lundi 19 mai 2014
samedi 17 mai 2014
mercredi 14 mai 2014
تفسير دعاء عباد الرحمن: والذين يقولون ربنا أصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما
تفسير
دعاء عباد الرحمن: والذين يقولون ربنا أصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما
الحمد لله
ذي البطش الشديد، المبدئ والمعيد، الفعال لما يريد، المنتقم لمن عصاه بالنّار
بعد الإنذار والوعيد، المكرم لمن خافه واتقاه بدار لهم فيها من كلّ خير مزيد،
فسبحانه من قسّم خلقه قسمين وجعلهم فريقين "فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ "هود/105، وأشهد ألا
إله إلا الله وحده ذو العرش المجيد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيّد العبيد،
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد،
عباد الله: "اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ
إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ "آل عمران: 102، "يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ "الحشر/18.
|
أيّها
المسلمون، لا زلنا نعيش مع صفات عباد الرحمن الذين يبيتون لربهم سجدا وقياما
داعين ربهم متوسلين وهم يقولون : ربنا أصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما
إنها ساءت مستقرا ومقاما ،نسأل الله أن
يعيذنا منها ومن نارها ، وهذا موضوع خطبتنا اليوم بحول الله وعونه، وهذا هو
الخطاب الذي يتميّز به القرآن :بين التّرغيب والتّرهيب كأداة نخشى بها الله
تعالى لذلك فقد وصف الله لنا بالدّقة والتّفصيل شدّة عذابه ودار عقابه التي
أعدّها لمن عصاه ، وذكر النّار وما أعدّه فيها لأعداء دينه من العذاب والنّكال،
وما احتوت عليه من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال....إلى غير ذلك مما
فيها من العظائم والأهوال.
نتحدّث اليوم عن النّار علّ حديثنا هذا ،يكون قامعا للنفوس عن شهواتها وفسادها،
فإنّ النّفوس ولا سيّما في هذه الأزمان قد غلب عليها الكسل والتّخاذل، واسترسلت
في شهواتها وأهوائها وتمنّت على الله الأماني، وانغمست في الدّنيا وملهيّاتها،
بل إنّ الكثير من النّاس، قد ارتدّوا عن دينهم، واختلقوا لأنفسهم الأعذار في
المعاصي التي اقترفوها، وفي الذّنوب التي ارتكبوها، هؤلاء صدق فيهم قوله
تعالى:" أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ
اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ "فاطر8
هؤلاء
،اتّبعوا خطوات الشّيطان فأضلّهم عن السّبيل، فأحلّ لهم الحرام، فاستباحوا
المنكرات، واقترفوا المعاصي والموبقات، بل سوّلت لهم أنفسهم تغيير أحكام الشّرع
الحكيم لتحقيق شهواتهم وخدمة مصالحهم...هؤلاء ليس لهم إلاّ النّار إن لم يرجعوا
عن غيّهم قبل أن توافيهم المنيّة.
أيّها
الإخوة الكرام : نتحدّث اليوم عن النّار، في زمن قست فيه القلوب، وشغلتنا
الدّنيا وملهيّاتها، ودوّختنا السّياسة وتناقضاتها، كلّ هذا، علاجه الرّجوع إلى
الله والخوف من عقابه وهذا ما كان يدأب عليه الصّحابة الكرام بين
الحين والحين بالكلام في الرّقائق وتذكّر الآخرة ، وهذا ما كان يتعاهد به النبيّ
الأكرم صلّى الله عليه وسلّم أصحابه، يعضهم ويذكّرهم ،يفرغهم ويملؤهم فتذرف منهم
العيون وتوجل منهم القلوب وترتعد منهم الفرائص، يقف رسول الله يخاطب
أصحابه بكلمات يسيرات فيقول: ((إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون،
أطّت السماء وحق لها أن تئطّ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته
ساجدًا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا وما تلذذتم
بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله))، فما هو إلا أن ينتهي
من كلامه عليه الصلاة والسلام حتى يخفض الصحابة رؤوسهم ويكبّوا بوجوههم ولهم
ضجيج وخنين بالبكاء. ونحن اليوم في زمن البلايا والفتن أكثر منهم حاجة
،لأنّنا ضعاف الإيمان، غارقون في ملذّات الدّنيا وشهواتها، فأنفسنا بحاجة
إلى أن نذكّرها بالمواعظ والنّذر، وأن نذكّرها بما خوّف الله به عباده وحذّرهم
منه، وقد حذّر سبحانه وتعالى عباده أشدّ التحذير، وأنذرهم غاية الإنذار من عذاب
النار من دار الخزي والبوار، فقال جل جلاله وتقدست أسماؤه: فَأَنْذَرْتُكُمْ
نَارًا تَلَظَّى الليل: 14، وقال: إِنَّهَا لإٍحْدَى الْكُبَرِ نَذِيرًا
لِلْبَشَرِ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَالمدثر:
35-37. فوالله، ما أنذر العباد وخوّفهم بشيء قطّ هو أشدّ وأدهى من النّار؛ وصف
لهم حرّها ولظاها، وصف لهم طعامها وشرابها، وصف أغلالها ونكالها، وصف حرارتها
وغايتها، وصف أصفادها وسرابيلها، وصف ذلك كلّه حتى إنّ من يقرأ القرآن بقلب
حاضر، ويسمع ما قال تعالى عن جهنّم، فكأنما أقيم على شفرها، فهو يراها رأي عين،
يرى كيف يحطم بعضها بعضا، كأنّما يرى أهل النار يتقلّبون في دركاتها ويجرجرون في
أوديتها، كلّ ذلك من المولى جلّ وعلا إنذار وتحذير.
وكذا خوّف نبينا عليه الصلاة والسلام من النار وأنذر
وتوعّد وحذّر، وكان شديد الإنذار شديد التحذير من النار، وقف مرّة على منبره
فجعل ينادي ويقول:((أنذرتكم النار، أنذرتكم النار، أنذرتكم النار)) وعلا
صوته حتى سمعه أهل السوق جميعا، وحتى وقعت خميصة كانت على كتفيه ،
فوقعت عند رجليه من شدة تأثّره وانفعاله بما يقول، وقال عليه الصلاة والسلام: ((أنا
آخذ بحجزكم عن النار وأقول: إياكم وجهنم والحدود، إياكم وجهنم والحدود)) فهو آخذ
بحجز أمته ويقول: ((إيّاكم عن النار، هلّم عن النار)) ومع ذلك فالنّاس
معرضون لا يبالون....لأنّ الحديث عن النّار أصبح خافتا لا تكاد تتحرك به ولا
تستشعره القلوب، ولا تذرف منه العيون، حديثا غريبا على المسامع بعيدا عن النفوس
مع أن ربنا جل جلاله قد ذكّرنا بها غاية التذكير وحذّرنا غاية التحذير، فإن سألت
عن النار فقد سألت عن دار مهولة وعذاب شديد، إن سألت عن حرها وقعرها وحيّاتها
وزقّومها وأصفادها وأغلالها وعذابها وأهوالها وحال أهلها فما ظنّك بنار أوقد
عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف
عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة. ما ظنك بحرّها، نارنا هذه جزء واحد من سبعين
جزءا من نار جهنم.
وقودها ودركاتها :
وقود النار: واحذر –أخي الكريم- أن تلهيك الدنيا فتكون وقوداً لجهنم, فإنما وقودها الناس والحجارة, قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة } وقال فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين } (البقرة 24) فالناس هم الوقود وهم المعذبون.. فسبحان الخالق القادر. دركات النار: وكما أن الجنة درجات ومنازل فإن النار دركات مختلفة, بحسب إجرام أهلها, وأعمالهم في الدنيا, قال تعالى:{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا }(النساء145) وهي فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار لغلظ إيذائهم للمؤمنين وغلظ كفرهم
ألوان العذاب في جهنم:
أما عذاب جهنم فإنه ألوان وأشكال متعددة. بحسب تنوع دركاتها وإجرام أهلها وما قدموه من السيئات والآثام في الدنيا. قال تعالى:{ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة 81) وهذه الآية نزلت في الكفار خاصة فسيئاتهم تحيط بهم ناراً يوم القيامة كما قال تعالى:{ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} (الأعراف 41) ففراشهم نار ولحافهم نار وقد أحيطوا بالنيران من كل مكان وكبلوا بالسلاسل والأغلال وسقوا ماء فقطع أمعاءهم فاللهم رحمتك نرجو وبك نستعيذ من هذا الخزي وهذا النكال أخي الكريم: واعلم أن الله جل وعلا لا يظلم مثقال ذرة, لذلك فالمعذبون يختلفون يوم القيامة في العذاب كل بحسب ذنبه وزلته. قال صلى الله عليه وسلم :" إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه, ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه, ومنهم من تأخذه إلى حجزته, ومنهم من تأخذه إلى ترقوته" وفي رواية إلى "عنقه" [مسلم]. وقد تقدم أن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة رجل على أخمص قدميه جمرتان يغلي منها دماغه" [مسلم] أخي: لا تحقر ذنباً مهما صغر فلربما كان مصرعك في احتقاره ولازم وقار الله فإنه التقى:
خل الذنوب
صغيــــــرها *** وكبيـرها فهو التـــــقى
واصنع كمـــــــاش فوق أر *** ض الشــــوك يحذر ما يرى لا تحــــقرن صغيـــــرة *** إن الجبـــال من الحــصى
ومن عذاب جهنم صب الحميم فوق رؤوس أهلها قال تعالى:{ هَذَانِ خَصْمَانِ
اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ
نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ*يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي
بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} وحينما يصب فوقهم ذلك الحميم الشديد الحرارة, تنقطع
جلودهم وتذوب, وتتمزق أحشاء بطونهم وتصهر, فلا صبر ولا هروب, ولا مخرج ولا نجاة,
ولا موت ولا هلاك, و‘نما يحيون بعد ذوبانهم فيعادون للعذاب الشديد, قال صلى الله
عليه وسلم :" إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما
جوفه, حتى يمرق من قديمه, وهو الصهر, ثم يعود كما كان" ومن أهل النار من
تأكله النار إلى فؤاده. قال تعالى:{ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ
*وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ *نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي
تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ }(الهمزة 4-7) كان ثابت البناني يقول:"
تحرقهم النار إلى الأفئدة وهم أحياء, لقد بلغ منهم العذاب, ثم يبكي" ومنهم
من تندلق أمعاءه فيطحن فيها, وذلك الذي يعظ بما لا يتعظ وينصح الناس وينسى نفسه.
فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يجاء بالرجل
يوم القيامة, فيلقى في النار, فتندلق أقتابه في النار, فيطحن فيها كما يطحن
الحمار برحاه, فيجتمع أهل النار عليه, فيقولون: أي فلان, ما شأنك, أليس كنت
تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه, وأنهاكم
عن المنكر وآتيه" [البخاري ومسلم] ومن أهل النار من تلفح النار وجهه, فيلقى
فيها كما تلقى السمكة في الزيت الحار, قال تعالى:{ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ
وَهُمْ فِيهَا كَالِحُون }(المؤمنون 104) وقال سبحانه:{ سَرَابِيلُهُمْ مِنْ
قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ }(إبراهيم 50) ولك أن تتصور أخي
الكريم: حال وجوههم ولقد ذهب لحمها وبقي عظمها, فيالها من بشاعة, ويا له من ألم
ومهانة, تتقلب وجوههم في النار وهم ينادون فلا يسمعون ويصرخون ولا يرحمون,
ويطلبون الموت فلا يجابون, وحينما تذوب جلودهم بالنار, يبدلهم الله جلوداً
غيرها. لأنها مركز إحساسهم بالألم, وهذا فيه آية وإعجاز لمن كان له قلب أو ألقى
السمع وهو شهيد, فقد ثبت في الطب الحديث أن الجلد مركز الإحساس بالألم وغيره,
وقد ذكر الله جل وعلا أن أهل الجحيم حينما تذوب جلودهم وتحترق يخلق لهم جلودا,ً
أخرى ليحسوا بالعذاب من جديد, قال تعالى]إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ
جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيم} (النساء 56)
وتصور أخي الحبيب: أن الكافر يوم القيامة يقسم بالله أن لم ير خيراً قط, بمجرد ما تلفحه النار لفحة واحدة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة, ثم يقال: يا ابن آدم, هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول لا والله يا رب" [مسلم] فاستعن بالله يا عبد الله, فإنما الدنيا إلى زوال, وإن نعيمها كالخيال وإنما هي دار ابتلاء وامتحان, واحذر مداخل الشيطان والزم التقى واحذر النفس والهوى فإن هذه الأربعة أسباب التعاسة في الدنيا, والعذاب في الآخرة. قال تعالى:{ فَأَمَّا مَنْ طَغَى*وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَ* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى* وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}
إني بليت
بأربع يرميــــــــنني *** بالنبل قد نصبوا علي شـراكا
إبليس والدنيا والنفـــــس والهوى *** من أين أرجو بينهن فكاكا يا رب ساعدني بعـــــــفو إنني *** أصبحت لا أرجو لهن سواكا
أما بُعدْ قعرها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: كنا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم , إذ سمع وجبة (أي سقطة) فقال النبي صلى الله عليه وسلم
:" تدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: هذا حجر رمي به في النار
منذ سبعين خريفاً, فهو يهوى في النار إلى الآن" [مسلم] أما طعامها وشرابها طعام أهل النار وشرابهم:
طعامهم:أهل النار يصيبهم الجوع والعطش, فيطعمهم الله طعاماً يزيدهم عذاباً على عذاب, مما يجدونه من الألم والحر في بطونهم بعد أكله فلا هم يذهبون حرارة الجوع بذلك الطعام, ولا هم يهنؤون, قال تعالى:{ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ*لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} (الغاشية 6-7) والضريع نوع من الشوك المر النتن, لا ينفع آكله ولا يشبعه ويعرف عند الحجازيين بالشربق. قال قتادة: "من أضرع الطعام وأشبعه" [التخويف من النار] وكل طعام يأكله أهل النار يجمع عليهم مرارة الطعام وغصته كما قال تعالى:{ إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً وَجَحِيم*)وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيما والغصة هي التي يعلق بها الطعام في الحلق فلا يسهل عليه دخوله إلى الجوف ولا يسهل خروجه عنه للتخلص منه. ومن طعام أهل النار صديد الأبدان والقيح, فمن شدة جوعهم وفقدهم للطعام يلتفتون إلى صديدهم فيطعمون منه ولا يستسيغونه. قال تعالى:{ وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ}(الحاقة 36) والغسلين و الصديد. وهو أنواع وألوان قال تعالى:{ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ*وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ}(ص 57-58) فتأمل أخي –حفظك الله- في هذا المشهد المشين, الذي تتقزز النفس من سماعه, فضلاً عن رؤيته وانظر إلى هؤلاء البؤساء في مشهدهم هذا وهم يلعقون الضريع والقيح والغسلين, وألوان العذاب فوق رؤوسهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم.. إنها الخزي والندامة والحسرة والخسارة.
ويا قبح
طعم ما يأكلون, لا تستسيغه أذواقهم, ولا تقبله ألسنتهم, ومن شدة ما هم فيه من
آلم الجوع ومرارة الطعم, يتمنون الموت فلا يموتون، بل يزدادون عذاباً فوق عذاب
قال تعالى:{ مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ
صَدِيدٍ*يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ
مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} (إبراهيم
16-17) أما فاكهتهم فإنها من شجرة الزقوم. وإنها لشجرة شنيعة المنظر فظيعة
المظهر مرة المذاق, قال تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ
*فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ *ثُمَّ إِنَّ
لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ*ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى
الْجَحِيمِ }(الصافات 65-68) فأي نكال بعد هذا النكال, واسمع إلى قول رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو يصف تلك الشجرة:"لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار
الدنيا, لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم, فكيف بمن تكون طعامه" [صحيح الجامع
الصغير]
شرابهم: أما شراب أهل النار فإنه الحميم الشديد الحرارة, يشربونه من شدة العطش وهم يعملون حرارته وحميمه فيقطع أمعاءهم وأحشاءهم. قال تعالى: { وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَق} (الكهف 28-29) وقال تعالى:{ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} (محمد 15) وقال تعالى:{أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون} (الأنعام 70) فاللهم عفوك ورحمتك, فما أشقى هذه الحياة, وما أتعس أهلها. فراشهم من نار ولحافهم من نار وفاكهتهم من نار وطعمهم من نار, وشرابهم الحميم وظلهم اليحموم.. ولا غياث ولا كريم كلما استغاثوا لأجيبوا: {قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ } فيا من تعصى الله تصور نفسك وأنت في هذه الحال, وقد رميت لهذا المآل وقذف بك في جهنم, أتراك تفديك أموالك, أم تراك ينجيك جاهك وأولادك, فتب إلى الله, فقد قرب الحساب.
وأما لباسها : لباس أهل النار: وكما في النار طعام وشراب
وفراش ففيها أيضاً اللباس, وليس اللباس لوقايتهم من الحر وإنما هو زيادة في
العذاب وتنوع في النكال. قال تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ
ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ } فهي ثياب من
نار. كان إبراهيم التيمي إذا تلا هذه الآية يقول:*سبحان من خلق من النار ثياباً*
[التخويف من النار] فهي لباس مقطعة تزيد لابسها عذاباً ونكالاً وألماً. قال تعالى:{وَتَرَى
الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ* سَرَابِيلُهُمْ مِنْ
قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} (إبراهيم: 49,50) والقطران هو النحاس
المذاب. فالبس أخي لباس التقوى يقيك من حر يوم القيامة وينافح عنك وينافح عنك
لهيب جهنم, فإنه أسلم لك وأجدى وأنفع من لباس الإجرام والفسوق والمعاصي إذ هو
مذلة الدنيا, حسرة يوم القيامة, فانظر كيف ألبسهم الله يوم القيامة ثياباً مقطعة
حامية, لما لبسوا في الدنيا لباس الكبائر والفواحش والفجور, قال تعالى:{
لِبَاساً يُوَارِي سَوءاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى} (لأعراف:26) وممن
يلبسون تلك الثياب النائحات. قال صلى الله عليه وسلم :" النائحة إذا لم تتب
قبل موتها, تقام يوم القيامة, وعليها سربال من قطران ودرع من جرب " [مسلم]
.
وأهل النار يعذبون ظاهراً وباطناً فهم مع عذابهم الجسدي, يتعذبون بالحسرة والندامة على كفرهم وأعمالهم. قال تعالى:{ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} (يونس:54) وتزداد ندامتهم إذ يتبرأ منهم الشيطان الذي أغواهم. قال تعالى:{ فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (إبراهيم:22) . بل يصرخون بندامتهم واعترافهم بذنبهم وقلة عقلهم, قال تعالى:{ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} (الملك:11) ويتمنون لو أن كانوا تراباً من شدة ندمهم. قال تعالى:{ يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاب} (النبأ:40) وتارة يلوم بعضهم بعضاً. قال تعالى:{ هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّار* قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ*قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ} (صّ:59-61) ويزدادون حسرة إذ يلومهم المؤمنون ويوبخونهم:{ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ*الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ} (لأعراف:50-51) وتكتمل حسرتهم إذ يوبخهم الملائكة. قال تعالى:{ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ *لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} (الزخرف:77-78) . فتذكر أخي الكريم هذه المشاهد المرعبة.... واعمل لنفسك أن تنجو من عذاب الله فإن عذاب الله شديد, وإن انتقامه عزيز.
واعلم أن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ويفرح بتوبة عبده ويفرحه بها,
ويجزيه عليها خير الجزاء وقل يا رب:
قال
تعالى:{ ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ
يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } (الطلاق 5) فيا عبد الله استعن بالله ولا تعجز, وسر على درب
قافلة النجاة, استمسك بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , والصحابة
من بعده ولازم التوبة والاستغفار فإنها حلية الصالحين ومنار الأنبياء والمرسلين
قال تعالى مخاطباً عباده المؤمنين:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (النور 31) وتأمل كيف علق فلاحهم –وهم
المؤمنون- على التوبة ليعلم كل مؤمن أن الخير في ملازمته لهذه العبادة الجليلة:
ولا حول ولا قوة إلا الله.
اللهمّ أجرنا من النّار3 يا عزيز يا غفّار،
والحمد
لله ربّ العالمين
الخطبة الثّانية
بسم الله والحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول
الله.
أيّها الإخوة الكرام، أجارني الله وإيّاكم من النّار
ولهيبها، أتدرون ما هي أمنية أهل النّار؟ أمانيهم فيها الهلاك ،أي الموت، فما
حال دار أماني أهلها الموت؟!
صياحهم وطلبهم النجدة
كيف بك لو
رأيتهم وقد اسودت وجوههم؟! فهي أشد سوادا من الحميم، وعميت أبصارهم وأبكمت
ألسنتهم وقصمت ظهورهم ومزقت جلودهم وغلّت أيديهم إلى أعناقهم وجمع بين نواصيهم
وأقدامهم، يمشون على النار بوجوههم، ويطؤون حسك الحديد بأحداقهم، ينادون من
أكنافها ويصيحون من أقطارها: يا مالك قد أثقلنا الحديد، يا مالك قد حق علينا
الوعيد، يا مالك قد نضجت منا الجلود، يا مالك قد تفتتت منا الكبود، يا مالك
العدمُ خير من هذا الوجود، فيجيبهم بعد ألف عام بأشد وأقوى خطاب وأغلظ جواب: إِنَّكُمْ
مَاكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ
لِلْحَقِّ كَارِهُونَ [الزخرف: 77، 78]، فينادون ربهم وقد اشتدّ بكاؤهم
وعلا صياحهم وارتفع صراخهم: رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا
وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا
فَإِنَّا ظَالِمُونَ [المؤمنون: 106، 107]، فلا يجيبهم الجبّار جل جلاله إلا
بعد سنين، فيجيبهم بتوبيخ أشد من العذاب: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا
تُكَلِّمُونِ [المؤمنون: 108]، فعند ذلك أطبقت عليهم وغلّقت، فيئس القوم
بعد تلك الكلمة أيّما إياس، فتزداد حسراتهم وتنقطع أصواتهم، فلا يسمع لهم إلا
الأنين والزفير والشهيق والبكاء، يبكون على تضييع أوقات العمر في اللّهو
واللّعب، وفي الغيبة والنّميمة، وفي السّخرية بالخلق،
لقد باعوا
جنّة عرضها السماوات والأرض بأبخس الأثمان؛ بشهوات تمتّعوا بها في الدنيا
الفانية فزالت وزالوا، كأنّهم لم يلبثوا فيها إلاّ عشيّة أو ضحاها، ثم لقوا
عذابا طويلا وهوانا مقيما، فعياذا بالله من نار هذه حالها، وعياذا بالله من عمل
هذه عاقبته، وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي
الأَصْفَادِ سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ لِيَجْزِيَ
اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ هَذَا
بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ
وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [إبراهيم: 49-52].
اللهم إنه لا طاقة لنا بعقابك، ولا صبر لنا على عذابك،
اللهم فأجرنا وأعتقنا من نارك، رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ
إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا [الفرقان:
65/ 66].
بارك الله
لي ولكم في القرآن العظيم...
|
mardi 13 mai 2014
والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما خطبة9ماي14
خطبة 9ماي2014
والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً.
الحمد لله الذي جعل الصلاة راحة للمؤمنين، ومفزعاً
للخائفين، ونوراً للمستوحشين، وأشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن
محمدا عبده ورسوله أدى الأمانة وبلغ الرسالة وجاهد في الله حق جهاده والصلاة والسلام على إمام المصلين المتهجدين، وسيد
الراكعين والساجدين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين... أما بعد:نواصل
جولتنا مع عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا
سلاما
والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً. والذين يقولون: ربنا اصرف عنا عذاب جهنم. إن عذابها كان غراماً. إنها ساءت مستقراً ومقاماً }..
والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً. والذين يقولون: ربنا اصرف عنا عذاب جهنم. إن عذابها كان غراماً. إنها ساءت مستقراً ومقاماً }..
والتعبير يبرز من الصلاة السجود والقيام لتصوير حركة
عباد الرحمن، في جنح الليل والناس نيام. فهؤلاء قوم يبيتون لربهم سجداً وقياماً،
يتوجهون لربهم وحده، ويقومون له وحده، ويسجدون له وحده. هؤلاء قوم مشغولون عن
النوم المريح اللذيذ، بما هو أروح منه وأمتع، مشغولون بالتوجه إلى ربهم، وتعليق
أرواحهم وجوارحهم به، ينام الناس وهم قائمون ساجدون؛ ويخلد الناس إلى الأرض وهم
يتطلعون إلى عرش الرحمن، ذي الجلال والإكرام.
أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً
وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي
ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ
أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ
ومعنى: { قَانِتٌ. دائم الخضوع والعبادة (آنَاءَ) أي:
جزء من الليل،
وقوله: { يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ } [الزمر: 9] يعني: يخاف منها ومن القهر فيها { وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ } [الزمر: 9] لأن رحمته سبقت غضبه، لم يقل يأمن مقابل يحذر إنما ذكر أولاً ما يُخوِّف من الآخرة إنْ عصى، والمراد يحذر النار في الآخرة، لكن لما تكلَّم عن رحمة الله جعلها مباشرة، فقال { وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ } [الزمر: 9] ولم يقل: ويرجو الجنة.والمؤمن حين يرجو لا يرجو عمله وسَعْيه في الدنيا، إنما يرجو وينتظر رحمة الله، لأنه لا ينجو بعمله، لأن أيَّ إنسان مهما كان صالحاً حين تحاسبه حساباً دقيقاً لا بُدَّ أنْ يخرج بذنوب وإدانة.
إذن: فالكفيل فينا جميعاً والذي يسعنا رحمة الله، كما جاء في الحديث الشريف: " لا يدخل أحدٌ الجنة بعمله. قالوا: ولا أنت يا رسولَ الله؟ قال: ولا أنا إلا أنْ يتغمدني الله برحمته ". فإن قيام الليل هو دأب الصالحين، وتجارة المؤمنين، وعمل الفائزين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم، ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم، فيشكون إليه أحوالهم، ويسألونه من فضله، فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها، عاكفة على مناجاة بارئها، تتنسم من تلك النفحات، وتقتبس من أنوار تلك القربات، وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات.
وقوله: { يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ } [الزمر: 9] يعني: يخاف منها ومن القهر فيها { وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ } [الزمر: 9] لأن رحمته سبقت غضبه، لم يقل يأمن مقابل يحذر إنما ذكر أولاً ما يُخوِّف من الآخرة إنْ عصى، والمراد يحذر النار في الآخرة، لكن لما تكلَّم عن رحمة الله جعلها مباشرة، فقال { وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ } [الزمر: 9] ولم يقل: ويرجو الجنة.والمؤمن حين يرجو لا يرجو عمله وسَعْيه في الدنيا، إنما يرجو وينتظر رحمة الله، لأنه لا ينجو بعمله، لأن أيَّ إنسان مهما كان صالحاً حين تحاسبه حساباً دقيقاً لا بُدَّ أنْ يخرج بذنوب وإدانة.
إذن: فالكفيل فينا جميعاً والذي يسعنا رحمة الله، كما جاء في الحديث الشريف: " لا يدخل أحدٌ الجنة بعمله. قالوا: ولا أنت يا رسولَ الله؟ قال: ولا أنا إلا أنْ يتغمدني الله برحمته ". فإن قيام الليل هو دأب الصالحين، وتجارة المؤمنين، وعمل الفائزين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم، ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم، فيشكون إليه أحوالهم، ويسألونه من فضله، فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها، عاكفة على مناجاة بارئها، تتنسم من تلك النفحات، وتقتبس من أنوار تلك القربات، وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات.
قيام
الليل في القرآن قال تعالى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ
الْمَضَاجِعِ} [السجدة:16]. قال مجاهد والحسن: يعني قيام الليل.وقال
ابن كثير في تفسيره: ( يعني بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش
الوطيئة ).وقال عبد الحق الأشبيلي: ( أي تنبو جنوبهم عن الفرش، فلا تستقر عليها،
ولا تثبت فيها لخوف الوعيد، ورجاء الموعود ).وقد ذكر الله عز وجل المتهجدين فقال
عنهم: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ
هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات:18،17] قال الحسن: كابدوا الليل، ومدّوا
الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار.
وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}. أي: هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده؟!
إخواني: أين رجال الليل؟ أين ابن أدهم والفضيل ذهب الأبطال وبقي كل بطال !!
وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}. أي: هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده؟!
إخواني: أين رجال الليل؟ أين ابن أدهم والفضيل ذهب الأبطال وبقي كل بطال !!
يا رجال
الليل جدوا *** ربّ داع لا يُردُ
قيام
الليل في السنة
أخي
المسلم، حث النبي على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة
والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى،
ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد } [رواه أحمد
والترمذي وصححه الألباني].
وقال النبي في شأن عبد الله بن عمر: { نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل } [متفق عليه]. قال سالم بن عبد الله بن عمر: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وقال النبي : { في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها } فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: { لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام } [رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني].
وقال : { أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس } [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني].
وقال : { من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين } [رواه أبو داود وصححه الألباني]. والمقنطرون هم الذين لهم قنطار من الأجر.
وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتى أصبح فقال: { ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه !! } [متفق عليه].
وقال : { أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } [رواه مسلم].
وقال النبي في شأن عبد الله بن عمر: { نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل } [متفق عليه]. قال سالم بن عبد الله بن عمر: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.
وقال النبي : { في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها } فقيل: لمن يا رسول الله؟ قال: { لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائماً والناس نيام } [رواه الطبراني والحاكم وصححه الألباني].
وقال : { أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس } [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني].
وقال : { من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين } [رواه أبو داود وصححه الألباني]. والمقنطرون هم الذين لهم قنطار من الأجر.
وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتى أصبح فقال: { ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه !! } [متفق عليه].
وقال : { أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } [رواه مسلم].
قيام
النبي صلى الله عليه وسلم
أمر الله
تعالى نبيه بقيام الليل في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1)
قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3)
أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } [المزمل: 1-4].
وقال سبحانه: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } [الإسراء: 79].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: { كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ } [متفق عليه].
وهذا يدل على أن الشكر لا يكون باللسان فحسب، وإنما يكون بالقلب واللسان والجوارح، فقد قام النبي بحق العبودية لله على وجهها الأكمل وصورتها الأتم، مع ما كان عليه من نشر العقيدة الإسلامية، وتعليم المسلمين، والجهاد في سبيل الله، والقيام بحقوق الأهل والذرية، فكان كما قال ابن رواحة:
وقال سبحانه: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } [الإسراء: 79].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: { كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ } [متفق عليه].
وهذا يدل على أن الشكر لا يكون باللسان فحسب، وإنما يكون بالقلب واللسان والجوارح، فقد قام النبي بحق العبودية لله على وجهها الأكمل وصورتها الأتم، مع ما كان عليه من نشر العقيدة الإسلامية، وتعليم المسلمين، والجهاد في سبيل الله، والقيام بحقوق الأهل والذرية، فكان كما قال ابن رواحة:
وفينا
رسول الله يتلو كتابه *** إذا انشق معروفٌ من الصبح ساطعُ
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا *** به موقناتٌ أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه *** إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا *** به موقناتٌ أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه *** إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وعن حذيفة
قال: { صليت مع النبي ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع بها، ثم افتتح
النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مُتَرَسلاً، إذا مرّ بآية فيها
تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوّذ تعوذ... الحديث } [رواه
مسلم].
وعن ابن مسعود قال: { صليت مع النبي ليلة، فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأَدَعَهُ ! } [متفق عليه].
وعن ابن مسعود قال: { صليت مع النبي ليلة، فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأَدَعَهُ ! } [متفق عليه].
إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي
جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ
رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } * {كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } * { وَبِٱلأَسْحَارِ
هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } قال الأحنف بن قَيس، وقرأ هذه الآية { كانُوا
قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ } قال: لست من أهل هذه الآية.
قال ابن
حجر: ( وفي الحديث دليل على اختيار النبي تطويل صلاة الليل، وقد كان ابن مسعود
قوياً محافظاً على الاقتداء بالنبي ، وما هم بالقعود إلا بعد طول كثير ما اعتاده
).
قيام
الليل في حياة السلف قال الحسن البصري: ( لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة
في جوف الليل ).وقال أبو عثمان النهدي: ( تضيّفت أبا هريرة سبعاً، فكان هو وامرأته
وخادمه يقسمون الليل ثلاثاً، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا ).
وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى، ثم يقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه.
وكان طاوس يثب من على فراشه، ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين !!
وكان زمعة العابد يقوم فيصلي ليلاً طويلاً، فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته: يا أيها الركب المعرِّسون، أكُل هذا الليل ترقدون؟ ألا تقومون فترحلون !! فيسمع من هاهنا باكٍ، ومن هاهنا داع، ومن هاهنا متوضئ، فإذا طلع الفجر نادى: عند الصباح يحمد القوم السرى !!
وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى، ثم يقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه.
وكان طاوس يثب من على فراشه، ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين !!
وكان زمعة العابد يقوم فيصلي ليلاً طويلاً، فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته: يا أيها الركب المعرِّسون، أكُل هذا الليل ترقدون؟ ألا تقومون فترحلون !! فيسمع من هاهنا باكٍ، ومن هاهنا داع، ومن هاهنا متوضئ، فإذا طلع الفجر نادى: عند الصباح يحمد القوم السرى !!
طبقات
السلف في قيام الليل
قال ابن
الجوزي: واعلم أن السلف كانوا في قيام الليل على سبع طبقات:
الطبقة الأولى: كانوا يحيون كل الليل، وفيهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء.
الطبقة الثانية: كانوا يقومون شطر الليل.
الطبقة الثالثة: كانوا يقومون ثلث الليل، قال النبي : { أحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سُدسه } [متفق عليه].
الطبقة الرابعة: كانوا يقومون سدس الليل أو خمسه.
الطبقة الخامسة: كانوا لا يراعون التقدير، وإنما كان أحدهم يقوم إلى أن يغلبه النوم فينام، فإذا انتبه قام.
الطبقة السادسة: قوم كانوا يصلون من الليل أربع ركعات أو ركعتين.
الطبقة السابعة: قوم يُحيون ما بين العشاءين، ويُعسِّـلون في السحر، فيجمعون بين الطرفين. وفي صحيح مسلم أن النبي قال: { إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا آتاه، وذلك كل ليلة }.
الطبقة الأولى: كانوا يحيون كل الليل، وفيهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء.
الطبقة الثانية: كانوا يقومون شطر الليل.
الطبقة الثالثة: كانوا يقومون ثلث الليل، قال النبي : { أحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سُدسه } [متفق عليه].
الطبقة الرابعة: كانوا يقومون سدس الليل أو خمسه.
الطبقة الخامسة: كانوا لا يراعون التقدير، وإنما كان أحدهم يقوم إلى أن يغلبه النوم فينام، فإذا انتبه قام.
الطبقة السادسة: قوم كانوا يصلون من الليل أربع ركعات أو ركعتين.
الطبقة السابعة: قوم يُحيون ما بين العشاءين، ويُعسِّـلون في السحر، فيجمعون بين الطرفين. وفي صحيح مسلم أن النبي قال: { إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا آتاه، وذلك كل ليلة }.
الأسباب
الميسِّرة لقيام الليل
ذكر أبو حامد
الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل:
فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور:
الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.
فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور:
الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.
وأما
الأسباب الباطنة فأربعة أمور:
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.
الرابع: وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.
الرابع: وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
فإياك إذن
أنْ تغترَّ بعملك، لأن التكاليف كلها لصالحك أنت، ولا يعود على الله منها شيء،
فحين يجازيك عليها في الآخرة فهو تفضُّل من الله ونعمة.
وهم في قيامهم وسجودهم وتطلعهم وتعلقهم تمتلىء قلوبهم بالتقوى، والخوف من عذاب جهنم. يقولون: { ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً. إنها ساءت مستقراً ومقاماً ".. وما رأوا جهنم، ولكنهم آمنوا بوجودها، وتمثلوا صورتها مما جاءهم في القرآن الكريم وعلى لسان رسول الله الكريم. فهذا الخوف النبيل إنما هو ثمرة الإيمان العميق، وثمرة التصديق.
وهم يتوجهون إلى ربهم في ضراعة وخشوع ليصرف عنهم عذاب جهنم. لا يطمئنهم أنهم يبيتون لربهم سجداً وقياماً؛ فهم لما يخالج قلوبهم من التقوى يستقلون عملهم وعبادتهم، ولا يرون فيها ضماناً ولا أماناً من النار، إن لم يتداركهم فضل الله وسماحته وعفوه ورحمته، فيصرف عنهم عذاب جهنم. المؤمن يكون بين الرجاء والخوف وسط فلا أمان أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ الأعراف 99 ولا يأس وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ
عن أنس رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وهو في الموت فقال له: " كيف تجدك؟ " فقال: أرجو وأخاف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله عز وجل الذي يرجو، وأمنه الذي يخافه " رواه الترمذي والنسائي
والتعبير يوحي كأنما جهنم متعرضة لكل أحد، متصدية لكل بشر، فاتحة فاها، تهم أن تلتهم، باسطة أيديها تهم أن تقبض على القريب والبعيد! وعباد الرحمن الذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يخافونها ويخشونها، ويتضرعون إلى ربهم أن يصرف عنهم عذابها، وأن ينجيهم من تعرضها وتصديها{ وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ }ويرتعش تعبيرهم وهم يتضرعون إلى ربهم خوفاً وفزعاً: { إِن عذابها كان غراماً }: أي ملازماً لا يتحول عن صاحبه ولا يفارقه ولا يقيله؛ فهذا ما يجعله مروعاً مخيفاً شنيعاً.. { إِنها ساءت مستقراً ومقاماً } وهل أسوأ من جهنم مكاناً يستقر فيه الإنسان ويقيم. وأين الاستقرار وهي النار؟ وأين المقام وهو التقلب على اللظى ليل نهار!
وهم في قيامهم وسجودهم وتطلعهم وتعلقهم تمتلىء قلوبهم بالتقوى، والخوف من عذاب جهنم. يقولون: { ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً. إنها ساءت مستقراً ومقاماً ".. وما رأوا جهنم، ولكنهم آمنوا بوجودها، وتمثلوا صورتها مما جاءهم في القرآن الكريم وعلى لسان رسول الله الكريم. فهذا الخوف النبيل إنما هو ثمرة الإيمان العميق، وثمرة التصديق.
وهم يتوجهون إلى ربهم في ضراعة وخشوع ليصرف عنهم عذاب جهنم. لا يطمئنهم أنهم يبيتون لربهم سجداً وقياماً؛ فهم لما يخالج قلوبهم من التقوى يستقلون عملهم وعبادتهم، ولا يرون فيها ضماناً ولا أماناً من النار، إن لم يتداركهم فضل الله وسماحته وعفوه ورحمته، فيصرف عنهم عذاب جهنم. المؤمن يكون بين الرجاء والخوف وسط فلا أمان أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ الأعراف 99 ولا يأس وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ
عن أنس رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وهو في الموت فقال له: " كيف تجدك؟ " فقال: أرجو وأخاف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله عز وجل الذي يرجو، وأمنه الذي يخافه " رواه الترمذي والنسائي
والتعبير يوحي كأنما جهنم متعرضة لكل أحد، متصدية لكل بشر، فاتحة فاها، تهم أن تلتهم، باسطة أيديها تهم أن تقبض على القريب والبعيد! وعباد الرحمن الذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً، يخافونها ويخشونها، ويتضرعون إلى ربهم أن يصرف عنهم عذابها، وأن ينجيهم من تعرضها وتصديها{ وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ }ويرتعش تعبيرهم وهم يتضرعون إلى ربهم خوفاً وفزعاً: { إِن عذابها كان غراماً }: أي ملازماً لا يتحول عن صاحبه ولا يفارقه ولا يقيله؛ فهذا ما يجعله مروعاً مخيفاً شنيعاً.. { إِنها ساءت مستقراً ومقاماً } وهل أسوأ من جهنم مكاناً يستقر فيه الإنسان ويقيم. وأين الاستقرار وهي النار؟ وأين المقام وهو التقلب على اللظى ليل نهار!
رَبَّنَا
اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا*إِنَّهَا
سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا
فلنغتنم هذا المكان وهذا الزّمان ونحن بين يدي الله
تعالى وليستحضر كلّ منّا حاجته لخالقه العليّ القدير السّميع البصير مفتتحين
دعاءنا بالصّلاة والسّلام على المبعوث رحمة للعالمين : اللهمّ صلّ على سيّدنا
محمّد .......اللّهمّ يا أرحم الرّاحمين يا ربّ
العالمين يا ناصر المستضعفين يا مفرّج كربة المكروبين نسألك يا الله
أن ترحمنا رحمة واسعة تشفي بها سقيمنا وتهدي بها ضالّنا وتقضي بها حوائجنا وترجع
بها غائبنا وترحم بها موتانا .
|
اللّهمّ إنّا عبيدك بنو
عبيدك بنو إمائك نواصينا بيدك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسأل يا الله بكلّ اسم
هو لك سمّيت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علّمته أحد من خلقك أو استأثرت به في
علم الغيب عندك ان تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا
وغمومنا وقائدنا وسائقنا إلى جنّاتك جنّات النّعيم . اللّهمّ إليك نشكو ضعف قوّتنا
وقلّة حيلتنا وهواننا على النّاس ، أنت ربّ المستضعفين وربّنا إلى من تكلنا إلى
بعيد يتجهّمنا أم إلى عدوّ ملّكته أمرنا إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي ولكن
عافيتك هي أقرب لنا . اللهمّ فعافنا واعف عنّا ، عافنا يا ربّنا في أسماعنا
وأبصارنا وقوّتنا ما أحييتنا ولا تجعل الدّنيا أكبر همّنا ولا مبلغ
علمنا ولا تسلّط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا . اللّهمّ إنّا ظلمنا
أنفسنا ظلما كثيرا ونحن نعلم علم يقين أنّه لا يغفر الذّنوب إلاّ أنت فاغفر لنا ،
اغفر لنا ما قدّمنا وما أخّرنا وما أسررنا وما أعلنّا وما أنت أعلم به منّا
اغفر لنا الذّنوب التي تنزل البلاء والذّنوب التي تحبس الدّعاء اللّهمّ انصر
إخواننا في فلسطين على أعدائك أعداء الدّين الصّهاينة الماكرين ، انصر إخواننا في
سوريا وفي البورمة، انصر جميع المستضعفين واجعلنا سلما على أوليائك حربا على
أعدائك أشدّاء على الكفّار رحماء بيننا وارحمنا بترك المعاصي أبدا ما
أحييتنا ووفّقنا إلى كلّ خير ، وفّقنا إلى ذكرك وشكرك وحسن
عبادتك وارحم والدينا واهد أبناءنا إلى صالح الأعمال ربّ اغفر وارحم إنّك
غفور رحيم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام
على سيّد المرسلين .
mercredi 7 mai 2014
mardi 6 mai 2014
Diams la fameuse rappeuse Française se convertit à l'Islam
Diams la fameuse rappeuse Française se convertit à l'Islam
jeudi 1 mai 2014
تفسير:وعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً خطبة 2ماي2014
خطبة يوم الجمعة 2ماي 2014 :
صفات عباد الرحمان
تفسير:وعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن خطر الشهوات إلى جنّات القربات.
وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } * { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } * { إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً
فهاهم عباد الرحمن، الذين يعرفون الرحمن، ويستحقون أن ينسبوا إليه، وأن يكونوا عباده. ينبغي أن يتشرفوا بذلك الحقيقة لا يستحق الإنسان أن يكون عبداً للرحمن إلا إذا انصاع بقلبه وعقله وحواسه وجوارحه، بعمله ونشاطاته، بلهوه وجده، بإقامته وسفره، بعزوبيَّته وزواجه، بغناه وفقره، لا يستحق الإنسان أن يكون عبداً للرحمن إلا إذا انصاع لأوامر الرحمن، أن تكون عبداً للرحمن وأنت مقيمٌ على معصيته ؟ تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لـعمري في المقال بـديع لو كـان حبك صادقاً لأطعته إن الـمحب لمن يحب يطيـعُ
ها هم أولاء بصفاتهم المميزة في نفوسهم وسلوكهم وحياتهم. وهؤلاء هم الذين يستحقون أن يعبأ بهم الله في الأرض، ويوجه إليهم عنايته؛ فالبشر كلهم أهون على الله من أن يعبأ بهم، لولا أن هؤلاء فيهم، ولولا أن هؤلاء يتوجهون إليه بالتضرع والدعاء إذن أعطيكم الصفات صفة صفة وأنتم تسجلون الصفات الناقصة فيكم لإضافتها أو تصحيحها لتكون من عباد الرحمن.
الفرق بين العبيد والعباد: ورد في القرآن عبيد وعباد، والفرق بينهما كبير
العبيد جمع عبد القهر و العباد جمع عبد الشكر،فأيّ إنسان ولو كان ملحداً، ولو كان كافراً، ولو كان فاجراً هو عبد لله، بمعنى أن حياته متوقفة على إمداد الله له، لو توقف القلب فأملاكه بالمليارات تنتقل إلى غيره، كان رجلاً فأصبح خبراً، قال تعالى:﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ﴾حتى العتاة، الطغاة، المستكبرون، الملحدون، الكافرون هم عبيد لله قهراً، فلذلك أي إنسان مهما كان قوياً، ومهما كان متجبراً فهو عبد لله قهراً، هذه عبودية القهر، لكن المؤمن حينما عرف الله، وأحبه، وأقبل عليه، وأطاعه، وتقرب إليه فهذا عبد لله أيضاً من نوع آخر، هذا عبد الشكر، لذلك عبد القهر تجمع على عبيد.﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾بينما عبد الشكر تجمع على عباد.﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
فالعبودية لله عزَّ وجل تعني الاستسلام القلبي، واستسلام الجوارح والحواس، واستسلام الحركات والسكنات، واستسلام كل النشاطات إلى شرع الله وإلى أمره، لذلك لقبٌ كبير ومقامٌ عظيم ولكي تبلغه يجب أن تكون عبداً للرحمن.
يروى أن النبي عليه الصلاة والسلام وهو في سدرة المنتهى، سأل الله عزَّ وجل أن يكون عبده، أي أن يكون في مستوى العبودية لله، وكلما عبدت الله عزَّ وجل زادك الله رفعةً، وكلما عبدت غيره زادك الله ضَعَةً، إما أن تكون عبداً لله، وإما أن تكون عبداً لعبدٍ لئيم.
سبحانك إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، أتكون عبداً لله ويذلُك الله عزَّ وجل هذا مستحيل.
اجعل لربك كل عزك يستقر ويــثـبـت فإذا اعـتززت بمـن يموت فإن عزك ميت
وهذا هو الفرق الكبير بين عبيد وعباد.من موسوعة الدكتور :راتب النابلسي
كلمة عباد تضاف إلى لفظ الجلالة، فالذين يعبدون الله يضافون للفظ الجلالة؛ فيزدادون تشريفاً، فيقال عباد الله كما
ورد في سورة الفرقان "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً "
أما كلمة عبيد فهي تُطلق على عبيد الناس والله معاً، وعادة تضاف إلى الناس، والعبيد تشمل الكل محسنهم ومسيئهم،
كما ورد في سورة ق "مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ
الرحمان:الرحمان صفة مبالغة من الرحيم لأنه يرحم بها المؤمن والكافر وفي الآخرة رحيم لأنه لا يرحم إلا المؤمنين يا رحمان الدنيا ويا رحيم الآخرة
ها هي ذي السمة الأولى من سمات عباد الرحمن: المتواضعون غير المتكبرين لأن المتكبر لن يدخل الجنة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار قال سبحانه :{ سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق } (الأعراف: 146) ، وقال سبحانه : { إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } (غافر: 60) ، وثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) .) المتكبر هو من يعجب بنفسه هو العلامة وهو السيد عباد الرحمن يمشون على الأرض مشية ليس فيها تكلف ولا تصنع، وليس فيها خيلاء ولا تصعير خد يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ }{ وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ } فالمشية ككل حركة تعبير عن الشخصية، وعما يستكن فيها من مشاعر. والنفس السوية المطمئنة الجادة تخلع صفاتها هذه على مشية صاحبها، فيمشي مشية سوية مطمئنة جادة. فيها وقار وسكينة، وفيها جد وقوة. وليس معنى: { يمشون على الأرض هوناً } أنهم يمشون متماوتين منكسي الرؤوس، ؛ كما يفهم بعض الناس ممن يريدون إظهار التقوى والصلاح!
والمشي الهَوْن: فهو مخالف لمشْي المتجبرين المعجَبين بنفوسهم وقوتهم. وهذا الهَوْن ناشىء عن التواضع لله تعالى والتخلُّق بآداب النفس العالية وزوال بطر أهل الجاهلية فكانت هذه المشية من خلال الذين آمنوا على الضد من مشي أهل الجاهلية. وعن عمر بن الخطاب أنه رأى غلاماً يتبختر في مِشيته فقال له «إن البخترة مِشية تُكْره إلا في سبيل الله». وقد مدح الله تعالى أقواماً بقوله سبحانه { وعباد الرحمٰن الذين يمشون على الأرض هوناً } التواضع ضد الاعجاب بالنفس والرزق والمال فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ النتيجة :{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ
وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَداً } * { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً }
النتيجة : وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً }
بعض المفسرين قال: " يمشون على الأرض هوناً أي لا يفسدون في الأرض "، فمن أفسد في الأرض فهو لا يمشي هوناً، تسرَّع، أفسد علاقات الناس بعضها ببعض، أفسد أخلاق الناس بكتابٍ ألَّفَهُ، أفسد عقائد الناس بفكرٍ روَّجَهُ، أفسد شعور الشباب بقصةٍ ماجنةٍ ألَّفها، هؤلاء الذين يفسدون في أقوالهم، وفي أعمالهم، وفي كتاباتهم، وفي حركاتهم، هؤلاء لا يمشون على الأرض هوناً.
﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا (63)﴾
بعضهم قال: " هم الذي لا يمشون في إفسادٍ ومعصية، لا يعصي الله ولا يفسد العلاقات "، هذا معنى هوناً، ابن عباسٍ رضي الله عنهما يقول: " يمشون هوناً أي بالطاعة والمعروف والتواضع "، علماء آخرون فسروا هذه الآية يمشون هوناً: أي إن جَهِلَ عليهم جاهلٌ لا يجهلون "، لا يستفزهم جاهل، لا يسمحون لإنسانٍ جاهل أن يستفزَّهم، هم كالجبال رسوخاً، بعضهم قال: " يشمون هوناً أي لا يتكبرون "، هذه المعاني المتفرقة، يجمعها معنىً واحد وهو: أن علمهم بالله، وخوفهم منه، ومعرفتهم بأحكامه، وخشيتهم من عذابه وعقابه كل هذه المعاني مجتمعةً تدفعهم لأن يكونوا كما وصفهم الله عزَّ وجل يمشون على الأرض هوناً.
صفات عباد الرحمان
تفسير:وعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، و ارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن خطر الشهوات إلى جنّات القربات.
وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } * { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } * { إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً
فهاهم عباد الرحمن، الذين يعرفون الرحمن، ويستحقون أن ينسبوا إليه، وأن يكونوا عباده. ينبغي أن يتشرفوا بذلك الحقيقة لا يستحق الإنسان أن يكون عبداً للرحمن إلا إذا انصاع بقلبه وعقله وحواسه وجوارحه، بعمله ونشاطاته، بلهوه وجده، بإقامته وسفره، بعزوبيَّته وزواجه، بغناه وفقره، لا يستحق الإنسان أن يكون عبداً للرحمن إلا إذا انصاع لأوامر الرحمن، أن تكون عبداً للرحمن وأنت مقيمٌ على معصيته ؟ تعصي الإله وأنت تظهر حبه ذاك لـعمري في المقال بـديع لو كـان حبك صادقاً لأطعته إن الـمحب لمن يحب يطيـعُ
ها هم أولاء بصفاتهم المميزة في نفوسهم وسلوكهم وحياتهم. وهؤلاء هم الذين يستحقون أن يعبأ بهم الله في الأرض، ويوجه إليهم عنايته؛ فالبشر كلهم أهون على الله من أن يعبأ بهم، لولا أن هؤلاء فيهم، ولولا أن هؤلاء يتوجهون إليه بالتضرع والدعاء إذن أعطيكم الصفات صفة صفة وأنتم تسجلون الصفات الناقصة فيكم لإضافتها أو تصحيحها لتكون من عباد الرحمن.
الفرق بين العبيد والعباد: ورد في القرآن عبيد وعباد، والفرق بينهما كبير
العبيد جمع عبد القهر و العباد جمع عبد الشكر،فأيّ إنسان ولو كان ملحداً، ولو كان كافراً، ولو كان فاجراً هو عبد لله، بمعنى أن حياته متوقفة على إمداد الله له، لو توقف القلب فأملاكه بالمليارات تنتقل إلى غيره، كان رجلاً فأصبح خبراً، قال تعالى:﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ﴾حتى العتاة، الطغاة، المستكبرون، الملحدون، الكافرون هم عبيد لله قهراً، فلذلك أي إنسان مهما كان قوياً، ومهما كان متجبراً فهو عبد لله قهراً، هذه عبودية القهر، لكن المؤمن حينما عرف الله، وأحبه، وأقبل عليه، وأطاعه، وتقرب إليه فهذا عبد لله أيضاً من نوع آخر، هذا عبد الشكر، لذلك عبد القهر تجمع على عبيد.﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾بينما عبد الشكر تجمع على عباد.﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
فالعبودية لله عزَّ وجل تعني الاستسلام القلبي، واستسلام الجوارح والحواس، واستسلام الحركات والسكنات، واستسلام كل النشاطات إلى شرع الله وإلى أمره، لذلك لقبٌ كبير ومقامٌ عظيم ولكي تبلغه يجب أن تكون عبداً للرحمن.
يروى أن النبي عليه الصلاة والسلام وهو في سدرة المنتهى، سأل الله عزَّ وجل أن يكون عبده، أي أن يكون في مستوى العبودية لله، وكلما عبدت الله عزَّ وجل زادك الله رفعةً، وكلما عبدت غيره زادك الله ضَعَةً، إما أن تكون عبداً لله، وإما أن تكون عبداً لعبدٍ لئيم.
سبحانك إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، أتكون عبداً لله ويذلُك الله عزَّ وجل هذا مستحيل.
اجعل لربك كل عزك يستقر ويــثـبـت فإذا اعـتززت بمـن يموت فإن عزك ميت
وهذا هو الفرق الكبير بين عبيد وعباد.من موسوعة الدكتور :راتب النابلسي
كلمة عباد تضاف إلى لفظ الجلالة، فالذين يعبدون الله يضافون للفظ الجلالة؛ فيزدادون تشريفاً، فيقال عباد الله كما
ورد في سورة الفرقان "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً "
أما كلمة عبيد فهي تُطلق على عبيد الناس والله معاً، وعادة تضاف إلى الناس، والعبيد تشمل الكل محسنهم ومسيئهم،
كما ورد في سورة ق "مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ
الرحمان:الرحمان صفة مبالغة من الرحيم لأنه يرحم بها المؤمن والكافر وفي الآخرة رحيم لأنه لا يرحم إلا المؤمنين يا رحمان الدنيا ويا رحيم الآخرة
ها هي ذي السمة الأولى من سمات عباد الرحمن: المتواضعون غير المتكبرين لأن المتكبر لن يدخل الجنة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار قال سبحانه :{ سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق } (الأعراف: 146) ، وقال سبحانه : { إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } (غافر: 60) ، وثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) .) المتكبر هو من يعجب بنفسه هو العلامة وهو السيد عباد الرحمن يمشون على الأرض مشية ليس فيها تكلف ولا تصنع، وليس فيها خيلاء ولا تصعير خد يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ }{ وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ } فالمشية ككل حركة تعبير عن الشخصية، وعما يستكن فيها من مشاعر. والنفس السوية المطمئنة الجادة تخلع صفاتها هذه على مشية صاحبها، فيمشي مشية سوية مطمئنة جادة. فيها وقار وسكينة، وفيها جد وقوة. وليس معنى: { يمشون على الأرض هوناً } أنهم يمشون متماوتين منكسي الرؤوس، ؛ كما يفهم بعض الناس ممن يريدون إظهار التقوى والصلاح!
والمشي الهَوْن: فهو مخالف لمشْي المتجبرين المعجَبين بنفوسهم وقوتهم. وهذا الهَوْن ناشىء عن التواضع لله تعالى والتخلُّق بآداب النفس العالية وزوال بطر أهل الجاهلية فكانت هذه المشية من خلال الذين آمنوا على الضد من مشي أهل الجاهلية. وعن عمر بن الخطاب أنه رأى غلاماً يتبختر في مِشيته فقال له «إن البخترة مِشية تُكْره إلا في سبيل الله». وقد مدح الله تعالى أقواماً بقوله سبحانه { وعباد الرحمٰن الذين يمشون على الأرض هوناً } التواضع ضد الاعجاب بالنفس والرزق والمال فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ النتيجة :{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ
وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
{ وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَداً } * { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً }
النتيجة : وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً }
بعض المفسرين قال: " يمشون على الأرض هوناً أي لا يفسدون في الأرض "، فمن أفسد في الأرض فهو لا يمشي هوناً، تسرَّع، أفسد علاقات الناس بعضها ببعض، أفسد أخلاق الناس بكتابٍ ألَّفَهُ، أفسد عقائد الناس بفكرٍ روَّجَهُ، أفسد شعور الشباب بقصةٍ ماجنةٍ ألَّفها، هؤلاء الذين يفسدون في أقوالهم، وفي أعمالهم، وفي كتاباتهم، وفي حركاتهم، هؤلاء لا يمشون على الأرض هوناً.
﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا (63)﴾
بعضهم قال: " هم الذي لا يمشون في إفسادٍ ومعصية، لا يعصي الله ولا يفسد العلاقات "، هذا معنى هوناً، ابن عباسٍ رضي الله عنهما يقول: " يمشون هوناً أي بالطاعة والمعروف والتواضع "، علماء آخرون فسروا هذه الآية يمشون هوناً: أي إن جَهِلَ عليهم جاهلٌ لا يجهلون "، لا يستفزهم جاهل، لا يسمحون لإنسانٍ جاهل أن يستفزَّهم، هم كالجبال رسوخاً، بعضهم قال: " يشمون هوناً أي لا يتكبرون "، هذه المعاني المتفرقة، يجمعها معنىً واحد وهو: أن علمهم بالله، وخوفهم منه، ومعرفتهم بأحكامه، وخشيتهم من عذابه وعقابه كل هذه المعاني مجتمعةً تدفعهم لأن يكونوا كما وصفهم الله عزَّ وجل يمشون على الأرض هوناً.
وهم في جدهم ووقارهم وقصدهم إلى ما يشغل نفوسهم من اهتمامات كبيرة، لا يتلفتون إلى حماقة الحمقى وسفه السفهاء، ولا يشغلون بالهم ووقتهم وجهدهم بالاشتباك مع السفهاء والحمقى في جدل أو عراك، ويترفعون عن المهاترة مع المهاترين الطائشين: { وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا: سلاماً } لا عن ضعف ولكن عن ترفع؛ ولا عن عجز إنما عن استعلاء، وعن صيانة للوقت والجهد أن ينفقا فيما لا يليق بالرجل الكريم المشغول عن المهاترة بما هو أهم وأكرم وأرفع.قال أحد الصالحين : كل ينفق مما عنده في جيبه
الجاهلون الذي لا يعرفون الله، قد يحصِّل الإنسان علم الدنيا، وهو عند الله جاهل، فالجهل أن تجهل ما عند الله من ثواب، وأن تجهل ما عنده من عقاب، وأن تجهل ما في أوامر الدين من حكمة، وأن تجهل حقيقة الدنيا، وأن تجهل أين كنت وإلى أين المصير ؟ وأن تجهل لماذا خلقت ؟ هذا هو الجهل، فلو حَصَّلَ الإنسان أعلى شهادة ولم يكن بالمستوى المطلوب فهو جاهل، لذلك ربنا سبحانه وتعالى حينما وصف الكفار قال:
﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ(7سورة الروم
وقال: ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) ﴾
وقتهم ثمين، ليس عندهم وقتٌ يضيِّعونه مع الجهلة، مع السُفهاء، والسلام هنا ليس من التسليم بل من السلامة، أي ينجون من جهل الجهلاء، ومن سَفَه السفهاء، ومن حُمق الحمقى، ومن ضلال الضالين، ومن خزعبلات المنجمين، يبتعدون عن هذه المجتمعات الموبوءة، عن أهل الفساد، عن أهل الجهل، عن أهل الانحراف، لا يلوِّثون نفوسهم بمصاحبتهم.هذا نهارهم مع الناس فأما ليلهم فهو التقوى ومراقبة الله، والشعور بجلاله، والخوف من عذابه.
{ والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً. والذين يقولون: ربنا اصرف عنا عذاب جهنم. إن عذابها كان غراماً. إنها ساءت مستقراً ومقاما
اللهم اجعلنا من عبادك الصادقين ومن عبادك المتقين نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار اللهم أصلح ذات بيننا والف بين قلوبنا واهدنا سواء السبيل واخرجنا من الظلمات إلى النور اللهم أفرج الهم عن المهمومين واكشف الكرب عن المكروبين وغير حالنا وحال المسلمين إلى أحسن حال اللهم إنا نسألك ايمانا دائما وقلبا خاشعا وعلما نافعا ودعاء متقبلا وعينا دامعة ولسانا ذاكرا اللهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر اللهم اهنا واهد بنا واجعلنا هداة مهديين اللهم استعملنا في طاعتك اللهم استعملنا في عبادتك اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين يا رب العالمين اللهم احفظ أبناءنا وبناتنا ونساءنا من شر الفتن ما ظهر منها وبطن احفظهم يا رب من كل هم وغم وكرب اللهم احفظهم من كل فتنة ومعصية إنك سميع مجيب الدعوات عباد الله إن الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون اذكروا الله يذكركم واستغفروه يغفر لكم وأقم الصلاة
الجاهلون الذي لا يعرفون الله، قد يحصِّل الإنسان علم الدنيا، وهو عند الله جاهل، فالجهل أن تجهل ما عند الله من ثواب، وأن تجهل ما عنده من عقاب، وأن تجهل ما في أوامر الدين من حكمة، وأن تجهل حقيقة الدنيا، وأن تجهل أين كنت وإلى أين المصير ؟ وأن تجهل لماذا خلقت ؟ هذا هو الجهل، فلو حَصَّلَ الإنسان أعلى شهادة ولم يكن بالمستوى المطلوب فهو جاهل، لذلك ربنا سبحانه وتعالى حينما وصف الكفار قال:
﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ(7سورة الروم
وقال: ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) ﴾
وقتهم ثمين، ليس عندهم وقتٌ يضيِّعونه مع الجهلة، مع السُفهاء، والسلام هنا ليس من التسليم بل من السلامة، أي ينجون من جهل الجهلاء، ومن سَفَه السفهاء، ومن حُمق الحمقى، ومن ضلال الضالين، ومن خزعبلات المنجمين، يبتعدون عن هذه المجتمعات الموبوءة، عن أهل الفساد، عن أهل الجهل، عن أهل الانحراف، لا يلوِّثون نفوسهم بمصاحبتهم.هذا نهارهم مع الناس فأما ليلهم فهو التقوى ومراقبة الله، والشعور بجلاله، والخوف من عذابه.
{ والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً. والذين يقولون: ربنا اصرف عنا عذاب جهنم. إن عذابها كان غراماً. إنها ساءت مستقراً ومقاما
اللهم اجعلنا من عبادك الصادقين ومن عبادك المتقين نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار اللهم أصلح ذات بيننا والف بين قلوبنا واهدنا سواء السبيل واخرجنا من الظلمات إلى النور اللهم أفرج الهم عن المهمومين واكشف الكرب عن المكروبين وغير حالنا وحال المسلمين إلى أحسن حال اللهم إنا نسألك ايمانا دائما وقلبا خاشعا وعلما نافعا ودعاء متقبلا وعينا دامعة ولسانا ذاكرا اللهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر اللهم اهنا واهد بنا واجعلنا هداة مهديين اللهم استعملنا في طاعتك اللهم استعملنا في عبادتك اللهم اجعلنا من عبادك المخلصين يا رب العالمين اللهم احفظ أبناءنا وبناتنا ونساءنا من شر الفتن ما ظهر منها وبطن احفظهم يا رب من كل هم وغم وكرب اللهم احفظهم من كل فتنة ومعصية إنك سميع مجيب الدعوات عباد الله إن الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون اذكروا الله يذكركم واستغفروه يغفر لكم وأقم الصلاة
Inscription à :
Articles (Atom)