jeudi 8 septembre 2016

الصّــــــــــدقة



الصّــــــــــدقة

الحمد لله البر الجواد الكريم، القابض الباسط الرحمن الرحيم، أحمده تعالى على فضله العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بصلة الأرحام، والصدقة على الفقراء والأيتام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: عباد الله اتّقوا حقّ التّقوى واعلموا أنّكم إليه تحشرون وعلى أعمالكم تحاسبون.
للم يبق من الأيام العشرة المباركة سوى يومين ويهلّ علينا العيد بأنواره ، وخيراته وبركاته، وليس لنا إلاّ أن نزيد من درجة الاستعداد، حتّى نقبل على العيد بحبّ وطواعيّة، نسأل الله أن يبلّغنا إيّاه، وأن يجعلنا فيه من المقبولين،فما هي أفضل الأعمال التي بها نزداد فيه قربا إلى الله تعالى؟ وكيف نؤهّل أنفسنا للعطاء من أجل الارتقاء بها أعلى درجات الاستعداد للإقبال على العيد؟
إنّها الصّدقة أيّها الأحبّة. فهي من أفضل أسباب الوقاية من النار ولو كانت باليسير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» متفق عليهوهي دليل على صدق إيمان العبد ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ"أي  برهان ودليل على إيمان العبد، لأن النفس مجبولة على حب المال، فإذا تغلب المسلم على نفسه، وأنفق في سبيل الله، كان ذلك برهان على أنه يقدم مرضاة الله وما يحبّه الله على ما تحبّه أنفسنا، وذلك دليل على الفوز والنّجاح لذلك يقول تعالى: " وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"التغابن/16
قال الحسن البصري رحمه الله: (إذا أردت أن تعلم من أين أصاب الرجل ماله فانظر فيما أنفقه، فإن الخبيث ينفق في السّرف)فهذا الكلام الدّقيق يدلّنا على دواعي الإنفاق في سبيل الله، وموانعه:فإذا كان المال مصدره حلال وكان من كدّ اليمين وعرق الجبين،سهل الإنفاق منه، وإذا كان مصدره حرام، امتنع صاحبه عن إنفاقه.وعلى المنفق أن يجتهد في وضع ماله في مكانه المناسب، حتّى يثمر بركة ونماء وأجرا لا يعلم مقداره إلاّ الله تعالى.كأن يمسح دموع مكروب، أو يدخل سرورا على فقير معدوم،أو يتيم فقد حنان والديه، أو غارم كبّلته الدّيون... لأنّه بذلك يرتقي إلى درجة الإحسان  ( وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)- [آل عمران/134]. 
عباد اللهإنّ من أهمّ مقاصد الصّدقة، تحقيق الوحدة بين المسلمين، من خلال ذلك التّواصل والتّعاون والتّآزر.يقول صلى الله عليه وسلم: «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى"لذلك فالأولى أن يقوم المتصدّق بإعطاء صدقته بنفسه، حتّى يعاين حال الفقير،وظروف إقامته، ونمط عيشه، وما يأكل أفراد عائلته وما يلبسون، وكيف ينامون، فيرقّ قلبه، ويطمئنّ إلى موضع ماله،وتتصافح الأيادي المتباعدة،وتتقارب الأرواح المتنافرة،وتتقلّص الفوارق الاجتماعيّة، وتتلاشى العداوة والكراهيّة ويحلّ محلّها الودّ والرّحمة والتّحابب، فقد جاء في
في الحديث القدسي: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ، يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي. قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي» رواه مسلم وغيره
فقد كان من الممكن أن يطعم الله الجوعان، ويكسي العريان، ويشفي المريض، ويغني الفقير ويرفع الكرب عن كلّ مكروب.... لكن أرادك الله أن تكون أنت سببا لذلك، وإلاّ لما كلّفك ولما أمرك ولما شجّعك بعظيم الأجر والجزاء... رغم علمك بأنّ المال الذي بين يديك هو مال الله، وإنّما يكون الانتفاع الحقيقيّ، بالتقرّب بهذا المال بما يرضي الله تعالى، ألا وهو الإنفاق في سبيله، والمسارعة إلى إرضائه قال تعالى:"آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ"الحديد/7
ولعلّ من أجلّ أنواع الصّدقات، إنظار المعسرين، والتّخفيف عنهم في سداد الدّين 
 قال تعالى: -(وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ*وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)-البقرة/280-281
كما أنّ إنفاق الطيّب من المال خير دليل على طهر النّفس ونقائها وحبّ الخير للغير قال تعالى:( أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)-البقرة/267 فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وما تصدق أحد بعدل تمرة من كسب طيب إلا أخذها الرحمن بيمينه فتربوا عنده حتى تكون أعظم من الجبل العظيموذكر صلى الله عليه وسلم«سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ -فعد منهم-"وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ"متفق عليه(وقال تعالى: "أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"التوبة/104

عباد الله بقدر ما أكّد الشّرع الحكيم على صدقات التطوّع بأنواعها،بقدرما أكّد على إخراج الزكاة والنفقة الواجبة، بل إنّها آكد وأفضل من صدقة التطوع لقوله تعالى:"خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا"التوبة/103
فهي مزكية للنفوس ومطهرة من الذنوب وفي الحديث القدسي قال الله تعالى: "وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه"
ومما افترض الله عليه الزكاة والنفقة الواجبة.
فهنيئا للذين ينفقون أموالهم في سبيل الله لا يريدون في ذلك إلا وجه الله، -(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)- [البقرة/261].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد: عباد اللهاتقوا الله تعالى، وأنفقوا مما رزقكم الله، واحذروا من البخل بما آتاكم الله فلقد ضرب الله تعالى في كتابه الكريم أبلغ المثل لحال الذين يكنزون الأموال ويبخلون بها، بقارون قال عز وجل: "إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ" القصص/76
فلما كفر النعمة ورفض الإحسان والشكر قال الله تعالى: "قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي"القصص/78خسف الله به وبداره الأرض " فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ"القصص/81" وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ"فصلت/16
وقال عز وجل: " وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ*يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ"التوبة/34-35
فلا تكونوا من الذين يكنزون الذّهب والفضّة ولا ينفقونها في سبيل الله بالصّدقة الواجبة التي لا تتعدّى ربع العشر ، مقدار زهيد يزكّي مالكم ويحفظه من التّلف والضّياع والسّرقة، ويدخل السّرور على قلوب المحتاجين والمساكين ويمنعهم من السّرقة والتسوّل.جعلني الله وإيّاكم من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، هذا وصلّوا وسلّموا على نبيّكم خير من صلّى وصام وقام وتصدّق ، كما ربّكم بذلك فقال: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"الأحزاب/56وأكثروا عليه من الصلاة يعظم لكم ربكم بها أجرا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحابك أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعدائك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واحمي حوزة الدين.
اللهم انصر دينك وانصر من نصر دينك واجعلنا من أنصار دينك يا رب العالمين.
اللهم فرج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولأولادنا ولأزواجنا. ولجميع المسلمين والمسلمات. والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم نور على أهل القبور من المسلمين والمسلمات قبورهم اللهم واغفر للأحياء ويسر لهم أمورهم.
عباد اللهإِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire