vendredi 3 juin 2016

تنزلات القرآن واعجازه خطبة ما قبل رمضان1437



تنزلات القرآن واعجازه خطبة ما قبل رمضان1437
الحمد للَّهِ الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبنور وجهه تشرق الظلمات ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أهل التقوى وأهل المغفرة ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اتقى الله فوقاه ، واعتصم به فكفاه ، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان
القرآن هو الكلام المعجز المنزّل على الرسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم المكتوب في المصاحف المنقول بالتواتر المتعبّد بتلاوته وهو كتاب هداية للأمة يفرق بين الحق والباطل

¨والأصوليون يطلقون القرآن على الكلّ وعلى أبعاضه ، فيقال لمن قرأ اللفظ المنزّل كلّه إنّه قرأ قرآنا ، كما يقال لمن قرأ بعض الآيات منه إنّه قرأ قرآنا
¨شرف الله القرآن بأن جعل له ثلاث تنزلات
¨ودليله قوله سبحانه "بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ
¨التنزل الثاني إلى بيت العزة في السماء الدنيا إنا أنزلناه في ليلة مباركة سورة الدخان وفي سورة القدر  إنا أنزلناه في ليلة القدر وفي سورة البقرة : شهر رمضان الذي أنزل فيع القرآن
¨التنزل الثالث بواسطة أمين الوحي جبريل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم : نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين
¨ليس لجبريل سوى ايحاؤه للرسول وليس للرسول سوى تبليغه : وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم
¨وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحي إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم
¨وقوله : ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين
¨وقد ثبت أنّ أوّل ما نزل على الإطلاق قوله تعالى " اقرأ باسم ربّك الذي خلق " إلى قوله تعالى " علّم الإنسان ما لم يعلم "
¨ واستمرّ نزول القرآن يتتابع إلى أن نزل قوله تعالى " واتّقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثمّ توفّى كلّ نفس ما كسبت وهم لا يظلمون "  وعاش النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعد نزولها تسع ليال ، ثمّ انتقل إلى الرفيق الأعلى 
¨ فكان نزول القرآن منجّما ومفرّقا على مدى أكثر من عشرين سنة ، وهي المدّة الفاصلة بين مبتدأ التنزيل ومختتمه ، وفي ذلك يقول الحقّ تبارك وتعالى " وقرآنا فرقناه ... " 
¨ ولتنجيم القرآن أسرار وحِكم كثيرة : منها ما صرّح بها القرآن ومنها ما نبّه إليها العلماء والمفسّرون 
¨فأمّا ما جاء في القرآن :
¨- 1 -  من ذلك قول الله جلّت حكمته : " وقال الذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلا "  فالله تعالى لم يُكذب الكفّار حين عابوا على الرسول الأكرم تنزّل القرآن مفرّقا ، وإنّما أجابهم ببيان الحكمة في نزوله على هذه الكيفيّة ، وهي تثبيت فؤاد الرسول صلّى الله عليه وسلّم على الحقّ وتقوية قلبه وشحذ عزيمته ، ذلك أنّ في تجدّد نزول الوحي على الرسول وتكرار تنزّله عليه تسلية لقلبه وتأييدا له للمضيّ قدما ، واستشعارا للعناية الإلهيّة المتواصلة
¨2 – ومن ذلك قوله تعالى مخاطبا رسوله الكريم"  لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا " وفي ذلك من التيسير على المسلمين في حفظه وتدبّر معانيه والنظر في أحكامه وحِكمه ممّا لا يخفى عن كلّ ذي عقل
¨وأمّا ما أشار إليه العلماء ، فمن ذلك :
¨- 3 - أنّ في نزول القرآن مفرّقا ما يساعد على تكرار التحدّي به وتحقيق الإعجاز ، فقد ثبت أنّ القرآن الكريم قد تحدّى العرب على مراحل متدرّجة ، تحدّاهم بأن يأتوا بمثل هذا القرآن ولو ساعد بعضهم بعضا
¨   فقال تعالى : " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا "  وقال أيضا : " فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين " 
¨ثمّ تحدّاهم بأن يأتوا بعشر سور مثله ، قال تعالى : " أم يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين "
¨   ثمّ تحدّاهم بأن يأتوا بسورة واحدة منه ، قال تعالى : " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين "
¨   فثبت بذلك الإعجاز وظهرت قدرة المعجز
¨- 4 – وفي نزول القرآن منجّما مسايرة للحوادث ومواكبة للوقائع المستجدّة ، فتكون الآيات المنزّلة أوقع في النفس وأبلغ
¨وربّما نزلت بضع آيات في غالب الأحيان كما في سورة اقرأ  ، فأوّل ما نزل منها مفتتح السورة إلى قوله تعالى " علّم الإنسان ما لم يعلم "  وكما في سورة الضحى ، فأوّل ما نزل منها مفتتح السورة إلى قوله تعالى " ولسوف يعطيك ربك فترضى "
¨     وربّما تنزل أحيانا سورة كاملة كما هو الحال بالنسبة لسورة المرسلات فعن عبد الله بن مسعود قال : كنّا مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في غار حراء فنزلت عليه والمرسلات عرفا فأخذتها من فيه وإنّ فاه رطب بها
¨     وكذلك بالنسبة لسورة الأنعام فعن عبد الله بن عباس قال : نزلت سورة الأنعام بمكّة ليلا جملة وحولها سبعون ألف ملك ، وعن ابن عمر قال : قال رسول الله نزلت عليّ سورة الأنعام جملة واحدة يشيّعها سبعون ألف ملك 
¨وكان كلّما نزل على رسول الله نجم من القرآن طلب إلى أصحابه أن يحفظوه ، فقد كان التعويل على الحفظ في الصدور في ذلك العصر يفوق التعويل على الحفظ بين السطور على عادة العرب يومئذ من جعل صدورهم أناجيلهم
¨ورغم بساطة وسائل الكتابة وأدواتها لديهم فإنّ ذلك لم يصرف بعض من كان يحسن الكتابة من الصحابة من تدوين آيات القرآن الكريم زيادة منهم في التوثّق والحفظ حتّى تظاهر الكتابة الحفظ ، ويعاضد ما دوّن بين السطور ما حصّل في الصدور
¨فكان لرسول الله كتّاب وحي يكتبون ما يملي عليهم من آيات الله ، يدوّنونها في العسب – جريدة النخل – واللخاف – حجارة بيض رقيقة – وفي الرقاع وقطع الأديم وعظام الأكتاف والأضلاع 
¨وكان هؤلاء الكتّاب من خيرة صحابة رسول الله ، ففيهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان وعليّ بن أبي طالب وخالد بن الوليد وأبيّ بن كعب وزيد بن ثابت
¨   وقد جمع القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الحفّاظ فضلا عن هؤلاء معاذ بن جبل وعبادة بن الصامت وأبو الدرداء وأبو أيّوب الأنصاري وغيرهم
¨ وكان جمع القرآن وترتيب آياته يتمّ حسب إرشاد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، وكان هذا الترتيب بتوقيف من جبريل عليه السلام
¨وقد توفّي الرسول صلّى الله عليه وسلّم والقرآن كلّه محفوظ في صدور الحفّاظ من الصحابة مدوّن بين السطور بما تيسّر من وسائل الكتابة آنذاك فبلغت سوره مائة وأربع عشرة سورة ، وبلغت آياته نحو ستّة آلاف ومائتين وستّا وثلاثين آية 
¨   وكان نزول القرآن قد انقسم إلى مدّتين متمايزتين ، مدّة مكّية ومدّة مدنيّة ، فما نزل قبل هجرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة المنوّرة اصطلح عليه بالقرآن المكّي ولو كان نزوله بغير مكّة ، وأمّا ما نزل بعد الهجرة فاصطلح عليه بالقرآن المدني ولو كان نزوله بمكّة
¨   وهذا التقسيم هو المشهور ، وقد اعتمده العلماء واشتهر بينهم 
خطبة 2الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم .
أيها الأخوة ؛ إنكم لن تبلغوا درجة التقوى و الاستنارة بنور الله إلا إذا اتصلتم به ، واستعذتم به واعتصمتم بحبله ، ولن يكون ذلك إلا بالاستقامة على أمره والعمل الصالح من أجله , ورمضان فرصة ذهبية لهذه الصلة.

لذلك .... عن أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام :" من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة بأن يدع طعامه وشرابه " صحيح عند ابن خزيمة
فمن أجل أن يكون صومكم طريقاً إلى التقوى يجب أن يكون صحيحاً و لا يصح بترك الطعام والشراب فحسب , لأن ترك الطعام والشراب فقط ليس بشيءً كما قال الرسول الأعظم صلوات الله عليه" : رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر "
فيا أيها الأخوة لا تجعلوا صيامكم جوعاً وعطشاً ، ولا تجعلوا قيامكم تعباً وسهراً ، لا تجعلوا صيامكم عادةً من عوائدكم تؤدّونها كل عام وأنتم ساهون لاهون ، لا تجعلوا صيامكم بعيداً عن أقوالكم وأفعالكم ، لا تجعلوا صيامكم حسرةً في قلوبكم يوم جمعكم .
لتصم أفواهكم عن الطعام والشراب ، ولتصم سائر جوارحكم عن المعاصي والشبهات
صونوا أعينكم عن النظر إلى المحرمات وتتبع العورات.
صونوا ألسنتكم عن لغو الحديث , وعن الغيبة والنميمة والبهتان.
صونوا آذانكم عن الاستماع إلى الملهيات.
صونوا أيديكم عن البطش والأذى.
صونوا أرجلكم عن السير إلى بؤر الشيطان .
صونوا قلوبكم عن كل خاطر تستحيون من الجهر به .
إذا صمتم هكذا كانت الصلوات الخمس ولاسيما صلاة التراويح مائدة ربانية إليها تجلسون ومن شهدها وثمارها تأكلون ،
نقرا الآية العظيمة الكريمة التي تختزل شهر الصّيام قراءة تدبّر من اجل العمل﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ البقرة الآية : 183
دعاء :اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ولا يقضى عليك ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارض عنا ، اللهم صن وجوهنا باليسار ولا تبذلها بالإقتار ، فنسأل شر خلقك ، ونبتلى بحمد من أعطى ، وذم من منع ، وأنت من فوقهم ولي العطاء ، وبيدك وحدك خزائن الأرض والسماء
. اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت ، واصرف عنا شر الأعمال لا يصرفها عنا إلا أنت .
والحمد لله رب العالمين





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire