى ونسمع
.

وغير بعيد عن سورة
قريش وصورتهم، فإن الوحي الرباني دعا أهل الحواضر والتجمعات إلى عبادة دائمة لله
للحفاظ على الاستقرار التام والسعادة الدائمة (فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم
من جوع وآمنهم من خوف)
.

فلن نحصل على الأمن
الاقتصادي والسياسي والاجتماعي من باريس أو من 
واشنطن أو من غيرهما، ولن تستقر أحوالنا بالاستيراد، ولكنها
ستستقيم وتدوم استقامتها عندما نتوب من المعاصي السياسية والاقتصادية والاجتماعية
ومن الكبائر الدبلوماسية والأخلاقية
..

وقديما تخوف أهل
قريش من القوى العظمى المحيطة بهم وقالوا للرسول عليه الصلاة والسلام ( إن نتبع
الهدى معك نتخطف من أرضنا) فقال لهم الله تعالى ( أولم نمكن لهم حرما آمنا تجبى
إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا، ولكن أكثرهم لايعلمون). ولم يقتصر التخوف على
القرشيين الجاهليين، بل إن صحابة الرسول الكريم وهم بشر ممن خلق أصابهم التخوف
فأخرجهم الله من من حال إلى حال (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون
أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون)
الخطبة 2
في القصرين شاب صحفي أحرق نفسه أو أحرقوه و
في جبنيانية شاب أحرق نفسه فحاول شرطي إنقاذه فاحترق
معه  ....
مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيۤ
إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي
ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا
أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَٰتِ ثُمَّ
إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ فِي ٱلأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ
الانتحار من كبائر الذنوب ، وقد بيَّن النبي صلى
الله عليه وسلم أن المنتحر يعاقب بمثل ما قتل نفسه به
.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : ( مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً
مخلداً فيها أبداً ، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار
جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في
بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) رواه البخاري ( 5442 ) ومسلم
( 109 ) .
وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة )
رواه البخاري ( 5700 ) ومسلم
( 110 ) .
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً
فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات . قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه
الجنة ) رواه البخاري ( 3276 ) ومسلم
( 113 )

vendredi 7 décembre 2018

ناصر عزيز - وجوب طاعة الله في قسمة الميراث




قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ
هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ

 إن الحمد لله
نحمده ونستعينة ونستغفره أمرنا بأداء الأمانة إلى أهلها فقال : إِنَّ ٱللَّهَ
يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ
بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ
بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً
وأشهد أن لا
إلاه إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله قال وهو أصدق
القائلين : لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له




أوصيكم ونفسي
بتقوى الله عز وجل فكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام


قال مجاهد: جاء
خمسة نفر من مشركي مكة وهم : عبد الله بن أبي أُميَّة المخزومي، والوليد بن
المُغِيرة، ومُكْرَز بن حفص، وعمرو ابن عبد الله بن أبي قيس العامري، والعاصي بن
عامر، للنبي صلى الله عليه وسلم وقالوا له : ائت بقرآن ليس فيه ترك عبادة اللات
والعُزَّى
.عندئد نؤمن
بك ونتبعك فأنزل تعالى :
 وَإِذَا
تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ
لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ
أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ
إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ 
}

وقال الكلبي:
نزلت في المستهزئين، قالوا: يا محمد، ائت بقرآن غير هذا فيه ما نسألُك
ولنفرض شركة
تعمل بانتظام منذ عشرات السنين وتم انتداب موظف جديد يهتم برواتب العملة أمره
الرئيس المدير العام بتحويل الجرايات إلى حساب العملة حسب نسب معينة أمده بها .هذا
الموظف طيب يحب الخير الناس ويكره الظلم ويحب المساواة
فتساءل لماذا
هذا جرايته 2000د شهريا والآخر 500 د فقط .هذا التوزيع لا يرضيني وأنا أريد
المساواة فقسم بعملية حسابية سريعة المبلغ الجملي للجرايات على عدد العملة دون
اعتبار لنوعية العمل ولا للأقدمية وحول الجرايات المتساوية إلى حساب كل واحد.
واكتشف
العملة الأمر فهذا راض يشكر وهذا ساخط يضرب عن العمل وانتشرت الفوضى وتعطل العمل
وأوشكت الشركة على الاندثار لولا تسديد الأموال لأصحاب الجرايات ومعاقبة الخائن
للأمانة وطرده من الشركة .
نحن لا نشك
في طيبته وحبه للمساواة ولكنه يعتبر خائنا لأنه تصرف في مال لا يملكه بطريقة تخالف
وصية صاحب المال ومن رضي بتصرفه ولم يرجع المال الذي لا يستحقه يعتبر شريكا له في
الإثم ويعرض نفسه للعقاب .
هذا محل شاهد
فقط .الاموال والممتلكات التي يتركها الميت إثر وفاته وسيحاسبه الله يوم القيامة
عن مصدرها ؟ أموال من؟؟ أموال الله
وستنتقل إلى
الورثة  وتصبح
ملكا حلالا لهم
بعدما كانت ملكا حلالا للميت  بأمر ممن ؟
من الله ؟
وستوزع على
الورثة بنسب معينة
يُوصِيكُمُ
ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ
نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً
فَلَهَا ٱلنِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا
تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ
أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ
مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ
تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ
ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
صرحت السيدة
جنات بن عبد الله أخيرا في قناة تونسنا وهي مختصة في الشأن الاقتصادي أن الدعوة
للمساواة في الميراث هي النقطة عدد14 من القرار الصادرعن البرلمان الأروبي بتاريخ 24 سبتمبر 2016 وفيه 66 نقطة مختصة
بتونس من بينها الغاء عقوبة الإعدام والترخيص في زواج الشذوذ الجنسي.
"
 وَإِذَا
تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ
لِقَآءَنَا ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ
أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ
إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ 
}



ولجنة 9رهط
التي جسدت هذا الأمر في تقريرها المقترح على مجلس النواب في فصول معارضة تماما لما
جاء واضحا بينا في القرآن الكريم .علما أن مجموعة من المثقفين من تونس وخارجها
اقترحوا على الرئيس السابق الحبيب بورقيبة رحمه الله سنة 1986 أن يغير قانون الميراث
فأجابهم : لا يمكن ذلك البتة لأنه واضح صريح لا يقبل الاجتهاد
يا رجال
السياسة ابتعدوا عن الدين لا تستعملوا الدين لأطماع سياسية ولأغراض سياسية ولتحقيق
أهداف سياسية
طلبتم منا
نحن الأئمة أن نبتعد عن السياسة في خطبنا فابتعدنا ونحن نرجوكم الابتعاد عن الدين
أمر الميراث شأن شخصي بين أفراد العائلة قسم الله المنابات وجميع الناس راضون بحكم
الله فما دخلكم أنتم؟ ستحدثون لا قدر الله لو تم تمرير قانونكم المعوج مشاكل داخل
كل عائلة .وصراع يهدد بتفكك العائلة وتفكك المجتمع.ماكرون الرئيس الفرنسي الذي
يأمر رئيسنا بتطبيق المساواة في الميراث كان عليه أن يهتم ببلاده التي أشعل فيها
النار بسبب فقره في السياسة وقلة خبرته .
نسأل الله
سبحانه أن يوفق ولاة أمورنا لما فيه رضاء الله وإلى تطبيق شرع الله وأن يغفر لنا
ذنوبنا وصل اللهم وسلم وبارك على سيدي وحبيبي رسول الله
الخطبة
الثانية
قالت قبيلة
ثقيف لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعاها للاسلام : دَعْ آلهتنا نتمتع بها
سنة ونأخذ الغنائم من ورائها وتجعل بلدنا حرما  - أي: ثقيف – مثل  مكة. ثم نسلم. وهذه خبيثة جديدة من خبائثهم مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانوا يحاولون جادِّين أنْ يصرفوا رسول الله
عما بعثه الله به،ومعنى { كَادُواْ } إنهم قاربوا أنْ يفتنوك عن الذي أُنزِل إليك
لكن لم يحدث لأن محاولاتهم كانت من بعيد، فهي تحوم حول فتنتك عن الدين، كما قالوا
مثلاً: نعبد إلهك سنة، و تعبد آلهتنا سنة كما طلبت قريش . ومعنى: {
لَيَفْتِنُونَكَ } لَيُحوّلونك ويَصْرِفونك عما أنزل الله إليك، لماذا؟ {
لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ.. } [الإسراء: 73] كما حكى القرآن عنهم في آية أخرى:{ ٱئْتِ
بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ أَوْ بَدِّلْهُ.. } [يونس: 15]. فيكون الجواب
من الحق سبحانه:{ قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ
نَفْسِيۤ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىۤ إِلَيَّ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ
عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [يونس: 15]. 3]. ثم يقول
تعالى: { وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } [الإسراء: 73]. الخليل: هو الذي بينك
وبينه حُبٌّ ومودّة، ومنه قوله تعالى في إبراهيم:{ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } [النساء: 125]. فالمعنى: لو أنك تنازلتَ عن
المنهج الذي جاءك من الله لَصِرْتَ خليلاً لهم، كما كنت خليلاً لهم من قبل، وكانوا
يحبونك ويقولون عنك " الصادق الأمين ". إذن: الذي جعلهم في حالة عداء لك
هو منهج الله جئتَ به، فلو تنازلتَ عنه أو تهاونت فيه فسوف يتخذونك خليلاً، فلا
تكُنْ خليلاً لهم بل خليلاً لربك الذي أرسلك. ويخاطب الحق سبحانه رسوله صلى الله
عليه وسلم.
فالمعنى:
لولا تثبيتنا لك لقاربتَ أن تركنَ إليهم شيئاً قليلاً. والمتأمل في هذه الآية يجدها
تحتاط لرسول الله عدة احتياطات، فلم تقُلْ: لولا تثبيتنا لك لَركنتَ إليهم، لا،
بل لَقاربتَ أنْ تركنَ فمنعتْ مجرد المقاربة، أما الركون فهو أمر بعيد وممنوع
نهائياً وغير مُتصوّر
من رسول الله، ومع ذلك أكّد سبحانه وتعالى هذا المعنى
بقوله: { شَيْئاً قَلِيلاً } [الإسراء: 74] أي: ركوناً قليلاً.. ومعنى {
ثَبَّتْنَاكَ.. } [الإسراء: 74] التثبيت هو منع المثبَّت أنْ يتأرجح، لذلك نقول
للمتحرك: اثبت. ومعنى: { تَرْكَنُ } من ركون الإنسان إلى شيء يعتصم به ويحتمي به
.كان صلى الله عليه وسلم حريصاً على هدايتهم وتأليف قلوبهم، وقد كان يشقُّ على
نفسه ويُحمّلها ما لا تطيق في سبيل هذه الغاية، ومن ذلك ما حدث من تَرْكه عبد الله
بن أم مكتوم الذي جاءه سائلاً، وانصرافه عنه إلى صناديد قريش لذلك عتب عليه ربه
تبارك وتعالى لأنه شقَّ على نفسه
عن قتادة،
فـي قوله { وَلَوْلا أنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنْ إلَـيْهِمْ شَيْئا
قَلِـيلاً } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  اللهم
" لا تَكِلْنِـي إلـى نَفْسي طَرْفَةَ
عَيْنٍ
"
أي: لو كِدتَ
تركن إليهم شيئاً قليلاً لأذقناك ضِعْف الحياة وضِعْف الممات، وبهذا التهديد  ومعنى { ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ..
} [الإسراء: 75] الضعْف: مضاعفة الشيء مرة أخرى. أي: قَدْر الشيء مرتين، فالمراد:
لأذقناك ضِعْف عذاب الحياة وضِعْف عذاب الممات، لكن لماذا يُضَاعَف العذاب في
حَقِّ محمد صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: لأنه أُسْوة كبيرة وقُدْوة يقتدي الناس
بها، ويستحيل في حقِّه هذا الفعل، ولا يتصور منه صلى الله عليه وسلم، لكن على
اعتبار أن ذلك حدث منه فسوف يُضاعَف له العذاب، كما قال تعالى في نساء
النبي:{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ
يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ
يَسِيراً } [الأحزاب: 30]. ذلك لأنهن بيت النبوة وأمهات المؤمنين، وهنَّ
أُسْوة لغيرهنّ من نساء المسلمين، وكلما ارتفع مقام الإنسان في مركز الدعوة إلى
الله وجب عليه أنْ يتبرأ عن الشبهة لأنه سيكون أُسْوة فعل، فإنْ ضَلَّ فلن يضل في
ذاته فقط، بل سيُضِلُ معه غيره، ومن هنا شدَّد الله العقوبة وضاعفها للنبي
ولزوجاته. ثم يقول تعالى: { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً } [الإسراء:
75]. أي: لا تجد مدافعاً يدافع عنك أو ناصراً ينصرك لأن مددَك مني وحدي، فكيف يكون
لك ناصر من دوني؟
اللهمّ صلّ وسلّم على
سدنا محمّد...............اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان
بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم , أن تتقبّل منّا
صالحات أعمالنا، وأن تغفر لنا سائر ذنوبنا ، ما علمنا منها وما لم نعلم
اللهم إنا نسألك
خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضى، والقصد في الفقر
والغنى. اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد ونسألك موجبات
رحمتك وعزائم مغفرتك ونسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك ونسألك قلبا سليما ولسانا صادقا
ونسألك من خير ما تعلم ونعوذ بك من شر ما تعلم ونستغفرك لما تعلم إنك أنت علام
الغيوب .اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء
الدين.
. اللهم نجِّ المستضعفين من المؤمنين، اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من
المؤمنين ، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة يا
رب العالمين اللهم ردنا إليك رداً جميلاً. اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين
وعدوان المعتدين وارفع عنها البلاء والوباء والغلاء وعن سائر بلاد المسلمين. ربنا
اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم
والأموات إنك قريب مجيب الدعوات ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا
عذاب النار .سبحان ربنا رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب
العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



lundi 3 décembre 2018

في ظلال سورة الغاشية1 ناصر عزيز- في ظلال سورة الغاشية



قيل { هَلْ } بمعنى قد وهو ظاهر كلام قطرب حيث قال: أي قد جاءك يا محمد حديث
الغاشية والمختار أنه للاستفهام وهو استفهام أريد به التعجيب مما في حيزه والتشويق
إلى استماعه والإشعار بأنه من الأحاديث البديعة التي حقها أن تتناقلها الرواة
ويتنافس في تلقنها الوعاة وأخرج ابن أبـي حاتم عن عمرو بن ميمون قال "
مر النبـي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ
ٱلْغَـٰشِيَةِ } فقام عليه الصلاة والسلام يستمع ويقول نعم قد جاءني "



والغاشية القيامة كما قال سفيان والجمهور وأطلق عليها ذلك لأنها تغشى الناس
بشدائدها وتكتنفهم بأهوالها. وقال محمد بن كعب وابن جبير هي النار من قوله
تعالى:{ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمْ ٱلنَّارُ } [إبراهيم: 50] وقوله
سبحانه:{ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } [الأعراف: 41] وليس بذاك فإن
ما سيروى من حديثها ليس مختصاً بالنار وأهلها بل ناطق بأحوال أهل الجنة أيضاً.
  وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا
رَوَاسِىَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ
ٱثْنَيْنِ يُغْشِى ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ سورة الرعد


 وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا
وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا
أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ
أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 
سورة يونس

 فقال جل وعلا
وجوه يومئذٍ { خَـٰشِعَةٌ } والمراد بخاشعة ذليلة ولم توصف بالذل ابتداء لما في
وصفها بالخشوع من الإشارة إلى التهكم وأنها لم تخشع في وقت ينفع فيه الخشوع وكذا
حال وصفها بالعمل في قوله سبحانه: { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ }
.
أي عاملة في ذلك اليوم تعبة فيه وذلك
في النار على ما روي عن ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة وعملها فيها على ما قيل
جر السلاسل والأغلال والخوض فيها خوض الإبل في الوحل والصعود والهبوط في تلالها
ووهادها وذلك جزاء التكبر عن العمل وطاعة الله تعالى في الدنيا. وعن زيد بن أسلم
أنه قال أي عاملة في الدنيا ناصبة فيها لأنها على غير هدى فلا ثمرة لها إلا النصب
وخاتمته النار 
أي ظهر لهم يومئذ أنها كانت خاشعة
عاملة ناصبة في الدنيا من غير نفع وأما قبل ذلك اليوم فكانوا يحسبون أنهم يحسنون
صنعاً 
 يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا
ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ
ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون

بلغت إناها أي غايتها في الحر فهي متناهية فيه كما في قوله
تعالى:{ وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } [الرحمن: 44
مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن
مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ
مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى
وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ
خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُم سورة محمد
وقد أخبر الله تعالى عن شراب الكافر فقال سبحانه  ﴿ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ ﴾ أَيْ: مِنْ مَاءٍ هُوَ صَدِيدٌ في لونه وريحه
وطعمه، مع شدة حرارته، وَهُوَ مَا يَسِيلُ مِنْ أَبْدَانِ الْكُفَّارِ مِنَ
الْقَيْحِ وَالدَّمِ حال تعذيبهم. ومن قبح لونه وريحه وطعمه ﴿ 
يَتَجَرَّعُهُ
وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ المَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ
بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾
[إبراهيم:17]. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ
﴿ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ
يَتَجَرَّعُهُ ﴾
 [إبراهيم: 17





أن المراد ما هو ضريع حقيقة وقيل هو
شجرة نارية تشبه الضريع وأنت تعلم أنه لا يعجز الله تعالى الذي أخرج من الشجر
الأخضر ناراً أن ينبت في النار شجر الضريع نعم يؤيد ما قيل ما حكاه في «البحور
الزاخرة» عن البغوي عن ابن عباس يرفعه «الضريع شيء في النار شبه الشوك أمر من
الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حراً من النار» فإن صح فذاك وقال ابن كيسان هو طعام
يضرعون عنده ويذلون ويتضرعون إلى الله تعالى طلباً للخلاص منه فسمي بذلك وعليه
يحتمل أن يكون شجراً وغيره
عبارة عن اضطرارهم عند أكل الضريع
والتهابه في بطونهم إلى شيء مائع بارد ليطفؤه من غير أن يكون لهم التذاذ بشربه أو
استفادة قوة به في الجملة وهو المعني بما روي أنه تعالى يسلط عليهم الجوع بحيث يضطرون
إلى أكل الضريع فإذا أكلوه سلط عليهم العطش فاضطروا إلى شرب الحميم فيشوي وجوههم
ويقطع أمعاءهم أعاذنا الله تعالى وسائر المسلمين من ذلك
1- قال الله تعالى: {إِنَّ
شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي
الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46
)}[الدخان/43-
46
].

2-
وقال الله تعالى{أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ
(62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ
تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ
(65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ
إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ
لَإِلَى الْجَحِيمِ (68
)} [الصافات/62- 68].
شروع في رواية حديث أهل الجنة وتقديم حكاية أهل النار لأنه أدخل في تهويل
الغاشية وتفخيم حديثها ولأن حكاية حسن حال أهل الجنة بعد حكاية سوء حال أهل النار
مما يزيد المحكي حسناً وبهجة والكلام والناعمة إما من النعومة وكنى بها عن البهجة
وحسن المنظر أي وجوه يومئذٍ ذات بهجة وحسن كقوله تعالى:{ تَعْرِفُ فِي
وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } [المطففين: 24] أو من النعيم أي وجوه
يومئذ متنعمة.
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ




{
لِّسَعْيِهَا } أي لعملها الذي عملته في دار الدنيا وهو متعلق بقوله تعالى: {
رَّاضِيَةٍ } فكأنه قيل: راضية بسعيها كما أخرجه عنه ابن أبـي حاتم رضيت عملها
ورضاها به أنه محمود العاقبة مجازى عليه أعظم الجزاء وأحسنه أي لثواب سعيها راضية
وجوز لأجل سعيها في طاعة الله تعالى راضية حيث أوتيت ما أوتيت من الخير

 لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً
وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً
وعُني بقوله { مَوْضُوعَةٌ } أنها موضوعة على حافة العين الجارية،
كلما أرادوا الشرب، وجدوها ملأى من الشراب. وقوله { وَنمارِقُ مَصْفُوفَةٌ } يعني
بالنمارق الوسائد والمرافق والنمارق واحدها نُمْرُقة،
قوله تعالىأفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر 



توجيه الأنظار إلى تلك المذكورات الأربعة ; لما فيها
من عظيم الدلائل على القدرة ، وعلى البعث ، وثم الإقرار لله تعالى بالوحدانية
والألوهية ، نتيجة لإثبات ربوبيته تعالى لجميع خلقه




أما الإبل : فلعلها أقرب المعلومات للعرب ، وألصقها
بحياتهم في مطعمهم من لحمها ومشربهم من ألبانها ، وملبسهم من أوبارها وجلودها ،
وفي حلهم وترحالهم بالحمل عليها ، مما لا يوجد في غيرها في العالم كله لا في الخيل
ولا في الفيلة ، ولا في أي حيوان آخر ، وقد وجه الأنظار إليها مع غيرها في معرض
امتنانه تعالى عليهم في قوله
: [ ص: 517 ] أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون [
36 \ 71 - 73 ] . 




وكذلك في خصوصها في قولهوالأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف
رحيم 
[ 16 \ 5 - 7 ] . 




إنها نعم متعددة ومنافع بالغة لم توجد في سواها
البتة ، وكل منها دليل على القدرة بذاته . أما الجبال : فهي مما يملأ عيونهم في كل
وقت ، ويشغل تفكيرهم في كل حين ; لقربها من حياتهم في الأمطار والمرعى في سهولها ،
والمقيل في كهوفها وظلها ، والرهبة والعظمة في تطاولها وثباتها في مكانها . وقد
وجه الأنظار إليها أيضا في موطن آخر في قوله تعالى
ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا [ 78 \ 6 - 7 ] ، ثوابت كما بين تعالى أنها رواسي للأرض أن تميد بكم والجبال
أرساها 
متاعا
لكم ولأنعامكم 
فهي
مرتبطة بحياتهم وحياة أنعامهم كما أسلفنا




أما السماء ورفعها : أي : ورفعتها في خلقها ، وبدون
عمد ترونها ، وبدون فطور أو تشقق على تطاول زمنها ، فهي أيضا محط أنظارهم ، وملتقى
طلباتهم في سقيا أنعامهم




ومعلوم أن خلق السماء والأرض من آيات الله الدالة
على البعث ، كما تقدم مرارا




وتقدم للشيخ عند قوله تعالىإن في خلق السماوات والأرض الآية [ 2 \ 164 ] . بيان كونها آية . أما الأرض
وكيف سطحت ، فإن الآية فيها مع عمومها كما في قوله
لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس [
40 \ 57 ] . 




وقولهكيف سطحت [ 88 \ 20 ] آية ثابتة ; لأن جرمها مع إجماع المفسرين على
تكويرها ، فإنها ترى مسطحة ، أي : من النقطة التي هي في امتداد البصر ، وذلك يدل
على سعتها وكبر حجمها ; لأن الجرم المتكور إذا بلغ من الكبر والضخامة حدا بعيدا
يكاد سطحه يرى مسطحا من نقطة النظر إليه ، وفي كل ذلك آيات متعددات للدلالة على
قدرته تعالى على بعث الخلائق ، وعلى إيقاع ما يغشاهم على مختلف أحوالهم




وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه -
التنبيه على هذا المعنى ، عند الكلام على 
ص: 518 ] 



قوله تعالىقل انظروا ماذا في السماوات والأرض [
10 \ 101 ] .
الآية من سورة
يونس "




تنبيه



التوجيه هنا بالنظر إلى الكيفية في خلق الإبل ، ونصب
الجبال ، ورفع السماء ، وتسطيح الأرض ، مع أن الكيف للحالة ، والله تعالى لم يشهد
أحدا على شيء من ذلك كله
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض [
18 \ 51 ] .
فكيف يوجه السؤال إليهم للنظر إلى الكيفية وهي شيء
لم يشهدوه ؟
! ! . 



والجواب - والله تعالى أعلم - : هو أنه بالتأمل في
نتائج خلق الإبل ، ونصب الجبال إلخ . وإن لم يعلموا الكيف ، بل ويعجزون عن كنهه
وتحقيقه ، فهو أبلغ في إقامة الدليل عليهم ، كمن يقف أمام صنعة بديعة يجهل سر
صنعتها ، فيتساءل كيف تم صنعها ؟ وقد وقع مثل ذلك : وهو الإحالة على الأثر بدلا من
كشف الكنه والكيف ، وذلك في سؤال الخليل 
- عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - ربه : أن يريه كيف
يحيي الموتى . فكان الجواب : أن أراه الطيور تطير ، بعد أن ذبحها بيده وقطعها ،
وجعل على كل جبل منها جزءا . فلم يشاهد كيفية وكنه ، وحقيقة الإحياء ، وهو دبيب
الروح فيها وعودة الحياة إليها ; لأن ذلك ليس في استطاعته ، ولكن شاهد الآثار
المترتبة على ذلك ، وهي تحركها وطيرانها ، وعودتها إلى ما كانت عليه قبل ذبحها .
مع أنه كان للعزير موقف مماثل وإن كان أوضح في البيان ; حيث شاهد العظام وهو
سبحانه ينشرها ، ثم يكسوها لحما . والله تعالى أعلم




أما قوله تعالى بعد ذلكفذكر إنما أنت مذكر ، فإن مجيء هذا الأمر بالفاء في هذا الموطن ، فإنه يشعر بأن
النظر الدقيق والفكر الدارس ، مما قد يؤدي بصاحبه إلى الاستدلال على وجود الله
وعلى قدرته ، كما نطق مؤمن الجاهلية
قس بن ساعدة ، في خطبته المشهورة : ليل داج ،
ونهار ساج ، وسماء ذات أبراج ، ونجوم تزهر ، وبحار تزخر ، وجبال مرساة ، وأرض
مدحاة ، وأنهار مجراة . فقد ذكر السماء ، والجبال ، والأرض
قوله تعالىإن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم 



فيه الدلالة على أن
الإياب هو المرجع




قال عبيد 
وكل ذي
غيبة يئوب وغائب الموت لا يئوب




كما في قولهإلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون [
5 \ 48 ]
، وهو على الحقيقة
كما في صريح منطوق قوله تعالى
ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم الآية [ 3 \ 55 ] . وقولهثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون [
6 \ 164 ] . 




وقولهثم إن علينا حسابهم [ 88 \ 26 ] ، الإتيان بثم ; للإشعار ما بين إيابهم وبدء حسابهموإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [
22 \ 47 ] . 




وقوله : إن علينا ، بتقدم حرف التأكيد ، وإسناد ذلك
لله تعالى ، وبحرف " على " مما يؤكد ذلك لا محالة ، وأنه بأدق ما يكون ،
وعلى الصغيرة والكبيرة كما في قوله
وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله [
2 \ 284 ] . 




ص: 520 ] ومن الواضح مجيء إن
إلينا إيابهم 
ثم
إن علينا حسابهم 
، بعد قوله تعالىفذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفرفيعذبه الله العذاب الأكبر ; تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتخويفا لأولئك
الذين تولوا وأعرضوا ، ثم إن الحساب في اليوم الآخر ليس خاصا بهؤلاء ، بل هو عام
بجميع الخلائق . ولكن إسناده لله تعالى مما يدل على المعاني المتقدمة




نسأل الله العفو والسلامة