jeudi 25 février 2016

تفسير قوله تعالى : كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق فلا صدق ولا صلى ..





تفسير قوله تعالى : كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق  والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق فلا صدق ولا صلى ...
 أيها الأخوة الكرام: ، مع الآية السادسة والعشرين وهي قوله تعالى:
كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق  والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق فلا صدق ولا صلى ....سورة القيامة.
 من التي بلغت التراقي ؟ النفس .هذا في حالة النزاع.، في حالة مفارقة الدنيا، وما من واحدٍ منا جميعاً إلا وسيمر بهذه اللحظة، لحظة مفارقة الدنيا.
 أيها الأخوة: الإنسان وهو في زحمة العمل، وهو في صحَّته، وهو في شبابه، وهو في تألّقه منغمس في همومه، وفي أهدافه وفي ما هو فيه، أما حينما يشعر أنه لا بدَّ من أن يغادر الدنيا عندئذٍ يعيش في حالةٍ خاصة..كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ . وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ .
 الإنسان مُضَّجِع على سرير الموت حوله أولاده، حوله أخوته، حوله زوجته، أخواته كلُّهم متلهِّفون لمصيره هل يعيش أم يموت ؟ هل يبقى أم يغادر ؟
 
من يرقى له ؟ أي من يشفيه ؟ أو من يشفي هذا الإنسان وقد شارف على الموت ؟ إمَّا المعنى الأول من يشفيه ؟ يبحثون عن طبيبٍ يشفيه، أو يستيئسون من طبيبٍ يشفيه..مَنْ رَاقٍ . من يشفيه ؟ من يشفي هذا المريض الذي على وشك الموت ؟  أو من يرقى به إلى السماء ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب ؟ الإعداد لهذه الساعة التي لا بدَّ منها عين العقل، لأن هذه الساعة آتيةٌ لا ريب فيها، لأن هذه الساعة مصير كل حيكل مخلوق يموت، ولا يبقى إلا ذو العزة والجبروت:
والليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر  والعمر مهما طال فلابد من نزول القبر
و كل ابن أنثى و إن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول
فإذا حملت إلى القبـــور جنازة  فاعلم بأنك بعدهــا محمول
 أيها الأخوة: هل يستطيع واحدٌ من بني البشر أن ينكر حدث الموت ؟ الأنبياء ماتوا، الملوك ماتوا، الجبابرة ماتوا، عُظماء العالم ماتوا، أغنياء العالم ماتوا ؟ أقوياء العالم ماتوا ؟ الأصِّحاء ماتوا، المرضى ماتوا، أصحاب الشكل الوسيم ماتوا، أصحاب الشكل الدميم ماتوا، الموت مصير كل حي.
 
إذاً لا يستطيع أحدٌ أن ينكر حدث الموت لأن الموت أقوى حقيقة مستقبلية، أي أن ما من حدث أشدُّ واقعيةً في مستقبلنا من مغادرة الدنيا، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا.
 
الشخص منا قد يحضر في الأسبوع تعزية أو تعزيتان، لا بدَّ من تعزية الذي كان يُعَزِّي الناس هذه لا بدَّ منها، في النهار الإنسان يخرج من بيته مرة أو مرتين أو ثلاثة، ثم يعود إليه مرة مرتين ثلاثة، المُعَدَّل ثلاث مرَّات خروج وعودة، لا بدَّ من مرة يخرج ولا يعود، الإنسان يخرج ماشياً على رجليه منتصب القامة لا بدَّ من خروج بشكل أفقي، بيت فخم، صغير، كبير، ، ملك، واسع جداً، ضيِّق جداً، بأرقى أحياء الساحلين، بأشد أحياء الساحلين تواضعاً، لا بدَّ من مغادرة هذا المنزل، أين يُغَسَّل ؟ هل في البيت؟ في المطبخ ؟ في البهو، في الحمام ؟ لا بدَّ من أن يُغَسَّل، صلِ قبل أن يصلى عليك، هكذا قرأت كلمة في بعض المقابر.1ـ ا أريد من هذه الآيات حدث الموت لا أحد يستطيع أن ينكره إطلاقاً، نتفاوت في الاستعداد للموت، أول بند في الاستعداد للموت الاستقامة على أمر الله، طاعة الله عزَّ وجل.ثاني بند: طلب العلمثالث بند: الإحسان للخلق
الله عزَّ وجل أعطانا صورة، صورة الإنسان وهو على فِراش الموت.
.كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ . وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ . من يشفيه أين الطبيب ؟ اتصلوا بالطبيب، بالمستشفى، أو ماذا يفعل الطبيب مع هذه الحالة الميئوس منها ؟ معنى ثان، أو من يرقى به إلى السماء ؟ هل ترقى به ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب  وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ . ظنَّ هنا بمعنى أيقن، أنه على وشك مغادرة الدنيا.
 
إخوانا الكرام: ورد في بعض الأحاديث أن:تحفة المؤمن الموت.. أخرجه الطبراني،   .موت المؤمن. فكل جهوده في الدنيا، وكل نشاطه في الدنيا، وكل استقامته، وكل عباداته، وكل بذله، وكل تضحيته، وكل أعماله الصالحة، الآن سيقطف ثمارها، لذلك المؤمن الموت عنده تحفة.
كان الصحابة الكرام كانوا في أسعد لحظات حياتهم عند مغادرة الدُنيا، صدق رسول الله: تحفة المؤمن الموت
 لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ..أخرجه البخاري عن أبي هريرة لا أريد أن أخوِّف الأخوة الكرام إذا كان عملك طيباً واستقامتك عالية، ومعرفتك بالله عالية، وأنت طلبت العلم وحملت نفسك على طاعة الله، ولك أعمال صالحة من إنفاق للمال، من خدمة المسلمين، من الصدق، من الإخلاص، من الأمانة، الموت لا يزعجك هذا هو الموت، ما الموت ؟ الموت لحظة العطاء، كنت في زمن الامتحان فدخلت إلى زمن الإكرام، كنت في زمن التكليف فانتقلت إلى زمن التشريف، كنت في زمن العمل والكدح انتقلت إلى زمن المكافأة والجائزة.
.لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْئُولاً .16.سورة الفرقان.
.. أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر...أخرجه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة.
.فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .17...سورة السجدة.هذه الجنة إلى الأبد، ما معنى الأبد ؟ مفهوم صعب إدراكه.
، الله عزَّ وجل قال:.خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً .23..سورة الجن. إما إلى جنةٍ يدوم نعيمها أو إلى نارٍ لا ينفد عذابها
 
لو عرفنا قيمة الأبد لما نمنا الليل، أنت في دار عمل، في دار كَسْب، في دار رُقي، والأعمال الصالحة لا تعدُّ ولا تحصى، الله عزَّ وجل جعل لك في كل مكان عمل صالح، في بيتك يوجد عمل صالح، كونك زوجاً، الزوج المثالي طريق إلى الله، كونك أباً الأبوة المثالية طريق إلى الله، كونك ابناً البنوة المثالية طريق إلى الله، الزوجة خدمتها لزوجها وعنايتها بأولادها طريق إلى الله، إتقان عملك طريق إلى الله، طلب العلم طريق إلى الله، تلاوة القرآن طريق إلى الله، غض البصر طريق إلى الله، ضبط اللسان طريق إلى الله، نصرة المسلمين طريق إلى الله الجهاد في سبيل الله طريق إلى الله الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، ألا تستطيع أن تكون صادقاً لا تكذب أبداً ؟ ألا تستطيع أنت تكون عفيفاً ؟ ألا تستطيع أن تكون ورعاً ؟ ألا تستطيع أن تطلب العلم ؟ أن تحضر مجلس علم ؟ ألا تستطيع أن تقول الحق ؟ بيدك هذا كله، فلذلك أيها الأخوة نحن في دار عمل، لأن ساعة المغادرة صعبة جداً..هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً سورة الإنسان..كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ . وَتَذَرُونَ الْآَخِرَةَ
 لذلككَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ. هذه الروح وصلت إلى عظم الترقوة، يقول لك: رجليه بردوا، ازرقّوا، النفس ماشية، وتنسحب شيئاً فشيئاً.
كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ.بلغت عَظْمَ الترقوة، وصلت الروح إلى هنا، وصار في اضطراب بالأهل، طبعاً إذا كان له سيرة حميدة جداً يتمنَّى من حوله أن يفدوه بأرواحهم، إذا كان بخيلاً يقولون: خلصنا والحمد لله، هناك إنسان يتمنَّى الناس حياته، وهناك إنسان يتمنَّى الناس موته.
.وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ. "عن ابن عباس { كَلاَّ إذَا بَلَغَتِ التَّراقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } قال: إذا بلغت نفسه يرقى بها، قالت الملائكة: من يصعد بها، ملائكة الرحمة، أو ملائكة العذاب؟."
من يشفي هذا المريض ؟ أين الطبيب ؟ اتصلوا بفلان، أو مرض عُضال لا يوجد أمل، من يشفي هذا المرض العُضال ؟ أو من يرقى به إلى السماء ؟..وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ  وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ  النبي الكريم خُيِّر بين أن يكون مخلداً في الحياة الدنيا، بين أن يؤتى زهرة الحياة الدنيا، وبين أن يلقى الله، قال: بل الرفيق الأعلى، ولما قال الله عزَّ وجل:إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ  وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً  فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً
 .سورة النصر.قال: هذه السورة تعزية النبي عليه الصلاة والسلام، انتهت رسالته.أن تضحك عند لقاء ربك:
 ذكرت سابقاً الإنسان أحياناً يولد، كل من حوله يضحك من فرحهم، هو يبكي وحده، أما إذا جاءه ملك الموت كل من حوله يبكي، فإذا كان مؤمناً وعرف سرَّ الحياة، وعرف حقيقة حياته الدنيا، وعرف ربه يضحك وحده
الفائز هو الذي يضحك آخر الأمر، والمؤمن يضحك، يضحك حينما يلقى الله عزَّ وجل، ضحك السرور، ضحك الفرح، ضحك الاستبشار.
 في بعض الآثار النبوية، أن المؤمن يرى مقامه في الجنة حينما يغادر الدنيا، فيقول: لم أر شراً قط، كل ما ساقه الله له من مصائب يراها محض خير، لم أر شراً قط، فالوجه المشرق للموت، الموت للمؤمن مسعد، الموت راحة، النبي رأى جنازة قال مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ ؟ قَالَ: الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا.......
 . متفق عليه انتهى كل شيء أنت مكلَّف به، انتهى الشيء الذي تراه متعباً.
وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ  وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ: الميِّت حينما يُغَسَّل تُرْبَطُ رجلاه، أنا مرة شاهدت تغسيل ميت، فلما انتهى من تغسيله المُغَسِّل ولفَّه بالكفن، جاء بقطعة قماش طولية وشد بها رجليه . شداً عنيفاً.
 
ضُمَّت ساقاه إلى بعضهما بعضاً وشدت، صار لا يوجد مشي الآن انتهى، فلا يستطيع أن يقوم ليمشي يتنزَّه، يتحرك..وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إلى أين ؟.إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ  يا ترى الذي أنت ذاهبٌ إليه أطعته ؟ الذي أنت ذاهبٌ إليه نصحت عباده ؟ الذي أنت ذاهبٌ إليه أكلت مال عباده ظُلماً ؟ الذي أنت ذاهبٌ إليه أخفت عباده بلا حق ؟ الذي أنت ذاهبٌ إليه كنت عبئاً على عباده أم كنت رحمةً لهم ؟ كنت مضلاً أم هادياً ؟ كنت مُحسناً أم مسيئاً ؟ كنت منصفاً أم جاحداً ؟ كنت رفيقاً أم جبَّاراً ؟ هذا الذي أنت ذاهبٌ إليه كل هؤلاء الخلق عباده ماذا فعلت معهم ؟ هل غششتهم ؟ ابتززت أموالهم ؟ انتهكت أعراضهم ؟ روَّعتهم؟ أخفتهم ؟ إلى أين ؟مسكين.
.فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى لا صَدَّق بهذا الدين ولم يتصل بالله عزَّ وجل، والدين تصديق وصلاة، التصديق عقيدة، والصلاة عبادة، الدين معرفة وطاعة، لا صدَّق بهذا الدين ولا اتصل برب العالمين..
وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى  مُشَكِّك لا يعتقد أن هذا الدين يَصْلُحُ لهذا الزمان، لا يعتقد بأحد صالح، دائماً يظنُّ السوء، يُشَكِك بكل عمل طيب، يُبَخِّس كل عمل طيِّب، يُكَذِّب.وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى .32. أي تكذيب وإعراض، نشاطه الفكري تكذيب، حالته النفسية إعراضتجد شخصاً يجلس معك ثلاث ساعات، الحديث في الدنيا تجده يقظاً، نشيطاً، متألِّقاً، عيونه مفتوحة ، تتكلم معه عن الله تجده يقول لك: هل تسمح لي ؟ أول كلمة عن الله تجده يتثاءب وينام، حدثه عن الدنيا عن الكرة  عن الأسعار، العملات، البيوت، الأجهزة الإلكترونية، ؟ تجده مستعد ، متشوق احكي له بالآخرة صارقلقا ويغير الموضوع
فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى  وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى. ممكن يمضي ساعات طويلة في شؤون الدنيا ولا يتحمَّل درساً طويلاً، ولا صلاة طويلة.فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى  وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى شيء مخيف هناك عشرات الناس يموت وهو ليس مصلي،
. ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى
الكبر سبب غفلة الإنسان عن مصيره: حديثه فيه عجرفة، حديثه فيه غطرسة، حديثه فيه كبر، جلسته فيها كبر، إذا جلس في كبر، إذا قاد مركبته فيه كبر،  لا يحترم الآخرين، النبي عليه الصلاة والسلام ما رئي ماداً رجليه قط بين أصحابه، متواضعاً، دخل مكة فاتحاً، دخلها مطأطئ الرأس، كادت ذُؤابة عمامته تلامس عنق بعيره تواضعاً لله عزَّ وجل، والله المؤمن جلسته فيها أدب، لو اضطجع في أدب، حديثه في أدب، الله أكرمني، الله فَضَّل علي، الله سمح لي، الله وفَّقني، يقول لك الآخر: أنا، ، كلام فيه كبر، أنا أعيل ثمانية أشخاص، الله المعيل أنت معال معهم..ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى . تمطي بالكبر، حديثه كبر، جلسته كبر، إن حَدَّث فعن نفسه، عن رحلاته، عن زياراته، عن إنفاقه الشديد، الرحلة كلفته كذا ألف، ، هذا هو حديثه، كبر، وفخر، واختيال على الناس.ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى . أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى . ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى .35  الخطر قريب منك، الخطر على مرأى البصرأي ويلٌ لك مما ينتظرك، لو شخص راكب سيارة ونازل نزلة شديدة، والمكان جميل، والنسيم عليل، ثم اكتشف أنه لا يوجد معه مكبح، وينتهي الطريق بمنعطف حاد، يقول لك: انتهينا.كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ . لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ .
عن قتادة { أوْلَى لَكَ فأَوْلَى ثُمَّ أوْلَى لَكَ فأَوْلَى } وعيد على وعيد، كما تسمعون، زعم أن هذا أنزل في عدوّ الله أبي جهل. ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم أخذ بمجامع ثيابه فقال: { أَوْلَى لَكَ فأَوْلى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فأَوْلَى } فقال عدوّ الله أبو جهل: أيوعدني محمد والله ما تستطيع لي أنت ولا ربك شيئاً والله لأنا أعزّ من مشى بين جبليها.



mardi 23 février 2016

مالية اسلامية :العمولات والمصروفات الجزء3

مالية اسلامية :العمولات والمصروفات الجزء2

مالية اسلامية :العمولات والمصروفات الجزء1

علم المقاصد عند الشيخ الطاهر بن عاشور الجزء الثالث

مقاصد الشريعة عند الشيخ الطاهر بن عاشورجزء2

علم المقاصد عند الشيخ ابن عاشورجزء1

سورة مريم جزء 3

سورة مريم جزء2

تفسير سورة مريم الجزء1

vendredi 19 février 2016

خطبة جمعة :وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة






تفسير :وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة
في النهاية يوجد وجهان، وجه متألِّق ينظر إلى الله عزّ وجل،:﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24)﴾ أي كالحة، سوداء تنتظر فاجعة لاترى أمامها إلا عملها السيئ
الوجوه المتألقة الناضرة فرحة مستبشرة : فالجنة فيها حور عين، فيها بساتين، فيها أنهار، فيها كل شيء، 
{
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } * { لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } * { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } * { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } * { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } * { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } * { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } *
{
وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً } * { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } * { وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } * { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } * { عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ } * { مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ }{ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ } * { بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ } * { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } * { وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ } * { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ } * { وَحُورٌ عِينٌ } * { كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } * { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً } * { إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً
وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } * { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } * { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } * {وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } * { وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ } * { وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } * { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } * {وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } * { إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً } * { فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً } * { عُرُباً أَتْرَاباً } * {لأَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ
 
لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
عَنْ صُهَيْبٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ ، قَالَ : يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا ، أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ ؟ قَالَ : فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ " ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ ، وَزَادَ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ سورة يونس آية 26
 .
أخبرنا أبو تميمة الهجيمي، قال: سمعت أبا موسى الأشعري يخطب على منبر البصرة يقول: إن الله يبعث يوم القيامة ملكا إلى أهل الجنة، فيقول: يا أهل الجنة هل أنجزكم الله ما وعدكم؟ فينظرون إلى ما أعدّ الله لهم من الكرامة، فيرون الحليّ والحلل والثمار والأنهار والأزواج المطهرة، فيقولون: نعم، قد أنجزنا الله ما وعدنا. ثم يقول الملك: هل أنجزكم الله ما وعدكم؟ ثلاث مرّات، فلا يفقدون شيئاً مما وعدوا، فيقولون: نعم، فيقول: قد بقي لكم شيء، إن الله يقول: { لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ } ألا إن الحسنى الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله }
ولكن أجمل ما فيها هو النظر إلى وجه الله الكريم: (( النَّاسَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تُمَارُونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ؟...قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ ))
(
أخرجه الدارمي عن أبي هريرة)فإنكم سترون ربكم يوم القيامة كالقمر ليلة البدر.

 وتوجد أحاديث كثيرة تثبت ذلك، وهذه الآية أصل..﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)﴾(سورة القيامة) من النضارة، تألُّق، الآن إذا إنسان نجح بتفوق تجد وجهه بلون آخر أصبح بلون مشرق، عيناه زئبقيتان، حركتهم عجيبة، تصبح حركته لطيفة لأنه نجح، النجاح مُسْعِد، فهذا الوجه الذي نجا من عذاب النار واستحق دخول الجنان تجده ناضراً.

والله مرَّة دُعيت إلى افتتاح مسجد، إن الذي عمَّر المسجد يقف ليستقبل الضيوف وودعهم واحداً واحداً، لم أنظر إلى وجه متألِّق كوجهه لأنه عمِلَ عملاً عظيماً(بنى مسجد بأكمله)وهو يستقبل الضيوف بتألق، وهو يودعهم في تألق، العمل الطيِّب يجعلك متألقاً، الوجه يصبح جميلاً.﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)﴾ تنظر إليه،

 والعياذ بالله:﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24)
أي كالحة، سوداء.﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)﴾(سورة آل عمران)
﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24)﴾ كالحة، سوداء، مغبرَّة من عملها، من انحرافها.
ا﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)﴾سورة القيامة)


الآن إذا شخص ارتكب جريمة كبيرة وأُلقي القبض عليه، أحياناً يصوروه ترى وجهه كالحاً، غاضباً، وعينه في الأرض، يودع في السجن، يا ترى هل سيعدموني ؟ يا ترى سجن مؤبد ؟ يا ترى عشرين سنة ؟ يا ترى هل يوجد عفو ؟
﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)﴾أي إنه أمر عظيم، داهية. ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)

وَأَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ } * { فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ } * { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } * {لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ } * { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } * { أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } * {قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ } * { لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا ٱلضِّآلُّونَ ٱلْمُكَذِّبُونَ } * { لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } * { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } * { فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْحَمِيمِ } * { فَشَارِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ } * { هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ }
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } * { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } * { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } * { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } * { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } * { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ }

كل هؤلاء الناس على اختلاف مشاربهم، وانتماءاتهم، ومللهم، ونحلهم، وأعراقهم، وأجناسهم، وألوانهم، وقبائلهم، وعشائرهم، وأسرهم، وقوميَّاتهم، هم في النهاية وجهان: وجهٌ نضر ينظر إلى الله عزّ وجل ووجهٌ باسر يظن أنها النهاية أو أن يفعل بها فاقر، وجوهٌ مبيَضَّة من عملها الطيب، ووجوهٌ مسودة من عملها الخسيس، والأمر بيد الإنسان، الطاعة بيدك، والمعصية بيدك، العمل الصالح بيدك، والعمل السيئ بيدك، وأنت مخير.﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾سورة الكهف: آية " 29 " )
﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (3)﴾(سورة الإنسان)﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾


jeudi 11 février 2016

الصدق

كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة


حب الدنيا وكراهية الموت


الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد:وصلنا في تفسير سورة القيامة إلى الآية الكريمة : كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة "والعاجلة هي الدنيا التي هي دار فناء وزوال وما سميت الدنيا إلا لدناءتها وحقارتها, وما ذكرها الله تبارك وتعالى في كتابه إلا ذاماً لها قال الله تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}[الأنعام: 32], وقال بأنها متاع الغرور: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}[آل عمران: 185], وقال تعالى في الذين تخلفوا عن الجهاد في سبيل العزيز الغفار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ}[التوبة: 38], وقال: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[العنكبوت: 64] فالحياة الحقيقية الأبدية هي الدار الآخرة, قال الله: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ}[غافر: 39], وقال: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[الأعلى: 16-17], وقال تبارك وتعالى ذاماً من اغتر بها: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ}[البقرة: 212], وقال سبحانه: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ}[الأنعام: 70], وقال: {الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ}[الأعراف: 51], وشبه الله تعالى الحياة الدنيا بأنها مثل الماء إذا نزل على أرض فقال تبارك وتعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[يونس: 24], وقال: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا}[الكهف: 45], وقال: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}[الحديد: 20].
وقال سبحانه محذراً عباده من الاغترار بها: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ}[فاطر: 5], وقال: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ}[إبراهيم: 3], وقال سبحانه: {إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ}[محمد: 36], وغير ذلك من الآيات.
فهذه هي الحياة الدنيا، لعب ولهو، تلعب بها الأبدان وتلهو بها القلوب، وزينة نتزين بها، وتفاخر بيننا بمتاعها، وتكاثر بالعدد في الأموال والأولاد، مثلها كمثل مطر أعجب الزُّرَّاع نباته، ثم يهيج هذا النبات فييبس، فتراه مصفرًا بعد خضرته، ثم يكون فُتاتًا يابسًا متهشمًا، فهي سرعان ما تنقطع وتزول، وما هي إلا متاع الغرور، وقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا نبي الله لو اتخذت فراشاً أوثر من هذا فقال: ((مالي وللدنيا، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها))1, وفي حديث سهل بن سعد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا من شربة ماء))2، وما هي الدنيا بالنسبة للآخرة؟ إنها لا تساوي شيئاً كما سبق ذلك واضحاً في الآيات المتقدمة وقوله سبحانه: {وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ}[القصص: 60], إن الحرص على الدنيا واتباع الهوى من موجبات العذاب، والخوف من الله وعدم اتباع الهوى من موجبات الرحمة والفوز بالجنة، قال سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[النازعات: 37-41]، وقد يفتح الله أبواب رزقه للناس امتحاناً لإيمانهم أو استدراجاً لهم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ}[الأنعام: 44]))3, فمن أراد الفوز بالآخرة فعليه بتقوى الله وتقديم الآخرة على الدنيا والسعي للآخرة قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً}[الإسراء: 19], وقال سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}[آل عمران: 185]، وقد أعد الله لعباده جنات تجري من تحتها الأنهار، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وهذا خير من الدنيا وما فيها من شهوات من نساء وبنين وأموال وزرع وغير ذلك من متاع زائل، قال سبحانه وتعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}[آل عمران: 14-15], وقال الله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}[التكاثر: 1]، نعم لقد ألهى الناسَ التكاثرُ والتفاخرُ بالمال والولد عن طاعة الله وعبادته، وأشغلهم عن تعلم الإسلام والعمل به والدعوة إليه ونصرته، ومنعهم حرصهم على الدنيا وشهواتها ونعيمها الزائل من الحرص على الآخرة الباقية ذات النعيم المقيم، فحبهما لا يجتمعان في قلب مسلم عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضر بدنياه، فآثروا ما يبقى على ما يفنى))4، هذا هو الميزان الصحيح للربح أو الخسارة، لقد أصاب الوهن القلوبَ، والوهن هو حب الدنيا وكراهية الموت، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مرض خطير تقاعس الناس بسببه عن عبادة الله، فترى المقصرين فيما افترضه الله تعالى عليهم، فهنالك من يترك صلاة الجمعة أو يمنع الزكاة أو يقطع رحمه أو يقعد عن العمل لإقامة حكم الله في الأرض ونصرة دينه أو نصرة إخوانه المسلمين بل وصل الأمر ببعضهم إلى أن سكت ولم يتكلم حتى بمجرد الكلام, وآخر وقف ضد إخوانه وإلى الله المشتكى, وترى المرتكبين لما حرم الله فتجد من يتعامل بالربا والرشوة، وتجد من يغش ويحتكر ويسرق ويزني ويأكل حق أمه وأخواته في الميراث تكالباً على الدنيا الفانية.
بسبب هذا المرض ذلت الأمة الإسلامية، واستهان بها عدوها وتداعى عليها من كل حدب وصوب وما نراه ونشاهده ويجري في ديار المسلمين اليوم من قتل ودمار وإزهاق للأرواح, ففرق جمع سكانها، وشتت شملهم، ونهبت خيراتهم، واستحلت أموالهم ودماؤهم وأعراضهم، واستهزئ بنبي الأمة صلى الله عليه وسلم، وهي لا تحرك ساكناً، أبعدَ هذا الذل من ذل يا أمة الإسلام!!، فقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال كما في حديث  ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)) فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء - ما يحمله السيل- كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن)) فقال قائل: يارسول الله وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت))5، لقد كره الناس الموت لحبهم للدنيا، والله تعالى يقول: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[الأعلى: 16-17]، لقد كره الناس الموت لأنهم عمروا دار الخراب، فكرهوا أن ينتقلوا من العمار إلى الخراب، فقد قصروا اتجاه ربهم تبارك وتعالى ولم يعملوا ما يرضه، فمن كان هذا حاله سيندم في وقت لا ينفع فيه الندم، فقد أخبرنا الله تبارك وتعالى عن حال الكافرين والمفرطين بقوله: {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون: 99-100]، فإن مات العبد فلا رجعة للدنيا، ويوم العرض لا ينفعه إلا عمله، فإن كان خيراً فخيراً وإن كان شراً فلا يلومن إلا نفسه، فلا ينفعه والده ولا ولده ولا الناس أجمعين قال الله: ‏{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ}[لقمان: 33]، ولا ينفعه أقرباؤه أو أقرانه قال تعالى: {فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}[عبس: 33-37], ولا ماله قال الله: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ}[الحاقة: 28]، ولا ينفعه من اتبعهم من سادة وحكام، بل سيتبرؤون منه يوم القيامة قال الله سبحانه وتعالى: {وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ}[إبراهيم: 21], صحيح أن الله تبارك وتعالى قد فطر في الإنسان غريزة النوع وغريزة حب البقاء، ولكن نهاه وحذره من أن يجعل الدنيا وشهواتها في رأس سلم أعماله وقيمه، وأوجب عليه أن يجعل حب الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وما يقتضيه هذا الحب من طاعة والتزام بدينه وإيثار للآخرة على الدنيا فوق كل شيء قال الله تبارك وتعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ َإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة: 24].
فبعد هذا البيان الواضح الجلي، لماذا نحرص على الحياة الدنيا؟ ألم يكف ما نحن فيه من ذل وهوان؟ ما هذا الذل والجبن؟ ألم يحركنا الشوق للجنة لأن نبيع الدنيا ونشتري الآخرة ونجعل أرواحنا رخيصة في سبيل الله تبارك وتعالى، ألم نستشعر معاني العزة والكرامة فنسارع إليها فنعتز بالله تبارك وتعالى فيكرمنا الله بالعزة والنصر على الأعداء والتمكين في الأرض قال الله: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ}[فاطر: 10]، فلنعد إلى ديننا ونعتصم بحبل ربنا تبارك وتعالى ونعمل مع العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية حتى يرفع الله تبارك وتعالى الذلَ والمهانة عنا، ويكرمنا بخلافة على منهاج النبوة إنه على كل شيء قدير قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[محمد: 7], وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[الروم: 47]، فالإيمان شرط أساسي لتمكين في الأرض والنصر على الأعداء, وسبب في تولي الدفاع من الله تعالى عن المؤمنين قال الله:{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}[الحج: 38], وقال تعالى في صفات الذين استحقوا التمكين في الأرض: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}[الحج: 41], وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النور: 55], ألا فلتعد الأمة إلى رشدها وتراجع إيمانها حتى تفلح في الدنيا وتنتصر على الأعداء, وتفلح في الآخرة بإكرام الله لها بالدخول إلى الجنة؛ نسأل الله تبارك وتعالى أن يعيد الأمة إلى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يهيأ لها أسباب النصر بمنه وكرمه, ونسأله تعالى أن لا يجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا, ونسأله تعالى أن يعز الإسلام والمسلمين ويذل الشرك والمشركين، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول من موقع الايمان 

1 رواه أحمد (2744)، قال محققو المسند: "إسناده صحيح".
2 رواه الترمذي (2320) وقال أبو عيسى: هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه، وابن ماجة برقم (4110)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة (3318)، وفي السلسلة الصحيحة (686).
3 رواه أحمد (17311)، وقال محققو المسند: "حديث حسن".
4 رواه أحمد (19712)، وقال الألباني: "صحيح لغيره" انظر: صحيح الترغيب والترهيب (3247).
5 رواه أبو داود (4297)؛ وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (958).