lundi 29 juillet 2019

سلسلة تفسير سورة البروج حلقة3



{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ
ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ
جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ
 } *{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ
لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ
 }قوله تعالى:
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } أي حَرَّقوهم
بالنار. والعرب تقول: فَتن فلانٌ الدرهمَ والدينارَ، إذا أدخله الكور، لينظر
جودته. ودينار مفتون. ويسمى الصائغ الفتان،. { ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ } أي من قبيح
صنيعهم مع ما أظهره الله لهذا الملك الجبار الظالم وقومه من الآيات والبينات على
يد الغلام. { فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ } لكفرهم. { وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ
} في الدنيا لإحراقهم المؤمنين بالنار. وقد تقدم عن ابن عباس. وقيل: «ولهم عذاب
الحريق» أي ولهم في الآخرة عذاب زائد على عذاب كفرهم بما أحرقوا المؤمنين. وقيل:
لهم عذاب، وعذاب جهنم الحريق. والحريق: ٱسم من أسماء جهنم كالسَّعير. والنار دركات
وأنواع ولها أسماء. وكأنهم يعذبون بالزمهرير في جهنم، ثم يعذّبون بعذاب الحريق.
فالأول عذاب ببردها، والثاني عذاب بحرها { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي هؤلاء
الذين كانوا آمنوا بالله أي صدقوا به وبرسله. { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ
جَنَّاتٌ تَجْرِي } أي بساتين. { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } من ماء غير
آسن، ومن لبن لم يتغير طعمه، ومن خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفَّى. {
ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ } أي العظيم، الذي لا فوز يشبهه.
ثم لم يتوبوا
: المقصود قريش ومن بعدها..
أبو حيان
حمله على العموم أولى، ليشمل كفار قريش بالوعيد والتهديد، وتوجيههم إلى التوبة مما
أوقعوه بضعفة المؤمنين، كعمار وبلال وصهيب وغيرهم
.

ويرجح هذا
العموم، العموم الآخر الذي يقابله في قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ
وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ
ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ } [البروج: 11]، فهذا عام بلا خلاف في كل من اتصف
بهذه الصفات
.
ابن عاشور:
وقد عُدّ من الذين فتنوا المؤمنين أبو جهل رأسُ الفتنة ومِسْعَرها، وأميةُ بن خلف
وصفوانُ بن أمية، والأسودُ بن عبد يغوث، والوليدُ بن المغيرة، وأمُّ أنْمار، ورجل
من بني تَيْم. والمفتونون عد منهم بلالُ بن رباح كان عبداً لأمية بن خلف فكان
يعذبه، وأبو فُكيهة كان عبداً لصفوان بن أمية، وخَبَّابُ بن الأرتِّ كان عبداً
لأمّ أنمار، وعَمّار بن ياسر، وأبوه ياسِر، وأخوه عبد الله كانوا عبيداً لأبي
حذيفة بن المغيرة فوكَل بهم أبا جهل، وعامرُ بن فُهيرة كان عبداً لرجل من بني
تَيْم. والمؤمنات المفتونات منهنّ حَمَامَةُ أمُّ بلال أمَةُ أمية بن خلف.
وزِنِّيرَة، وأمُّ عنَيْس كانت أمة للأسود بن عبد يغوث والنهدية. وابنتها كانتا
للوليد بن المغيرة، ولطيفةُ، ولبينةُ بنت فهيرة كانت لعُمر بن الخطاب قبل أن يسلم
كان عمر يَضربها، وسُمية أمُّ عمار بن ياسر كانت لعمّ أبي جهل. وفُتِن ورجَع إلى
الشرك الحارثُ بن ربيعة بن الأسود، وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة، وعليُّ بن أمية
بن خلف، والعاصي بن المنبه بن الحجاج. وعَطفُ { المؤمنات } للتنويه بشأنهن لئلا
يظنّ أن هذه المزية خاصة بالرجال، ولزيادة تفظيع فعل الفاتنين بأنهم اعتدَوا على
النساء والشأن أن لا يتعرض لهن بالغلظة. وجملة { ثم لم يتوبوا } معترضة. و { ثُمّ
} فيها للتراخي الرتبي لأن الاستمرار على الكفر أعظم من فتنة المؤمنين. وفيه تعريض
للمشركين بأنهم إن تابوا وآمنوا سلِمُوا من عذاب جهنم. والفَتْن المعاملة بالشدة
والإِيقاع في العناء الذي لا يجد منه مخلصاً إلا بعناء أو ضرّ أخف أو حيلة، وتقدم
عند قوله تعالى
والفتنة أشد
من القتل
 } في سورة
البقرة 191
على أن الزج
بهم في عذاب جهنم قبل أن يذوقوا حريقها لما فيه من الخزي والدفع بهم في طريقهم قال
تعالى
يوم
يُدَعُّون إلى نار جهنم دعّاً
 } الطور 13 فحصل بذلك اختلاف مَّا بين
الجملتين. ويجوز أن يراد بالثاني مضاعفة العذاب لهم كقوله تعالى
الذين كفروا
وصدوا عن سبيل اللَّه زدناهم عذاباً فوق العذاب
 } النحل 88. ويجوز أن يراد بعذاب الحريق
حريق بغير جهنم وهو ما يضرم عليهم من نار تعذيب قبل يوم الحساب كما جاء في
الحديث 
"
القبر حفرة
من حفر جهنم أو روضة من رياض الجنة
رواه البيهقي في «سننه» عن ابن عمر.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire