jeudi 29 novembre 2018
mardi 27 novembre 2018
وادخلي جنتي
كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ
الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى
لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ
أَحَدٌ * يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي
عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 21- 30].
الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى
لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ
أَحَدٌ * يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي
عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 21- 30].
قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ
الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴾ يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من
الأهوال العظيمة، فيقول: ﴿ كَلَّا ﴾: أي: حقًا ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ ﴾ أي: وطئت
ومهدت وسويت الأرض والجبال، قال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ
الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴾ [طه: 105]. وقوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ
وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22] أي وقام الخلائق من قبورهم لربهم وجاء ربك يعني لفصل
القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد-صلى الله عليه وسلم- بعد ما يسألون أولي العزم من الرسل واحدًا بعد واحد،
فكلهم يقول: لست بصاحب ذلك حتى تنتهي النوبة إلى محمد-صلى الله عليه وسلم- فيقول: أنا لها، فيذهب فيشفع عند الله ثم يجيء الرب تعالى لفصل القضاء
كما يشاء والملائكة يجيئون بين يديه صفوفًا[1]، فيا له من
موقف عظيم كما قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ
السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا *الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى
الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 25، 26]..
الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴾ يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من
الأهوال العظيمة، فيقول: ﴿ كَلَّا ﴾: أي: حقًا ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ ﴾ أي: وطئت
ومهدت وسويت الأرض والجبال، قال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ
الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴾ [طه: 105]. وقوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ
وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22] أي وقام الخلائق من قبورهم لربهم وجاء ربك يعني لفصل
القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد-صلى الله عليه وسلم- بعد ما يسألون أولي العزم من الرسل واحدًا بعد واحد،
فكلهم يقول: لست بصاحب ذلك حتى تنتهي النوبة إلى محمد-صلى الله عليه وسلم- فيقول: أنا لها، فيذهب فيشفع عند الله ثم يجيء الرب تعالى لفصل القضاء
كما يشاء والملائكة يجيئون بين يديه صفوفًا[1]، فيا له من
موقف عظيم كما قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ
السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا *الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى
الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 25، 26]..
قوله تعالى: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ
بِجَهَنَّمَ ﴾ [الفجر: 23] روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود-
رضي الله عنه - قال: قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ
يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ
مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا»[2].
بِجَهَنَّمَ ﴾ [الفجر: 23] روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود-
رضي الله عنه - قال: قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ
يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ
مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا»[2].
وقال أبو سعيد الخدري: لما نزلت وَجِي ءَ يَوْمَئِذٍ
بِجَهَنَّمَ تغير لون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعرف في وجهه.
حتى اشتد على أصحابه، ثم قال: «أقرأني جبريل: {كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ
دَكًّا دَكًّا}» الآية. {وجئ يومئذ بجهنم}. قال علي رضي الله عنه: قلت يا رسول
الله، كيف يجاء بها؟ قال: «تؤتى بها تقاد بسبعين ألف زمام، يقود بكل زمام سبعون
ألف ملك، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ثم تعرض لي جهنم فتقول: ما لي ولك
يا محمد، إن الله قد حرم لحمك علي» فلا يبقى أحد إلا قال نفسي نفسي! إلا محمد
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يقول: رب أمتي! رب أمتي! قوله تعالى:
{يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ} أي يتعظ ويتوب. وهو الكافر، أو من همته معظم
الدنيا. {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى} أي ومن أين له الاتعاظ والتوبة وقد فرط فيها في
الدنيا. ويقال: أي ومن أين له منفعة الذكرى. فلا بد من تقدير حذف المضاف، وإلا
فبين يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ وبين وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى تناف، قاله الزمخشري.
بِجَهَنَّمَ تغير لون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعرف في وجهه.
حتى اشتد على أصحابه، ثم قال: «أقرأني جبريل: {كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ
دَكًّا دَكًّا}» الآية. {وجئ يومئذ بجهنم}. قال علي رضي الله عنه: قلت يا رسول
الله، كيف يجاء بها؟ قال: «تؤتى بها تقاد بسبعين ألف زمام، يقود بكل زمام سبعون
ألف ملك، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ثم تعرض لي جهنم فتقول: ما لي ولك
يا محمد، إن الله قد حرم لحمك علي» فلا يبقى أحد إلا قال نفسي نفسي! إلا محمد
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يقول: رب أمتي! رب أمتي! قوله تعالى:
{يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ} أي يتعظ ويتوب. وهو الكافر، أو من همته معظم
الدنيا. {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى} أي ومن أين له الاتعاظ والتوبة وقد فرط فيها في
الدنيا. ويقال: أي ومن أين له منفعة الذكرى. فلا بد من تقدير حذف المضاف، وإلا
فبين يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ وبين وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى تناف، قاله الزمخشري.
وقوله تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ
الْإِنْسَانُ ﴾ [الفجر: 23] أي: عمله وما كان أسلفه في قديم الدهر وحديثه،
﴿ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾ [الفجر: 23]: أي: وكيف تنفعه الذكرى، يقول
نادمًا: ﴿ لَيْتَنِي قَدَّمْتُ
لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 24]: أي: يندم على ما كان سلف منه من المعاصي إن كان
عاصيًا، كما قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ
الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ
سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا
خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي
وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ
عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ
الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾ [النبأ: 40].
الْإِنْسَانُ ﴾ [الفجر: 23] أي: عمله وما كان أسلفه في قديم الدهر وحديثه،
﴿ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾ [الفجر: 23]: أي: وكيف تنفعه الذكرى، يقول
نادمًا: ﴿ لَيْتَنِي قَدَّمْتُ
لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 24]: أي: يندم على ما كان سلف منه من المعاصي إن كان
عاصيًا، كما قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ
الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ
سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا
خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي
وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ
عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ
الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾ [النبأ: 40].
أما إذا كان طائعًا فإنه يود لو ازداد من الطاعات، روى الإمام أحمد في مسنده
من حديث محمد بن أبي عميرة- رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «لَو أَنَّ عَبدًا خَرَّ عَلَى وَجهِهِ مِن يَومِ
وُلِدَ إِلَى أَن يَمُوتَ هَرِمًا فِي طَاعَةِ اللهِ لَحَقِرَهُ ذَلِكَ
اليَومَ، وَلَوَدَّ أَنَّهُ رُدَّ إِلَى الدُّنيَا كَيمَا يَزدَادَ مِنَ الأَجرِ
وَالثّوَابِ»[3].
من حديث محمد بن أبي عميرة- رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «لَو أَنَّ عَبدًا خَرَّ عَلَى وَجهِهِ مِن يَومِ
وُلِدَ إِلَى أَن يَمُوتَ هَرِمًا فِي طَاعَةِ اللهِ لَحَقِرَهُ ذَلِكَ
اليَومَ، وَلَوَدَّ أَنَّهُ رُدَّ إِلَى الدُّنيَا كَيمَا يَزدَادَ مِنَ الأَجرِ
وَالثّوَابِ»[3].
قوله تعالى: ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ
عَذَابَهُ أَحَدٌ ﴾ [الفجر: 25] أي ليس أحد أشد عذابًا من تعذيب الله من عصاه، قال
تعالى: ﴿ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ
الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 50]. ﴿ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ
أَحَدٌ ﴾ [الفجر: 26] أي: ليس أحد أشد قبضًا ووثقًا من الزبانية لمن كفر
بربهمڬ، هذا في حق المجرمين من الخلائق والظالمين فإنهم يُقَرَّنُون بسلاسل من نار
ويسحبون على وجوههم في الحميم، ثم في النار يسجرون، قال تعالى: ﴿ نَبِّئْ
عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ
الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 49، 50]. وقال تعالى: ﴿ خُذُوهُ
فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ
ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحاقة: 30 - 33].
عَذَابَهُ أَحَدٌ ﴾ [الفجر: 25] أي ليس أحد أشد عذابًا من تعذيب الله من عصاه، قال
تعالى: ﴿ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ
الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 50]. ﴿ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ
أَحَدٌ ﴾ [الفجر: 26] أي: ليس أحد أشد قبضًا ووثقًا من الزبانية لمن كفر
بربهمڬ، هذا في حق المجرمين من الخلائق والظالمين فإنهم يُقَرَّنُون بسلاسل من نار
ويسحبون على وجوههم في الحميم، ثم في النار يسجرون، قال تعالى: ﴿ نَبِّئْ
عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ
الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 49، 50]. وقال تعالى: ﴿ خُذُوهُ
فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ
ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحاقة: 30 - 33].
قوله تعالى: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ
الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ﴾ [الفجر: 27، 28] أي: النفس الزكية والمطمئنة هي الساكنة الثابتة الدائرة
مع الحق، فيقال لها: ارجعي إلى جواره وثوابه وما أعد لعباده في جنته،
﴿ رَاضِيَةً ﴾ [الفجر: 28]: أي: في نفسها مرضية، أي قد رضيت
عن الله ورضي عنها وأرضاها، كما قال تعالى: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [البينة: 8].
الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ﴾ [الفجر: 27، 28] أي: النفس الزكية والمطمئنة هي الساكنة الثابتة الدائرة
مع الحق، فيقال لها: ارجعي إلى جواره وثوابه وما أعد لعباده في جنته،
﴿ رَاضِيَةً ﴾ [الفجر: 28]: أي: في نفسها مرضية، أي قد رضيت
عن الله ورضي عنها وأرضاها، كما قال تعالى: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [البينة: 8].
قوله: ﴿ فَادْخُلِي فِي
عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 29، 30]: أي في جملة عبادي ﴿ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ ، وهذا يقال
لها عند الاحتضار وفي يوم القيامة، كما أن الملائكة يبشرون المؤمن عند احتضاره
وعند قيامه من قبره، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه -
أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ الْمَيِّتَ
تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَالُوا اخْرُجِي
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي
حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ». قَالَ:
«فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى
السَّمَاءِ..» ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الحَدِيثِ: «ثُمَّ يَجْلِسُ الرَّجُلُ
الصَّالِحُ فِي القَبْرِ فَيُقَالُ لَهُ مِثْلَ مَا قِيلَ لَهُ فِي الحَدِيثِ
الأَوَّلِ»[4].
عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 29، 30]: أي في جملة عبادي ﴿ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ ، وهذا يقال
لها عند الاحتضار وفي يوم القيامة، كما أن الملائكة يبشرون المؤمن عند احتضاره
وعند قيامه من قبره، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه -
أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ الْمَيِّتَ
تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَالُوا اخْرُجِي
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي
حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ». قَالَ:
«فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى
السَّمَاءِ..» ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الحَدِيثِ: «ثُمَّ يَجْلِسُ الرَّجُلُ
الصَّالِحُ فِي القَبْرِ فَيُقَالُ لَهُ مِثْلَ مَا قِيلَ لَهُ فِي الحَدِيثِ
الأَوَّلِ»[4].
{يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلى
رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (29) وَادْخُلِي
جَنَّتِي (30)}
قوله تعالى: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ}
لما ذكر حال من كانت همته الدنيا فاتهم الله في إغنائه، وإفقاره، ذكر حال من
اطمأنت نفسه إلى الله تعالى. فسلم لأمره، واتكل عليه.
وقيل: هو من قول الملائكة لأولياء الله عز وجل. والنفس
المطمئنة: الساكنة الموقنة، أيقنت أن الله ربها، فأخبتت لذلك، قاله مجاهد وغيره.
وقال ابن عباس: أي المطمئنة بثواب الله. وعنه المؤمنة.
وقال الحسن: المؤمنة الموقنة. وعن مجاهد أيضا: الراضية
بقضاء الله، التي علمت أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها، وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها.
وقال مقاتل: الآمنة من عذاب الله.
وفي حرف أبي بن كعب يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة.
وقيل: التي عملت على يقين بما وعد الله في كتابه.
وقال ابن كيسان: المطمئنة هنا: المخلصة.
وقال ابن عطاء: العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين.
وقيل: المطمئنة بذكر الله تعالى بيانه {الَّذِينَ
آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرعد: 28].
وقيل: المطمئنة بالايمان، المصدقة بالبعث والثواب.
وقال ابن زيد: المطمئنة لأنها بشرت بالجنة عند الموت،
وعند البعث، ويوم الجمع.
وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: يعني نفس حمزة.
والصحيح أنها عامة في كل نفس مؤمن مخلص طائع. قال الحسن البصري: إن الله تعالى إذا
أراد أن يقبض روح عبده المؤمن، اطمأنت النفس إلى الله تعالى، واطمأن الله إليها.
وقال عمرو بن العاص: إذا توفي
المؤمن أرسل الله إليه ملكين، وأرسل معهما تحفة من الجنة، فيقولان لها: اخرجي
أيتها النفس المطمئنة راضية مرضية، ومرضيا عنك، اخرجي إلى روح وريحان، ورب راض غير
غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك وجد أحد من أنفه على ظهر الأرض. وذكر الحديث.
وقال سعيد بن زائد: قرأ رجل عند النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، فقال أبو بكر: ما
أحسن هذا يا رسول الله! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الملك
سيقولها لك يا أبا بكر».
وقال سعيد بن جبير: مات ابن عباس بالطائف، فجاء طائر لم
ير على خلقته طائر قط، فدخل نعشه، ثم لم ير خارجا منه، فلما دفن تليت هذه الآية
على شفير القبر- لا يدري من تلاها-: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ
ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً.
وروى الضحاك أنها نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه
حين وقف بئر رومة.
وقيل: نزلت في بيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة، وجعلوا
وجهه إلى المدينة، فحول الله وجهه نحو القبلة. والله أعلم. معنى {إِلى رَبِّكِ} أي
إلى صاحبك وجسدك، قاله ابن عباس وعكرمة
وعطاء. واختاره الطبري، ودليله قراءة ابن عباس فادخلي في عبدي على التوحيد، فيأمر
الله تعالى الأرواح غدا أن ترجع إلى الأجساد. وقرأ ابن مسعود {في جسد عبدي}.
وقال الحسن: ارجعي إلى ثواب ربك وكرامته.
وقال أبو صالح: المعنى: ارجعي إلى الله. وهذا عند الموت.
{فَادْخُلِي فِي عِبادِي} أي في أجساد عبادي،
دليله قراءة ابن عباس وابن مسعود. قال ابن عباس: هذا يوم القيامة، وقاله الضحاك.
والجمهور على أن الجنة هي دار الخلود التي هي مسكن الأبرار، ودار الصالحين
والأخيار. ومعنى فِي عِبادِي أي في الصالحين من عبادي، كما قال:
{لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: 9].
وقال الأخفش: فِي عِبادِي أي في حزبي، والمعنى واحد. أي
انتظمي في سلكهم. {وَادْخُلِي جَنَّتِي} معهم.
رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (29) وَادْخُلِي
جَنَّتِي (30)}
قوله تعالى: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ}
لما ذكر حال من كانت همته الدنيا فاتهم الله في إغنائه، وإفقاره، ذكر حال من
اطمأنت نفسه إلى الله تعالى. فسلم لأمره، واتكل عليه.
وقيل: هو من قول الملائكة لأولياء الله عز وجل. والنفس
المطمئنة: الساكنة الموقنة، أيقنت أن الله ربها، فأخبتت لذلك، قاله مجاهد وغيره.
وقال ابن عباس: أي المطمئنة بثواب الله. وعنه المؤمنة.
وقال الحسن: المؤمنة الموقنة. وعن مجاهد أيضا: الراضية
بقضاء الله، التي علمت أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها، وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها.
وقال مقاتل: الآمنة من عذاب الله.
وفي حرف أبي بن كعب يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة.
وقيل: التي عملت على يقين بما وعد الله في كتابه.
وقال ابن كيسان: المطمئنة هنا: المخلصة.
وقال ابن عطاء: العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين.
وقيل: المطمئنة بذكر الله تعالى بيانه {الَّذِينَ
آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرعد: 28].
وقيل: المطمئنة بالايمان، المصدقة بالبعث والثواب.
وقال ابن زيد: المطمئنة لأنها بشرت بالجنة عند الموت،
وعند البعث، ويوم الجمع.
وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: يعني نفس حمزة.
والصحيح أنها عامة في كل نفس مؤمن مخلص طائع. قال الحسن البصري: إن الله تعالى إذا
أراد أن يقبض روح عبده المؤمن، اطمأنت النفس إلى الله تعالى، واطمأن الله إليها.
وقال عمرو بن العاص: إذا توفي
المؤمن أرسل الله إليه ملكين، وأرسل معهما تحفة من الجنة، فيقولان لها: اخرجي
أيتها النفس المطمئنة راضية مرضية، ومرضيا عنك، اخرجي إلى روح وريحان، ورب راض غير
غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك وجد أحد من أنفه على ظهر الأرض. وذكر الحديث.
وقال سعيد بن زائد: قرأ رجل عند النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، فقال أبو بكر: ما
أحسن هذا يا رسول الله! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الملك
سيقولها لك يا أبا بكر».
وقال سعيد بن جبير: مات ابن عباس بالطائف، فجاء طائر لم
ير على خلقته طائر قط، فدخل نعشه، ثم لم ير خارجا منه، فلما دفن تليت هذه الآية
على شفير القبر- لا يدري من تلاها-: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ
ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً.
وروى الضحاك أنها نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه
حين وقف بئر رومة.
وقيل: نزلت في بيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة، وجعلوا
وجهه إلى المدينة، فحول الله وجهه نحو القبلة. والله أعلم. معنى {إِلى رَبِّكِ} أي
إلى صاحبك وجسدك، قاله ابن عباس وعكرمة
وعطاء. واختاره الطبري، ودليله قراءة ابن عباس فادخلي في عبدي على التوحيد، فيأمر
الله تعالى الأرواح غدا أن ترجع إلى الأجساد. وقرأ ابن مسعود {في جسد عبدي}.
وقال الحسن: ارجعي إلى ثواب ربك وكرامته.
وقال أبو صالح: المعنى: ارجعي إلى الله. وهذا عند الموت.
{فَادْخُلِي فِي عِبادِي} أي في أجساد عبادي،
دليله قراءة ابن عباس وابن مسعود. قال ابن عباس: هذا يوم القيامة، وقاله الضحاك.
والجمهور على أن الجنة هي دار الخلود التي هي مسكن الأبرار، ودار الصالحين
والأخيار. ومعنى فِي عِبادِي أي في الصالحين من عبادي، كما قال:
{لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: 9].
وقال الأخفش: فِي عِبادِي أي في حزبي، والمعنى واحد. أي
انتظمي في سلكهم. {وَادْخُلِي جَنَّتِي} معهم.
كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ
الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى
لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ
أَحَدٌ * يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي
عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 21- 30].
الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى
لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ
أَحَدٌ * يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي
عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 21- 30].
قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ
الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴾ يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من
الأهوال العظيمة، فيقول: ﴿ كَلَّا ﴾: أي: حقًا ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ ﴾ أي: وطئت
ومهدت وسويت الأرض والجبال، قال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ
الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴾ [طه: 105]. وقوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ
وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22] أي وقام الخلائق من قبورهم لربهم وجاء ربك يعني لفصل
القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد-صلى الله عليه وسلم- بعد ما يسألون أولي العزم من الرسل واحدًا بعد واحد،
فكلهم يقول: لست بصاحب ذلك حتى تنتهي النوبة إلى محمد-صلى الله عليه وسلم- فيقول: أنا لها، فيذهب فيشفع عند الله ثم يجيء الرب تعالى لفصل القضاء
كما يشاء والملائكة يجيئون بين يديه صفوفًا[1]، فيا له من
موقف عظيم كما قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ
السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا *الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى
الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 25، 26]..
الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴾ يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من
الأهوال العظيمة، فيقول: ﴿ كَلَّا ﴾: أي: حقًا ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ ﴾ أي: وطئت
ومهدت وسويت الأرض والجبال، قال تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ
الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴾ [طه: 105]. وقوله تعالى: ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ
وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴾ [الفجر: 22] أي وقام الخلائق من قبورهم لربهم وجاء ربك يعني لفصل
القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق محمد-صلى الله عليه وسلم- بعد ما يسألون أولي العزم من الرسل واحدًا بعد واحد،
فكلهم يقول: لست بصاحب ذلك حتى تنتهي النوبة إلى محمد-صلى الله عليه وسلم- فيقول: أنا لها، فيذهب فيشفع عند الله ثم يجيء الرب تعالى لفصل القضاء
كما يشاء والملائكة يجيئون بين يديه صفوفًا[1]، فيا له من
موقف عظيم كما قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ
السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا *الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى
الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 25، 26]..
قوله تعالى: ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ
بِجَهَنَّمَ ﴾ [الفجر: 23] روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود-
رضي الله عنه - قال: قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ
يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ
مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا»[2].
بِجَهَنَّمَ ﴾ [الفجر: 23] روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود-
رضي الله عنه - قال: قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ
يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ
مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا»[2].
وقال أبو سعيد الخدري: لما نزلت وَجِي ءَ يَوْمَئِذٍ
بِجَهَنَّمَ تغير لون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعرف في وجهه.
حتى اشتد على أصحابه، ثم قال: «أقرأني جبريل: {كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ
دَكًّا دَكًّا}» الآية. {وجئ يومئذ بجهنم}. قال علي رضي الله عنه: قلت يا رسول
الله، كيف يجاء بها؟ قال: «تؤتى بها تقاد بسبعين ألف زمام، يقود بكل زمام سبعون
ألف ملك، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ثم تعرض لي جهنم فتقول: ما لي ولك
يا محمد، إن الله قد حرم لحمك علي» فلا يبقى أحد إلا قال نفسي نفسي! إلا محمد
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يقول: رب أمتي! رب أمتي! قوله تعالى:
{يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ} أي يتعظ ويتوب. وهو الكافر، أو من همته معظم
الدنيا. {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى} أي ومن أين له الاتعاظ والتوبة وقد فرط فيها في
الدنيا. ويقال: أي ومن أين له منفعة الذكرى. فلا بد من تقدير حذف المضاف، وإلا
فبين يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ وبين وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى تناف، قاله الزمخشري.
بِجَهَنَّمَ تغير لون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعرف في وجهه.
حتى اشتد على أصحابه، ثم قال: «أقرأني جبريل: {كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ
دَكًّا دَكًّا}» الآية. {وجئ يومئذ بجهنم}. قال علي رضي الله عنه: قلت يا رسول
الله، كيف يجاء بها؟ قال: «تؤتى بها تقاد بسبعين ألف زمام، يقود بكل زمام سبعون
ألف ملك، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع ثم تعرض لي جهنم فتقول: ما لي ولك
يا محمد، إن الله قد حرم لحمك علي» فلا يبقى أحد إلا قال نفسي نفسي! إلا محمد
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه يقول: رب أمتي! رب أمتي! قوله تعالى:
{يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ} أي يتعظ ويتوب. وهو الكافر، أو من همته معظم
الدنيا. {وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى} أي ومن أين له الاتعاظ والتوبة وقد فرط فيها في
الدنيا. ويقال: أي ومن أين له منفعة الذكرى. فلا بد من تقدير حذف المضاف، وإلا
فبين يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ وبين وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى تناف، قاله الزمخشري.
وقوله تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ
الْإِنْسَانُ ﴾ [الفجر: 23] أي: عمله وما كان أسلفه في قديم الدهر وحديثه،
﴿ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾ [الفجر: 23]: أي: وكيف تنفعه الذكرى، يقول
نادمًا: ﴿ لَيْتَنِي قَدَّمْتُ
لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 24]: أي: يندم على ما كان سلف منه من المعاصي إن كان
عاصيًا، كما قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ
الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ
سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا
خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي
وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ
عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ
الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾ [النبأ: 40].
الْإِنْسَانُ ﴾ [الفجر: 23] أي: عمله وما كان أسلفه في قديم الدهر وحديثه،
﴿ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴾ [الفجر: 23]: أي: وكيف تنفعه الذكرى، يقول
نادمًا: ﴿ لَيْتَنِي قَدَّمْتُ
لِحَيَاتِي ﴾ [الفجر: 24]: أي: يندم على ما كان سلف منه من المعاصي إن كان
عاصيًا، كما قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ
الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ
سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا
خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي
وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ
عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ
الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾ [النبأ: 40].
أما إذا كان طائعًا فإنه يود لو ازداد من الطاعات، روى الإمام أحمد في مسنده
من حديث محمد بن أبي عميرة- رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «لَو أَنَّ عَبدًا خَرَّ عَلَى وَجهِهِ مِن يَومِ
وُلِدَ إِلَى أَن يَمُوتَ هَرِمًا فِي طَاعَةِ اللهِ لَحَقِرَهُ ذَلِكَ
اليَومَ، وَلَوَدَّ أَنَّهُ رُدَّ إِلَى الدُّنيَا كَيمَا يَزدَادَ مِنَ الأَجرِ
وَالثّوَابِ»[3].
من حديث محمد بن أبي عميرة- رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «لَو أَنَّ عَبدًا خَرَّ عَلَى وَجهِهِ مِن يَومِ
وُلِدَ إِلَى أَن يَمُوتَ هَرِمًا فِي طَاعَةِ اللهِ لَحَقِرَهُ ذَلِكَ
اليَومَ، وَلَوَدَّ أَنَّهُ رُدَّ إِلَى الدُّنيَا كَيمَا يَزدَادَ مِنَ الأَجرِ
وَالثّوَابِ»[3].
قوله تعالى: ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ
عَذَابَهُ أَحَدٌ ﴾ [الفجر: 25] أي ليس أحد أشد عذابًا من تعذيب الله من عصاه، قال
تعالى: ﴿ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ
الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 50]. ﴿ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ
أَحَدٌ ﴾ [الفجر: 26] أي: ليس أحد أشد قبضًا ووثقًا من الزبانية لمن كفر
بربهمڬ، هذا في حق المجرمين من الخلائق والظالمين فإنهم يُقَرَّنُون بسلاسل من نار
ويسحبون على وجوههم في الحميم، ثم في النار يسجرون، قال تعالى: ﴿ نَبِّئْ
عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ
الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 49، 50]. وقال تعالى: ﴿ خُذُوهُ
فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ
ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحاقة: 30 - 33].
عَذَابَهُ أَحَدٌ ﴾ [الفجر: 25] أي ليس أحد أشد عذابًا من تعذيب الله من عصاه، قال
تعالى: ﴿ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ
الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 50]. ﴿ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ
أَحَدٌ ﴾ [الفجر: 26] أي: ليس أحد أشد قبضًا ووثقًا من الزبانية لمن كفر
بربهمڬ، هذا في حق المجرمين من الخلائق والظالمين فإنهم يُقَرَّنُون بسلاسل من نار
ويسحبون على وجوههم في الحميم، ثم في النار يسجرون، قال تعالى: ﴿ نَبِّئْ
عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ
الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 49، 50]. وقال تعالى: ﴿ خُذُوهُ
فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ
ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحاقة: 30 - 33].
قوله تعالى: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ
الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ﴾ [الفجر: 27، 28] أي: النفس الزكية والمطمئنة هي الساكنة الثابتة الدائرة
مع الحق، فيقال لها: ارجعي إلى جواره وثوابه وما أعد لعباده في جنته،
﴿ رَاضِيَةً ﴾ [الفجر: 28]: أي: في نفسها مرضية، أي قد رضيت
عن الله ورضي عنها وأرضاها، كما قال تعالى: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [البينة: 8].
الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ﴾ [الفجر: 27، 28] أي: النفس الزكية والمطمئنة هي الساكنة الثابتة الدائرة
مع الحق، فيقال لها: ارجعي إلى جواره وثوابه وما أعد لعباده في جنته،
﴿ رَاضِيَةً ﴾ [الفجر: 28]: أي: في نفسها مرضية، أي قد رضيت
عن الله ورضي عنها وأرضاها، كما قال تعالى: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [البينة: 8].
قوله: ﴿ فَادْخُلِي فِي
عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 29، 30]: أي في جملة عبادي ﴿ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ ، وهذا يقال
لها عند الاحتضار وفي يوم القيامة، كما أن الملائكة يبشرون المؤمن عند احتضاره
وعند قيامه من قبره، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه -
أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ الْمَيِّتَ
تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَالُوا اخْرُجِي
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي
حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ». قَالَ:
«فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى
السَّمَاءِ..» ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الحَدِيثِ: «ثُمَّ يَجْلِسُ الرَّجُلُ
الصَّالِحُ فِي القَبْرِ فَيُقَالُ لَهُ مِثْلَ مَا قِيلَ لَهُ فِي الحَدِيثِ
الأَوَّلِ»[4].
عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 29، 30]: أي في جملة عبادي ﴿ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ ، وهذا يقال
لها عند الاحتضار وفي يوم القيامة، كما أن الملائكة يبشرون المؤمن عند احتضاره
وعند قيامه من قبره، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه -
أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ الْمَيِّتَ
تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَالُوا اخْرُجِي
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ، اخْرُجِي
حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ». قَالَ:
«فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى
السَّمَاءِ..» ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الحَدِيثِ: «ثُمَّ يَجْلِسُ الرَّجُلُ
الصَّالِحُ فِي القَبْرِ فَيُقَالُ لَهُ مِثْلَ مَا قِيلَ لَهُ فِي الحَدِيثِ
الأَوَّلِ»[4].
{يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلى
رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (29) وَادْخُلِي
جَنَّتِي (30)}
قوله تعالى: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ}
لما ذكر حال من كانت همته الدنيا فاتهم الله في إغنائه، وإفقاره، ذكر حال من
اطمأنت نفسه إلى الله تعالى. فسلم لأمره، واتكل عليه.
وقيل: هو من قول الملائكة لأولياء الله عز وجل. والنفس
المطمئنة: الساكنة الموقنة، أيقنت أن الله ربها، فأخبتت لذلك، قاله مجاهد وغيره.
وقال ابن عباس: أي المطمئنة بثواب الله. وعنه المؤمنة.
وقال الحسن: المؤمنة الموقنة. وعن مجاهد أيضا: الراضية
بقضاء الله، التي علمت أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها، وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها.
وقال مقاتل: الآمنة من عذاب الله.
وفي حرف أبي بن كعب يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة.
وقيل: التي عملت على يقين بما وعد الله في كتابه.
وقال ابن كيسان: المطمئنة هنا: المخلصة.
وقال ابن عطاء: العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين.
وقيل: المطمئنة بذكر الله تعالى بيانه {الَّذِينَ
آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرعد: 28].
وقيل: المطمئنة بالايمان، المصدقة بالبعث والثواب.
وقال ابن زيد: المطمئنة لأنها بشرت بالجنة عند الموت،
وعند البعث، ويوم الجمع.
وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: يعني نفس حمزة.
والصحيح أنها عامة في كل نفس مؤمن مخلص طائع. قال الحسن البصري: إن الله تعالى إذا
أراد أن يقبض روح عبده المؤمن، اطمأنت النفس إلى الله تعالى، واطمأن الله إليها.
وقال عمرو بن العاص: إذا توفي
المؤمن أرسل الله إليه ملكين، وأرسل معهما تحفة من الجنة، فيقولان لها: اخرجي
أيتها النفس المطمئنة راضية مرضية، ومرضيا عنك، اخرجي إلى روح وريحان، ورب راض غير
غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك وجد أحد من أنفه على ظهر الأرض. وذكر الحديث.
وقال سعيد بن زائد: قرأ رجل عند النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، فقال أبو بكر: ما
أحسن هذا يا رسول الله! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الملك
سيقولها لك يا أبا بكر».
وقال سعيد بن جبير: مات ابن عباس بالطائف، فجاء طائر لم
ير على خلقته طائر قط، فدخل نعشه، ثم لم ير خارجا منه، فلما دفن تليت هذه الآية
على شفير القبر- لا يدري من تلاها-: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ
ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً.
وروى الضحاك أنها نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه
حين وقف بئر رومة.
وقيل: نزلت في بيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة، وجعلوا
وجهه إلى المدينة، فحول الله وجهه نحو القبلة. والله أعلم. معنى {إِلى رَبِّكِ} أي
إلى صاحبك وجسدك، قاله ابن عباس وعكرمة
وعطاء. واختاره الطبري، ودليله قراءة ابن عباس فادخلي في عبدي على التوحيد، فيأمر
الله تعالى الأرواح غدا أن ترجع إلى الأجساد. وقرأ ابن مسعود {في جسد عبدي}.
وقال الحسن: ارجعي إلى ثواب ربك وكرامته.
وقال أبو صالح: المعنى: ارجعي إلى الله. وهذا عند الموت.
{فَادْخُلِي فِي عِبادِي} أي في أجساد عبادي،
دليله قراءة ابن عباس وابن مسعود. قال ابن عباس: هذا يوم القيامة، وقاله الضحاك.
والجمهور على أن الجنة هي دار الخلود التي هي مسكن الأبرار، ودار الصالحين
والأخيار. ومعنى فِي عِبادِي أي في الصالحين من عبادي، كما قال:
{لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: 9].
وقال الأخفش: فِي عِبادِي أي في حزبي، والمعنى واحد. أي
انتظمي في سلكهم. {وَادْخُلِي جَنَّتِي} معهم.
رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (29) وَادْخُلِي
جَنَّتِي (30)}
قوله تعالى: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ}
لما ذكر حال من كانت همته الدنيا فاتهم الله في إغنائه، وإفقاره، ذكر حال من
اطمأنت نفسه إلى الله تعالى. فسلم لأمره، واتكل عليه.
وقيل: هو من قول الملائكة لأولياء الله عز وجل. والنفس
المطمئنة: الساكنة الموقنة، أيقنت أن الله ربها، فأخبتت لذلك، قاله مجاهد وغيره.
وقال ابن عباس: أي المطمئنة بثواب الله. وعنه المؤمنة.
وقال الحسن: المؤمنة الموقنة. وعن مجاهد أيضا: الراضية
بقضاء الله، التي علمت أن ما أخطأها لم يكن ليصيبها، وأن ما أصابها لم يكن ليخطئها.
وقال مقاتل: الآمنة من عذاب الله.
وفي حرف أبي بن كعب يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة.
وقيل: التي عملت على يقين بما وعد الله في كتابه.
وقال ابن كيسان: المطمئنة هنا: المخلصة.
وقال ابن عطاء: العارفة التي لا تصبر عنه طرفة عين.
وقيل: المطمئنة بذكر الله تعالى بيانه {الَّذِينَ
آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرعد: 28].
وقيل: المطمئنة بالايمان، المصدقة بالبعث والثواب.
وقال ابن زيد: المطمئنة لأنها بشرت بالجنة عند الموت،
وعند البعث، ويوم الجمع.
وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: يعني نفس حمزة.
والصحيح أنها عامة في كل نفس مؤمن مخلص طائع. قال الحسن البصري: إن الله تعالى إذا
أراد أن يقبض روح عبده المؤمن، اطمأنت النفس إلى الله تعالى، واطمأن الله إليها.
وقال عمرو بن العاص: إذا توفي
المؤمن أرسل الله إليه ملكين، وأرسل معهما تحفة من الجنة، فيقولان لها: اخرجي
أيتها النفس المطمئنة راضية مرضية، ومرضيا عنك، اخرجي إلى روح وريحان، ورب راض غير
غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك وجد أحد من أنفه على ظهر الأرض. وذكر الحديث.
وقال سعيد بن زائد: قرأ رجل عند النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، فقال أبو بكر: ما
أحسن هذا يا رسول الله! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الملك
سيقولها لك يا أبا بكر».
وقال سعيد بن جبير: مات ابن عباس بالطائف، فجاء طائر لم
ير على خلقته طائر قط، فدخل نعشه، ثم لم ير خارجا منه، فلما دفن تليت هذه الآية
على شفير القبر- لا يدري من تلاها-: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ
ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً.
وروى الضحاك أنها نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه
حين وقف بئر رومة.
وقيل: نزلت في بيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة، وجعلوا
وجهه إلى المدينة، فحول الله وجهه نحو القبلة. والله أعلم. معنى {إِلى رَبِّكِ} أي
إلى صاحبك وجسدك، قاله ابن عباس وعكرمة
وعطاء. واختاره الطبري، ودليله قراءة ابن عباس فادخلي في عبدي على التوحيد، فيأمر
الله تعالى الأرواح غدا أن ترجع إلى الأجساد. وقرأ ابن مسعود {في جسد عبدي}.
وقال الحسن: ارجعي إلى ثواب ربك وكرامته.
وقال أبو صالح: المعنى: ارجعي إلى الله. وهذا عند الموت.
{فَادْخُلِي فِي عِبادِي} أي في أجساد عبادي،
دليله قراءة ابن عباس وابن مسعود. قال ابن عباس: هذا يوم القيامة، وقاله الضحاك.
والجمهور على أن الجنة هي دار الخلود التي هي مسكن الأبرار، ودار الصالحين
والأخيار. ومعنى فِي عِبادِي أي في الصالحين من عبادي، كما قال:
{لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: 9].
وقال الأخفش: فِي عِبادِي أي في حزبي، والمعنى واحد. أي
انتظمي في سلكهم. {وَادْخُلِي جَنَّتِي} معهم.
Inscription à :
Articles (Atom)