التحذير من
تغيير أحكام الميراث
الحمد
لله الذي قسم الميراث بنفسه وهو أعدل من قسم وهو الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم
يعلم. وأشهد ألا إله إلا اله إلا الله وحده لا شريك له في عبادته وهو أعلم وأحكم
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أصدق البرية لساناً وأعلاها مقاماً وأعظمها شأناً صلى
الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيراً.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71] ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا
زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ
الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
أما بعد:
أيها
المسلمون إن من المواضيع الهامة التي يشتكي منها كثير من المسلمين والمسلمات
ونشاهدها في كثير من المجتمعات قضية الحرمان أو التحايل على أكل الميراث فكم من
امرأة حرمت من ميراثها.وكم من يتامى أكلت حقوقهم وكم من
ضعفاء لم يجدوا لهم ناصرا.ومما يزيد من الألم ويفجع الفؤاد أن يكون
الظلم من الإخوة للأخوات ولله در الشاعر إذ يقول:
وظلم ذوي
القربى أشد مضاضة ♦♦♦ على
النفس من وقع الحسام المهند.
لقد حرم الله - عز وجل - الظلم على
نفسه، وحرمه على عباده، كما في الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي
إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ
بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا) رواه مسلم.والله - عز وجل - توعد الظالمين
بالعذاب فقال تعالى: ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ
اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ
تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾ [سورة إبراهيم، 42]. وقال: ﴿ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [سورة هود، 18].
لذا كان لزاما وأجل مسمى أن نتكلم أن عن
هذه القضية:
العنصر
الأول: الميراث وصية الله تعالى لعباده.
أيها
الأحباب: الميراث هو وصية الله تعالى لعباده والذي يتأمل في فرائض الإسلام ليرى
أمرا عجيبا فالله تعالى فرض علينا الصلاة ولم يبين في القران عدد الركعات وتركها
لنبيه - صلى الله عليه وسلم ليبينها لنا عن طريق السنة التي هي المصدر الثاني
للتشريع وكذا الزكاة، أما الميراث فبينه - سبحانه وتعالى - فبين لنا نصيب كل فرد
وبين لنا أحوله.
إنه
- سبحانه - يوصي بتقسيم الميراث تقسيمًا إسلاميًّا على منهج القرآن الكريم،
وهذا يعني أنه - سبحانه - وإن كان قد وصَّى بالتوحيد والتقوى -
وهما من أعظم أمور الدين - مرة واحدة، فقد وصَّى وما زال يوصي إلى
الآن - بل إلى قيام الساعة - بالْتِزام المنهج القرآني عند تقسيم
الميراث، فقال:﴿ يُوصِيكُمُ ﴾ [النساء: 11] بالفعل المضارع الذي يدلُّ على التجدُّد والاستمرارية،
وفي ذلك إشارة واضحة إلى الاهتمام البالغ من القرآن بتقسيم الميراث تقسيمًا
شرعيًّا مصدره الوحي المعصوم.
أيها الناس، إن من عادة كل إنسان أن
يُنَفِّذ وصيَّة مَن له مكانة عنده، وكلما عَلَت مكانة الموصِي، كان تَنفيذ
وصيَّته ألْزَمَ، ولا سيَّما إن كرَّر نفس الوصية وأمَر بتنفيذها.
إن الله - جل في علاه - أعظم
من كلِّ عظيم، وأكبر من كلِّ كبير، وأعلى من كلِّ عليٍّ؛ لذا نقول: إنَّ وصيَّة
الله في الميراث أَوْلَى أن تُنَفَّذ.
{ يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيۤ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
ٱلأُنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا
تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ
مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُنْ
لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ
إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَوْ دَيْنٍ
آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً
فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا
تَرَكَ أَزْوَٰجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ
وَلَدٌ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَآ
أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّكُمْ
وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن
بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ
كَلَٰلَةً أَو ٱمْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا
ٱلسُّدُسُ فَإِن كَانُوۤاْ أَكْثَرَ مِن ذٰلِكَ فَهُمْ شُرَكَآءُ فِي ٱلثُّلُثِ
مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ
ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ } * { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ
يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
وَذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ آيات 11 النساء
ثم قال في آخر السورة : { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي
ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ
مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا
ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً
رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ
لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } آية 176 النساء
أ / خصائص نظام
الإرث في الإسلام :
* نظام
رباني : تكفّل الله بتحديد
الورثة وأنصبتهم وشروط استحقاقهم للتركة
* نظام شمولي : يشمل الإرث الرجال والنساء وأطفال والقادر
والعاجز
* نظام عادل
: لا يحرم الوارث من الإرث بسبب جنسه
*
نظام متوازن : يحترم خصائص المجتمع
المسلم والأحكام المؤطرة له ، ويترك
للهالك حق التصرف في ثلث التركة ، ويندب إلى الإنفاق على غير الوارث
ب / مقاصد نظام الإرث
* تحقيق مبدأ الاستخلاف في المال : بتأكيد مبدأ أنّ المال مال الله
، وأن الإنسان مستخلف فيه
* تحقيق العدالة الاجتماعية : من خلال إعادة توزيع التركات على
الأصول والفروع والحواشي للهالك
* تفضيل بعض الورثة على البعض الآخر بحسب القرب من الهالك
* إنعاش الدورة المالية وتسهيل تداول المال بمنع تكديس الثروة
ج / تنبيهات مهمّة :
* إنّ الله سبحانه وتعالى
توكّل بذاته العلية تفصيل الإرث فلم يتركه للنبي صلى الله عليه وسلم ليبيّنه في
سنته الغراء ، كما فعل في كثير من الأوامر الأخرى كالصلاة والزكاة والحج وغير ذلك
ممّا تولت السنة المباركة تبيانه وتوضيحه ، وإنّما نجد في آيات المواريث
تفصيلا دقيقا للفروض والمقادير
والتفصيل فيه يوقف زحف الطامعين ويأخذ حق
المستضعفين ويحقن الدماء ، حيث يعرف كل
واحد أن الله سبحانه وتعالى هو الذي قرر كيفية توزيع الإرث لا أحد غيره
* أن الإرث يقع تحت
القاعدة الفقهية " الغُرْم بالغُنْم " ومعنى هذا
أن الذي يأخذ الإرث الشرعي له حق في ذلك ،
ولكن بالمقابل عليه واجبات ، فإنما أعطاه الله حق الإرث مقابل ما يجب أن يقدمه من
رعاية وولاية وتربية وصرف بعض الأوقات للتوجيه والعناية بمن تركهم المتوفى
د / من مميّزات الميراث في
الإسلام
* كثيرا ما نسمع في دول أوروبية أنه توفي
أحدهم وله من الثروات والمقدرات لا حصر لها تركها لقطة أو لكلب كان يربيه صاحب
المال ، أو تذهب النقود كلها لخادمة أو لجمعية
... أما في الإسلام فقد أعطى الحرية للتصرف في الإرث فقط في حد الثلث ، ولا
وصية لوارث ولا تجوز الوصية لجهة ممنوعة ، ومن أهمّ سمات الإرث في الإسلام أنّه :
قدّر الوارثين بالفروض السهام المقدرة
كالربع والثمن والسدس والنصف ما عدا أصحاب التعصيب ، وهذا لا مثيل له في بقية
الشرائع
* جعل للمرأة نصيباً من الإرث فالأم والزوجة والبنت وبنت الابن والأخت وأمثالهن يشاركن فيه، وجعل للزوجة الحق في استيفاء المهر والصداق إن لم تكن قد قبضته من دون نصيبها في الإرث فهو يعتبر ديْنا يجب سداده قبل تقسيم الإرث ولا يعتبر من نصيبها في الميراث
* جعل للمرأة نصيباً من الإرث فالأم والزوجة والبنت وبنت الابن والأخت وأمثالهن يشاركن فيه، وجعل للزوجة الحق في استيفاء المهر والصداق إن لم تكن قد قبضته من دون نصيبها في الإرث فهو يعتبر ديْنا يجب سداده قبل تقسيم الإرث ولا يعتبر من نصيبها في الميراث
* شجّع على
إعطاء جزءا ولو كان بسيطا من
التركة للأقارب الذين لا نصيب لهم في التركة ، تطييبا لأنفسهم وكذلك التصدق على من
حضر من اليتامى والمساكين وذلك في قوله تعالى "وَإِذَا حَضَرَ
الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم
مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفا "ً
* أمر بعدم هضم حقوق صغار الورثة من الذكور والإناث عند القسمة من
قبل كبار الورثة ، وكذلك الحفاظ على أموال هؤلاء اليتامى من قبل إخوانهم أو
أعمامهم أو من هم في كفالتهم وخاصة في غياب رقابة الدولة على إجراءات قسمة التركة
وذلك في قوله تعالى "وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ
خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ
وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ
الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ
سَعِيراً"
إن نظام الإرث الذي جاء به القرآن الكريم
نظام مبتكر وفريد لم يسبق للبشر أن تعاملوا بمثله ولن يتمكنوا كذلك من أن يأتوا
بنظام مثله أبدا ، فهذا النظام قد تم وضعه على أسس واضحة ولأهداف بينة وليس بطريقة
اعتباطية
ه / الإسلام أكرم المرأة
وأعطاها ما يناسب حالها من الميراث
إنّ توريث المرأة على النصف من الرجل ، ليس
موقفا عامّا ولا قاعدة مطّردة في نظام الإرث في الإسلام ، فالقرآن لم يقل : "
يوصيكم الله للذكر مثل حظّ الأنثييْن " وإنّما
قال : " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظّ الأنثيين " ،
فالتمايز في أنصبة الوارثين والوارثات ، لا يعود إلى مقياس الذكورة والإنوثة ،
وإنّما يعود إلى حِكم إلهيّة ومقاصد ربانيّة
ويمكن أن نكشف عن فلسفة التشريع الإسلامي
في هذا التمايز من خلال هذه المعايير الثلاثة ، وهي :
المعيار الأوّل : درجة القرابة من الميّت : فالبنت أقرب إليه من أبيه وأمّه ، لذلك
تستحقّ أوفر منهما نصيبا
المعيار الثاني : موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال : فالأجيال التي
تستقبل الحياة عادة ما يكون نصيبها أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة
وتتخفّف من أعبائها بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة من الوارثين والوارثات ، فبنت
الميّت ترث أكثر من أمّه وكلتاهما أنثى ، وترث البنت أكثر من الأب حتى ولو كانت
رضيعة لم تدرك بعد ، ولو كان الأب هو مصدر ثروة ابنه المتوفّى والتي تنفرد البنت
بنصفها ، وكذلك يرث الابن أكثر من الأب ، وكلاهما من الذكور وهذا لا علاقة له
بالذكورة والأنوثة إطلاقا
المعيار الثالث : الواجبات المالية التي يفرض الشرع على الوارث تحمّلها ، وهذا
المعيار الوحيد الذي يؤخذ فيه بعين النظر اعتبار الذكورة من الأنوثة ، لكنه لا
يفضي إلى ظلم المرأة بحكم ما على عاتق الرجل من أعباء مالية في المنظور الإسلامي
وذلك أن الإسلام يُلزم الرجل بأعباء
وواجبات مالية لا تُلزَم بمثلها المرأة ، كالمهر والسكن والإنفاق على البيت
والأولاد ، لقوله تعالى:" الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا
فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ
"
أما المرأة فليس عليها شيء من النفقة ، لا
على نفسها ولا على أولادها ، فطرح عنها تلك الأعباء وألقاها على الرجل، ثم أعطاها
نصف ما يأخذ الرجل ، فمالها يزداد، ومال الرجل ينقص بالنفقة عليه وعلى زوجته
وأولاده وما ربك بظلام للعبيد والله عليم حكيم
وعليه ، فإذا تساوى الوارثون في درحة
القرابة وفي موقع الجيل الوارث ، أخذ بعين الاعتبار المعيار الثالث ، ولذلك لم
يعمّم القرآن هذا التفاوت في عموم الوارثين
وباستقراء حالات الميراث تبيّن أنّ هناك
أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل ، أو أكثر منه ، أو ترث هى ولا
يرث نظيرها من الرجال ، فى مقابلة أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل ،
وفيما يلي بيان لذلك
أ ـ أربع حالات فقط ترث فيها
المرأة نصف الرجل
* فى حالة وجود أولاد للمتوفى ، ذكوراً وإناثا ، لقوله تعالى " يوصيكم الله فى أولادكم ، للذكر مثل حظ الأنثيين "
* فى حالة وجود أولاد للمتوفى ، ذكوراً وإناثا ، لقوله تعالى " يوصيكم الله فى أولادكم ، للذكر مثل حظ الأنثيين "
* فى حالة التوارث بين الزوجين ، حيث يرث الزوج من زوجته ضعف ما
ترثه هى منه ، لقوله تعالى " ولكم
نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهنَّ ولد ، فإن كان لهنَّ ولد فلكم الربع مما تركن
، من بعد وصية يوصينَ بها أو دين ، ولهنَّ الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد ،
فإن كان لكم ولد فلهنَّ الثمن مما تركتم من بعد وصية توصونَ بها أو دين"
* يأخذ الأب ضعف الأمّ إذا لم يكن لإبنهما فرع وارث ، فيأخذ الأب الثلثان والأم الثلث
* يأخذ الأب ضعف الأمّ إذا كان عند ابنهما المتوفى ابنة واحدة ، فهى لها النصف ، وتأخذ الأم
السدس ويأخذ الأب الثلث
ج ـ أكثر من خمسة عشر حالة ترث
فيها المرأة أكثر من الرجل
* إذا مات الرجل وترك بنتا
وأما وأبا ، فالبنت تأخذ النصف ، والأم تأخذ السدس ، وأمّا الأب فيأخذ السدس فرضاً
والباقى تعصيباً ، وبذلك تكون البنت قد أخذت 150% لميراث الأب
* إذا مات الرجل وترك ابنتين وأبا وأما ، فلكل ابنة الثلث ، وللأب السدس وللأم السدس ، فتساوى الأب مع الأم،
* إذا مات الرجل وترك ابنتين وأبا وأما ، فلكل ابنة الثلث ، وللأب السدس وللأم السدس ، فتساوى الأب مع الأم،
الخطبة
الثانية
إخوتي الكرام
وأنتم تدخلون المسجد طاهرين تفوح منكم رائحة
العطر ما جئتم لتسمعوا كلامي ولا لتعرفوا رأيي بل جئتم بنداء من الله تعالى لتسمعوا
كلام الله وحكم الله ولتعرفوا شرع الله فيجب علي وأنا فوق منبر رسول الله أن أترك
قناعاتي وأفكاري وآرائي وانتماآتي الفكرية والسياسية وغيرها خارج المسجد وأنتم
كذلك وأنتم تحضرون الجمعة عليكم أن تتركوا انتماآتكم السياسية والفكرية خارج بيت
الله والانصات إلى قول الله والتعرف على شرع الله والرضا به والالتزام به والدعوة
إليه تطبيقا لقوله تعالى : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن
يكون لهم الخيرة من أمرهم "
بعد هذه المقدمة نعود إلى موضوع خطبتنا
استعمل الله سبحانه وتعالى لحماية هذا
التشريع من كل تلاعب به أسلوب الاقناع أولا ثم أسلوب الاغراء من جهة والتهديد من
جهة أخرى
يقول سبحانه أنه سن هذا التشريع بنفسه ولم يترك لنا حرية
التصرف فيه لأنه أعلم منا وأكثر حكمة وأن هذا التشريع فريضة أي مفروض على المسلمين
لا خيار لهم فيه : آبَآؤُكُمْ
وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ
ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * {
ثم
يقول سبحانه بعد بيان الأحكام وتحديد نصيب كل فرد حاميا هذا التشريع من كل تلاعب
أو تغيير :
} * { تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا وَذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَمَن يَعْصِ
ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا
وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ
أي كل من التزم بهذا التشريع في القسمة يعتبر مطيعا لله ولرسوله
وسيكون جزاؤه جنات تجري من تحتها الأنهار خالدا فيها وهو فوز عظيم
وكل من عصى ربه ورسوله وغير هذا التشريع مصدرا قوانين تخالفه كما يدعو
الآن بعض الناس تحت اسم المساواة في الميراث يعتبر متعديا لحدود الله وغير راض
بقسمة الله وتوزيعه سيكون مصيره نارا خالدا فيها وله عذاب مهين
فالأمر خطير جدا فيه إما فوز في الآخرة أو خسران وعذاب مهين
إذن فكر في ربح الآخرة يا مسلم وما هذه الدنيا إلا أيام تنقص من عمرك
واحذر أن تخالف ربك بقول أو فعل واعلم أنك
مراقب : أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ
هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَىٰ مِن
ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ
يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ
عباد
الله: إن الله تعالى قد أمرنا بأمر بدأ فيه بنفسه فقال سبحانه:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا
محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء: أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وعن بقية الصحابة
أجمعين، وأهل بيته الطيبين الطاهرين. وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين، وارض عنا معهم بمنك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين واجمع كلمتهم
ووحد صفوفهم، واهدهم سبل السلام، وأخرجهم من الظلمات إلى النور.
للهم إنا
نعوذ بك من الظلم والظالمين ونسألك اللهم أن تجعلنا من العادلين المقسطين.
اللهم آمنا في دورنا وأصلح ووفق ولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين وارزقهم بطانة صالحة ناصحة يا رب العالمين.
اللهم آمنا في دورنا وأصلح ووفق ولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين وارزقهم بطانة صالحة ناصحة يا رب العالمين.
اللهم
انصر جيوش المسلمين وثبت أقدامهم واربط على قلوبهم وانصرهم على القوم الكافرين.
اللهم أذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين. اللهم اخذل الصهاينة وأعوانهم وأتباعهم، اللهم أنزل الرعب في قلوبهم
وشتت شملهم وفرّق جمعهم، واجعل الدائرة عليهم.وحرر المسجد الأقصى المبارك وكامل
فلسطين وارزقنا الصلاة فيه إنك أنت القوي
العزيز.
اللهم لا
تترك لنا مريضا إلا شفيته
عباد
الله اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما
تصنعون.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire