http://youtu.be/S5ml4UGPQe0 فيديو الخطبة ألقيت يوم 14جوان2013
الخطبة الأولى
الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب
إليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا من
يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا وأشهد ألاّ إله
إلاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير،
وأشهد أنّ سيّدنا محمّدا عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحقّ وأيّده
بالمعجزات المبهرات منها معجزة الإسراء والمعراج دليل صدقه ونبوّته ليظهره على
الدّين كلّه وأصلّى وأسلّم على المبعوث رحمة للعالمين زكّاه الله وصلّى
عليه وحماه ورفعه إلى أعلى علّيين إلى سدرة المنتهى وجعله نبيّا لنا وشفيعا لنا
فصلّوا عليه وسلّموا تسليما وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدّين واتّقوا
الله واعلموا أنّكم إليه راجعون
{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } * { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } * { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } * { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } * { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ } * { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } *{ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } * { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } * { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } * { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } * { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } * { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } * { عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } * { إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } * { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } * { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ }
قَالَ فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ
جِبْرِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام قَالَ فَأَتَى عَلَى قَوْم يَزْرَعُونَ فِي يَوْم
وَيَحْصُدُونَ فِي يَوْم كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ فَقَالَ النَّبِيّ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا جِبْرِيل مَا هَذَا ؟ " قَالَ
هَؤُلَاءِ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه تُضَاعَف لَهُمْ الْحَسَنَة
بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْف وَمَا أَنْفَقُوا مِنْ شَيْء فَهُوَ يَخْلُفهُ وَهُوَ خَيْر
الرَّازِقِينَ
مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي
سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ
مِّئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْم تُرْضَخ
رُءُوسهمْ بِالصَّخْرِ كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ وَلَا يَفْتُر
عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْء فَقَالَ " مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل ؟ "
قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَتَثَاقَل رُءُوسهمْ عَنْ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة
فَإِذَا
قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ
جُنُوبِكُمْ فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ
كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً
ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْم عَلَى أَقْبَالهمْ
رِقَاع وَعَلَى أَدْبَارهمْ رِقَاع يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَح الْإِبِل وَالنَّعَم
وَيَأْكُلُونَ الضَّرِيع وَالزَّقُّوم وَرَضْف جَهَنَّم وَحِجَارَتهَا "
قَالَ فَمَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل ؟ " قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا
يُؤَدُّونَ صَدَقَات أَمْوَالهمْ وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّه تَعَالَى شَيْئًا وَمَا
اللَّه بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ
ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ
وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ
وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }
{ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ
بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ
لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }
ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْم بَيْن أَيْدِيهمْ لَحْم
نَضِيج فِي قِدْر وَلَحْم نِيء فِي قِدْر خَبِيث فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ
اللَّحْم النِّيء الْخَبِيث وَيَدَعُونَ النَّضِيج الطَّيِّب فَقَالَ " مَا
هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل ؟ " فَقَالَ هَذَا الرَّجُل مِنْ أُمَّتك تَكُون
عِنْده الْمَرْأَة الْحَلَال الطَّيِّبَة فَيَأْتِي اِمْرَأَة خَبِيثَة فَيَبِيت
عِنْدهَا حَتَّى يُصْبِح وَالْمَرْأَة تَقُوم مِنْ عِنْد زَوْجهَا حَلَالًا
طَيِّبًا فَتَأْتِي رَجُلًا خَبِيثًا فَتَبِيت مَعَهُ حَتَّى تُصْبِح
وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ
فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً
ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ
وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي
دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ
وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً
وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى
ٱلْمُؤْمِنِينَ
وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ
وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلاَ
يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً
يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ
يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ
وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ
يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي
مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ
رَّحِيمٌ
قَالَ ثُمَّ أَتَى عَلَى خَشَبَة عَلَى
الطَّرِيق لَا يَمُرّ بِهَا ثَوْب إِلَّا شَقَّتْهُ وَلَا شَيْء إِلَّا خَرَقَتْهُ
قَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيل ؟ قَالَ هَذَا مَثَل أَقْوَام مِنْ أُمَّتك
يَقْعُدُونَ عَلَى الطَّرِيق فَيَقْطَعُونَهَا ثُمَّ تَلَا " وَلَا تَقْعُدُوا
بِكُلِّ صِرَاط تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ " الْآيَة
إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوۤاْ أَوْ
يُصَلَّبُوۤاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ
يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي
ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
قَالَ ثُمَّ أَتَى عَلَى رَجُل
قَدْ جَمَعَ حُزْمَة عَظِيمَة لَا يَسْتَطِيع حَمْلهَا وَهُوَ يَزِيد عَلَيْهَا
فَقَالَ " مَا هَذَا يَا جِبْرِيل ؟ "
قَالَ هَذَا الرَّجُل مِنْ أُمَّتك
يَكُون عَلَيْهِ أَمَانَات النَّاس لَا يَقْدِر عَلَى أَدَائِهَا وَهُوَ يُرِيد
أَنْ يَحْمِل عَلَيْهَا
إِنَّ
ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا
حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا
يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً
ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْم تُقْرَض أَلْسِنَتهمْ
وَشِفَاههمْ بِمَقَارِيض مِنْ حَدِيد كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ لَا
يَفْتُر عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْء فَقَالَ " مَا هَذَا يَا جِبْرِيل ؟
" فَقَالَ هَؤُلَاءِ خُطَبَاء الْفِتْنَة
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ
وَيَكُونَ ٱلدِّينُ للَّهِ فَإِنِ ٱنْتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى
ٱلظَّالِمِينَ
وَٱقْتُلُوهُمْ
حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَٱلْفِتْنَةُ
أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ
حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَٱقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَآءُ
ٱلْكَافِرِينَ
وَٱتَّقُواْ
فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ
أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ
ثُمَّ أَتَى عَلَى حَجَر صَغِير يَخْرُج مِنْهُ
ثَوْر عَظِيم فَجَعَلَ الثَّوْر يُرِيد أَنْ يَرْجِع مِنْ حَيْثُ خَرَجَ فَلَا
يَسْتَطِيع فَقَالَ " مَا هَذَا يَا جِبْرِيل ؟ " فَقَالَ هَذَا
الرَّجُل يَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَة ثُمَّ يَنْدَم عَلَيْهَا فَلَا
يَسْتَطِيع أَنْ يَرُدّهَا
ويْلٌ
لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ
كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ
يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ
مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ
مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ
ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ
مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ
ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ
فَوَجَدَ رِيحًا طَيِّبَة بَارِدَة وَرِيح مِسْك وَسَمِعَ صَوْتًا فَقَالَ :
" يَا جِبْرِيل مَا هَذِهِ الرِّيح الطَّيِّبَة الْبَارِدَة وَمَا هَذَا
الْمِسْك وَمَا هَذَا الصَّوْت ؟ " قَالَ هَذَا صَوْت الْجَنَّة تَقُول يَا
رَبّ اِئْتِنِي بِمَا وَعَدْتنِي فَقَدْ كَثُرَتْ غُرَفِي وَإِسْتَبْرَقِي
وَحَرِيرِي وَسُنْدُسِي وَعَبْقَرِيِّي وَلُؤْلُؤِي وَمَرْجَانِي وَفِضَّتِي
وَذَهَبِي وَأَكْوَابِي وَصِحَافِي وَأَبَارِيقِي وَأَكْؤُسِي وَعَسَلِي وَمَائِي
وَلَبَنِي وَخَمْرِي فَائْتِنِي بِمَا وَعَدْتنِي فَقَالَ لَك كُلّ مُسْلِم
وَمُسْلِمَة وَمُؤْمِن وَمُؤْمِنَة وَمَنْ آمَنَ بِي وَبِرُسُلِي وَعَمِلَ
صَالِحًا وَلَمْ يُشْرِك بِي شَيْئًا وَلَمْ يَتَّخِذ مِنْ دُونِي أَنْدَادًا
وَمَنْ خَشِيَنِي فَهُوَ آمِن وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْته وَمَنْ أَقْرَضَنِي
جَزَيْته وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ كَفَيْته إِنِّي أَنَا اللَّه لَا إِلَه إِلَّا
أَنَا لَا أَخْلُف الْمِيعَاد وَقَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ وَتَبَارَكَ اللَّه
أَحْسَن الْخَالِقِينَ قَالَتْ قَدْ رَضِيت .
{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ
زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ
خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } * { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا
ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ }
قَالَ ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتًا
مُنْكَرًا وَوَجَدَ رِيحًا خَبِيثَة فَقَالَ : مَا هَذِهِ الرِّيح يَا
جِبْرِيل وَمَا هَذَا الصَّوْت ؟ " فَقَالَ هَذَا صَوْت جَهَنَّم تَقُول يَا
رَبّ اِئْتِنِي بِمَا وَعَدْتنِي فَقَدْ كَثُرَتْ سَلَاسِلِي وَأَغْلَالِي
وَسَعِيرِي وَحَمِيمِي وَضَرِيعِي وَغَسَّاقِي وَعَذَابِي وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي
وَاشْتَدَّ حَرِّي فَائْتِنِي بِمَا وَعَدْتنِي قَالَ لَك كُلّ مُشْرِك
وَمُشْرِكَة وَكَافِر وَكَافِرَة وَكُلّ خَبِيث وَخَبِيثَة وَكُلّ جَبَّار لَا
يُؤْمِن بِيَوْمِ الْحِسَاب قَالَتْ قَدْ رَضِيت
{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً
حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ
يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ
وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ
كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } { قِيلَ ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ
فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ }
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا
ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ
مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } * { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ
قَعِيدٌ } * {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } * { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْوَعِيدِ } * { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } * { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ
فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } * { وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } * { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ
ٱلشَّدِيدِ } * { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ
بَعِيدٍ } * { قَالَ لاَ
تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } * { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ }
فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَضَّلَنِي رَبِّي بِسِتٍّ : أَعْطَانِي
فَوَاتِح الْكَلَام وَخَوَاتِيمه وَجَوَامِع الْحَدِيث وَأَرْسَلَنِي إِلَى
النَّاس كَافَّة بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَقَذَفَ فِي قُلُوب أَعْدَائِي الرُّعْب
مِنْ مَسِيرَة شَهْر وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِم وَلَمْ تَحِلّ لِأَحَدٍ قَبْلِي
وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْض كُلّهَا طَهُورًا وَمَسْجِدًا قَالَ وَفَرَضَ عَلَيْهِ
خَمْسِينَ صَلَاة فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُوسَى قَالَ بِمَ أُمِرْت يَا مُحَمَّد
قَالَ بِخَمْسِينَ صَلَاة قَالَ اِرْجِعْ إِلَى رَبّك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف
فَإِنَّ أُمَّتك أَضْعَف الْأُمَم فَقَدْ لَقِيت مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل شِدَّة
قَالَ فَرَجَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَبّه عَزَّ
وَجَلَّ فَسَأَلَهُ التَّخْفِيف
حتى صارت خمس صلوات فَإِنَّهُمْ يَجْزِينَ عَنْك خَمْسِينَ صَلَاة
فَإِنَّ كُلّ حَسَنَة بِعَشْرِ أَمْثَالهَا قَالَ فَرَضِيَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلّ الرِّضَا
نسأل الله لنا ولكم العون
والقوة والرحمة والغفران، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، أبان الحجة وأوضح السبل وأرسل الرسل، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله أرسله إلى كافة الخلق بشيرًا ونذيرًا، فنصح الأمة وأرشدها وبلغ الرسالة
وعلَّمها، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، أيها المسلمون:
إن الصلاة صلة بين العبد وبين ربه، وهي ركن من أركان الإسلام، وعليها تنبني
ديانة المرء، فمن حفظها فقد حفظ دينه، ومن أضاعها فهو لما سواها أضيع، وبها يعرف
المطيع من العاصي، ويفرق بين الكافر والمسلم، لذلك قال صلوات الله وسلامه عليه: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها
فقد كفر».
وكان صلى الله عليه وسلم يرسل الجيوش للقتال، ويأمرهم أن يتبينوا من حال
الأعداء، فإذا سمعوهم يؤذنون تركوهم، وإن وجدوهم قد تركوا الصلاة قاتلوهم، ولذلك
قال ابن عباس رضي الله عنه: «آخر ما تفقدون من دينكم
الصلاة، وأي شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء».
إذا تقرر هذا؛ فاعلموا رحمكم الله أن الصلاة في الجماعة أفضل من صلاة الفذ
بسبع وعشرين درجة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يتفقد الناس في الصلاة؛ فإذا سلم
قال: أين فلان؟ وأين فلان؟، وقد قال ذات يوم: «لا يزال أناس يتأخرون حتى
يؤخرهم الله»، وقد تفقدهم ذات يوم فقام مغضبًا، وقال: «لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر رجلًا
فيؤم الناس، ثم أذهب إلى أُناس لا يشهدون الجماعة فَأُحَرِّق عليهم بيوتهم
وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم صريح في ذلك، وَهمُّهُ بأن يُحرِّق عليهم
بيوتهم لمجرد تخلفهم عن الجماعة مع أنهم مسلمين.
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنكم خير أمة أخرجت للناس؛ لأنكم تأمرون
بالمعروف وتنهون عن المنكر؛ وتقيمون الصلاة؛ وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين.
نعم أيها الإخوة:
الصلاة كبيرة إلا على الخاشعين، وهي امتحان يمتحن الله به عباده، ليعلم من
يطيعه ممن يطيع الشيطان، وهي صلة بين العبد وبين ربه، فبشرى للمصلين المخبتين،
وويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراءون ويمنعون الماعون.
فإن الله فرض الصلاة وجعلها في خمسة أوقات في اليوم والليلة، ووزعها وبين
أوقاتها، ولذلك فمن غيرها عن أوقاتها يعد متعديًا ظالمًا لنفسه باخسًا للصلاة، قال
عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر»، فيجب أن
تُصلى الصلوات في أوقاتها على الجماعة، ويجب على أئمة المساجد وهيئات الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر، وغيرهم ممن يهمهم أمر الإسلام والمسلمين أن يأمروا بالمعروف
وينهوا عن المنكر،
واعلموا أن الدين النصيحة، وأنه
يجب على كل فرد منا أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر على حد قول الرسول صلى الله
عليه وسلم:«من رأى منكم منكرًا
فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه»، فكل إنسان في وقتنا الحاضر يستطيع أن يغير ولو على
الأقل بلسانه.
واعلموا أنه يجب على الإنسان أن
يأمر بالصلاة كل من يقدر على أمره، فيأمر زوجته بالصلاة ويحضها بالرغبة أو
بالرهبة؛ ويأمر أبناءه وأسرته ومن يقدر عليه وإن لم يفعل ذلك عزر، قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ
عَلَيْهَا ﴾ [طه: ١٣٢]،
وينبغي أن يشنع بمن ترك الصلاة وينفر عنه، ولا يعد ذلك نميمة؛ لأنه تحذير للناس من
تركها.
فيا أيها المسلمون:إن من لم يحافظ على أركان
الإسلام وأهمها الصلاة فإنه في خطر، ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ
أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ﴾ [الإسراء: ٧٢].
واعلموا أن يد الله على الجماعة،
وأن من شذَّ شذَّ في النار، وأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن
أحسن الحديث كتاب الله، واسألوا الله أن يؤلف قلوب المسلمين، وأن يوحد كلمتهم، وأن
ينصرهم على أعدائهم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين،
اللهم وحد كلمتهم وقيادتهم، اللهم ابعث لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل
فيه أهل معصيتك.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات
والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم اشف مرضانا ومرضاهم، وفرج
كربهم، ويسر لهم أمورهم يارب العالمين، اللهم ولِّ علينا خيارنا، وكفّ عنَّا
شرارنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
فاذكروا الله التواب الرحيم يذكركم، واشكروه على فضله ومنّه وكرمه وجوده
وإحسانه يذكركم ويزيدكم، ولذكر الله أكبر، والله خبير بما تخفون وما تعلمون.