vendredi 2 novembre 2012

عمر بن الخطاب رضي الله عنه والقضاء خطبة2نوفمبر2012



خطبة 2نوفمبر 2012عمر و القضاء
في رسالة عمر بن الخطاب الشهيرة إلي أبي موسي الأشعري وضع عمر فيها دستوراً للقاضي المسلم في نظام القضاء والتقاضي .
لنقرأ نصها سوياً لنري عظمة الإسلام كما سوف نري عبقرية فذة و آفاق معرفية عند أحد التلاميذ النجباء لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
§         من عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلي عبد الله بن قيس أبي موسي الأشعري إنه الصحابي الجليل عبدالله بن قيس بن سليم، المعروف بأبي موسى الأشعري، وقد رزقه الله صوتًا عَذْبًا فكان من أحسنِ الصحابة صوتًا في قراءة القرآن، قال عنه الرسول (: (لقد أُعْطِىَ أبو موسى مزمارًا من مزامير آل داود) [النسائي]. وكان أبو موسى بحرًا في العلم والفقه وأمور الدين، فقد قال عنه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حين سُئِلَ عن علمه: صُبغ في العلم صبغة.
وغزا أبو موسى بالبصريين ابتغاء الأجر والثواب من الله -عز وجل-، فافتتح الأهواز، كما فتح الرها وسميساط وغير ذلك، وظل واليًا على البصرة في خلافة عثمان بن عفان حتى طلب أهل الكوفة من أمير المؤمنين أن يوليه عليهم، فوافق الخليفة عثمان على ذلك، وأقرَّه أميرًا على الكوفة.
ومكث أبو موسى في إمارة الكوفة حتى استشهد عثمان -رضي الله عنه-، وجاء من بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فعاد أبو موسى إلى مكة المكرمة، وعكف على العبادة والصلاة حتى توفي -رضي الله عنه- سنة (42) من الهجرة. وعن أبي مجلز قال: قال أبو موسى: إني لأغتسل في البيت المظلم فما أقيم صلبي حتى آخذ ثوبي حياء من ربي عز وجل.
§         وعن قسامة بن زهير قال: خطبنا أبو موسى فقال: أيها الناس، ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا، فإن أهل النار يبكون الدموع حتى تنقطع، ثم يبكون الدماء حتى لو أرسلت فيها السفن لجرت.
 وكان أبو موسى -رضي الله عنه- متواضعًا، يروى أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولاه إمارة البصرة، فقال أبو موسى لأهلها حين وصل إليهم: بعثني إليكم أمير المؤمنين أعلِّمكم كتاب ربكم -عز وجل- وسنة نبيكم (، وأنظف لكم طرقكم. فتعجب القوم إذ كيف ينظف الأمير طرق المدينة
.سلام عليك أما بعد :
فإن القضاء فريضة محكمة  قال تعالى: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون} [المائدة: 8].و سنة متبعة   في الحديث القدسي أنه قال: "يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْـمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلاَ تَظَالـَمُوا"[1فافهم إذا أُوليَ إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له. قال النبي http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْـحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلاَ يَأْخُذْ؛ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ"[6].
آس بين الناس في وجهك (أي اعدل) ، وعدلك و مجلسك حتي لا يطمع شريف في حيفك (أي ظلمك) و لا ييأس ضعيف من عدلك ..
البينة علي من ادعي و اليمين علي من أنكر ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً .
لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه عقلك ، وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلي الحق فإن الحق قديم و مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل .
الفهم الفهم فيما تلجلج فيه صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة ، ثم اعرف الأشباه والأمثال ، فقس الأمور عند ذلك ، واعمد إلي أقربها إلي الله و أشبهها بالحق و اجعل لمن ادعي حقاً غائباً أو بينة أمداً ينتهي إليه ، فإن أحضر بينته أخذت له بحقه و إلا استحللت عليه القضية فإنه أنقي للشك و أجلي للعمي .
فإن المسلمين عدول (هو المثل و النظير) بعضهم علي بعض ،  إلا مجلوداً في حد أو مُجرّباً عليه شهادة زور ، فإن الله تولى منكم السرائر و درأ (دفع) بالبينات و الإيمان . المعنى: الأصل في المسلم أن يكون مقبولا عندما يشهد على أخيه المسلم لأنه يتوخى العدل، ولا يستثنى من ذلك إلا من جلد في حد أو شهد شهادة زور والله سبحانه وتعالى يعلم ما يخفي الإنسان، وقد أتاح اللُه للإنسان دفع التهم بالأيمان والبينات الواضحات.
و إياك و الغلق (أي ضيق الصدر و قلة الصبر) و الضجر و التأذي للخصوم والتنكر عند الخصومات المعنى: ينهى عمر أبا موسى الأشعري عن ضيق صدره بالخصوم وقلة صبره عندما تبسط القضايا وتتشعب.
فإن القضاء في مواطن الحق يعظم الله به الأجر ويحسن به الذخر ،المعنى: إن ما يبذله القاضي من تثبيت للحق بين المتخاصمين يحفظه

الله له ويجعله زينة لأعماله الطيبة.  فمن صحت نيته و أقبل علي نفسه كفاه الله ما بينه و بين الناس و من تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شانه الله .  ومن أظهر للناس خلقاً يخالف نيته وما أضمر في نفسه فإن الله سيجعله قبيحاً في أعين الناس ويهتك ستره. .
فما ظنك بثواب الله عز و جل في عاجل رزقه و خزائن رحمته و السلام .
إن عندي من اليقين أنه لو لم يكن من مناقب بن الخطاب (رضي الله عنه ) إلا هذه لكفته  وعُد عندئذ من كبار المنظرين و المفكرين و المشرعين .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire