mercredi 27 février 2013
خطب الشيخ الناصر عزيز بجامع عمر بن الخطاب الساحلين : تفسير سورة المنافقون
خطب الشيخ الناصر عزيز بجامع عمر بن الخطاب الساحلين : تفسير سورة المنافقون: خطبة يوم الجمعة 1مارس 2013:تفسير سورة:" المنافقون" صفات المنافقين من خلال سورة "المنافقون" تقديم لسورة المنافقون ...
تفسير سورة المنافقون
خطبة يوم الجمعة 1مارس 2013:تفسير سورة:" المنافقون"
صفات المنافقين من خلال سورة "المنافقون"
تقديم لسورة المنافقون
هذه السورة التي تحمل هذا الاسم الخاص " المنافقون " الدال على موضوعها . . ليست هي السورة الوحيدة التي فيها ذكر النفاق والمنافقين , ووصف أحوالهم ومكائدهم . فلا تكاد تخلو سورة مدنية من ذكر المنافقين تلميحا أو تصريحا .
ولكن هذه السورة تكاد تكون مقصورة على الحديث عن المنافقين , والإشارة إلى بعض الحوادث والأقوال التي وقعت منهم ورويت عنهم .
وهي تتضمن حملة عنيفة على أخلاق المنافقين وأكاذيبهم ودسائسهم ومناوراتهم , وما في نفوسهم من البغض والكيد للمسلمين , ومن اللؤم والجبن وانطماس البصائر والقلوب .
سبب نزول السورة؟
﴿ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل في عبدالله بن أبي بن سلول:
وفصل ابن إسحاق هذا في حديثه عن غزوة بني المصطلق سنة ست على المريسيع .
. . ماء لهم . . فبينا رسول الله [ ص ] على ذلك الماء - بعد الغزوة -ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار يقال له:جهجاه بن مسعود يقود فرسه , فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهني حليف بني عون ابن الخزرج على الماء , فاقتتلا , فصرخ الجهني:يا معشر الأنصار . وصرخ جهجاه . يا معشر المهاجرين .
فغضب عبدالله بن أبي بن سلول , وعنده رهط من قومه , فيهم زيد بن أرقم غلام حدث . فقال:
أوقد فعلوها ? قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا . سمن كلبك يأكلك ! أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .
ثم أقبل على من حضره من قومه فقال لهم:هذا ما فعلتم بأنفسكم:أحللتموهم بلادكم , وقاسمتموهم أموالكم , أما والله لو أمسكتم عنهم بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم .
فسمع ذلك زيد بن أرقم . فمشى به إلى رسول الله [ ص ] وذلك عند فراغ رسول الله [ ص ] من عدوه , فأخبره الخبر , وعنده عمر بن الخطاب .
فقال:مر به عباد بن بشر فليقتله .
فقال رسول الله [ ص ]:" فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ? لا ولكن أذن بالرحيل " . وذلك في ساعة لم يكن رسول الله [ ص ] يرتحل فيها .
فارتحل الناس , وقد مشى عبدالله بن أبي بن سلول إلى رسول الله [ ص ] حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلغه ما سمع منه - فحلف بالله ما قلت ما قال ولا تكلمت به . وكان في قومه شريفا عظيما . فقال من حضر رسول الله [ ص ] من الأنصار من أصحابه:
يا رسول الله عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل . حدبا على ابن أبي بن سلول ودفعا عنه .
قال ابن إسحاق فلما استقل رسول الله [ ص ] وسار لقيه أسيد بن حضير , فحياه بتحية النبوة وسلم عليه , ثم قال:
يا نبي الله , والله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح في مثلها .
فقال له رسول الله [ ص ]:" أو ما بلغك ما قال صاحبكم ? "
قال:وأي صاحب يا رسول الله ?
قال " عبدالله بن أبي "
قال:وما قال ?
قال:" زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعز منها الأذل ? "
قال:فأنت يا رسول الله والله لتخرجنه منها إن شئت . هو والله الذليل وأنت العزيز . ثم قال:يا رسول الله ارفق به . فوالله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه , فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا !
ثم مشى رسول الله [ ص ] بالناس يومهم ذلك حتى أمسى , وليلتهم حتى أصبح , وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس . ثم نزل بالناس , فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض فوقعوا نياما , وإنما فعل ذلك رسول الله [ ص ] ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبدالله ابن أبي .
قال ابن إسحاق:ونزلت السورة التي ذكر الله فيها المنافقين , في ابن أبي ومن كان على مثل أمره . فلما نزلت أخذ رسول الله [ ص ] بأذن زيد بن ارقم , ثم قال:
" هذا الذي أوفى لله بأذنه " . .
وبلغ عبدالله بن عبدالله بن أبي الذي كان من أمر أبيه .
قال ابن إسحاق . فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عبدالله أتى رسول الله [ ص ] فقال
:يا رسول الله , إنه بلغني أنك تريد قتل عبدالله بن أبي فيما بلغك عنه . فإن كنت لا بد فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه , فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني , وإني أخشى أن تأمر غيري فيقتله , فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبدالله بن أبي يمشي في الناس , فأقتله , فأقتل مؤمنا بكافر , فأدخل النار .
فقال رسول الله [ ص ]:" بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا " .
وذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة وقف عبدالله بن عبدالله بن أبي على باب المدينة , واستل سيفه , فجعل الناس يمرون عليه , فلما جاء أبوه عبدالله بن أبي قال له ابنه:
وراءك !
فقال:مالك ? ويلك !
فقال:والله لا تجوز من ها هنا حتى يأذن لك رسول الله [ ص ] فإنه العزيز وأنت الذليل !
فلما جاء رسول الله [ ص ] وكان إنما يسير ساقة , فشكا إليه عبدالله بن أبي ابنه . فقال ابنه عبدالله:والله يا رسول الله لا يدخلها حتى تأذن له . فأذن له رسول الله [ ص ] فقال:أما إذ أذن لك رسول الله [ ص ] فجز الآن . .
"وعلة ظهور حركة النفاق في المدينة واضحة , فالنبي [ ص ] والمسلمون الأولون في مكة لم يكونوا من القوة والنفوذ في حالة تستدعي وجود فئة من الناس ترهبهم أو ترجو خيرهم , فتتملقهم وتتزلف إليهم في الظاهر , وتتآمر عليهم وتكيد لهم وتمكر بهم في الخفاء , كما كان شأن المنافقين بوجه عام . ولقد كان أهل مكة وزعماؤها خاصة يناوئون النبي جهارا , ويتناولون من استطاعوا من المسلمين بالأذى الشديد , ويقاومون الدعوة بكل وسيلة دون ما تحرز أو تحفظ ; وكانت القوة لهم حتى اضطر المسلمون إلى الهجرة فرارا بدينهم ودمهم إلى الحبشة أولا , ثم إلى يثرب "أما في المدينة فقد كان الأمر مختلفا جدا . فالنبي [ ص ] استطاع قبل أن يهاجر إليها أن يكسب أنصارا أقوياء من الأوس والخزرج ; ولم يهاجر إلا بعد أن استوثق من موقفه , ولم يبق تقريبا بيت عربي فيها لم يدخله الإسلام . ففي هذه الحالة لم يكن من الهين أن يقف الذين لم يؤمنوا به - إما عن جهالة وغباء , وإما عن غيظ وحقد وعناد , لأنهم رأوا في قدوم النبي حدا لنفوذهم وسلطانهم - موقف الجحود والعداء العلني للنبي والمسلمين من المهاجرين والأنصار ;
فلم يكن يسع الذين ظلت تغلبهم نزعة الشرك , ويتحكم فيهم مرض القلب والمكابرة والحقد , ويحملهم ذلك على عداوة النبي [ ص ] ودعوته ونفوذه - أن يظهروا علنا في نزعتهم وعدائهم , ولم يكن أمامهم إلا التظاهر بالإسلام , والقيام بأركانه , والتضامن مع قبائلهم . وجعل مكرهم وكيدهم ودسهم ومؤامراتهم بأسلوب المراوغة والخداع والتمويه , وإذا كانوا وقفوا أحيانا مواقف علنية فيها كيد ودس , وعليها طابع من النفاق بارز , فإنما كان هذا منهم في بعض الظروف والأزمات الحادة التي كانت تحدق بالنبي والمسلمين , والتي كانوا يتخذونها حجة لتلك المواقف بداعي المصلحة والمنطق والاحتياط ;
غير أن نفاقهم وكفرهم ومواقفهم في الكيد والدس والتآمر لم تكن لتخفى على النبي [ ص ] والمخلصين من أصحابه من المهاجرين والأنصار , كما أن المواقف العلنية التي كانوا يقفونها في فرص الأزمات كانت مما تزيد كفرهم ونفاقهم فضيحة ومقتا . وقد كانت الآيات القرآنية توجه إليهم كذلك الفضائح المرة بعد المرة , وتدل عليهم بما يفعلون أو يمكرون , وتدمغهم بشرورهم وخبثهم ومكايدهم , وتحذر النبي [ ص ] والمسلمين منهم في كل ظرف ومناسبة .
تحالف المنافقين مع اليهود
ولم يلبث أن انعقد بين اليهود وبين المنافقين حلف طبيعي على توحيد المسعى , والتضامن في موقف المعارضة والكيد , حتى ليمكن القول:إن المنافقين لم يقووا ويثبتوا ويكن منهم ذلك الأذى الشديد والاستمرار في الكيد والدس إلا بسبب ما لقوه من اليهود من تعضيد , وما انعقد بينهم من تضامن وتواثق , ولم يضعف شأنهم ويخف خطرهم إلا بعد أن مكن الله للنبي من هؤلاء وأظهره عليهم , وكفاه شرهم
ما معنى النفاق و من هو المنافق؟
معنى النفاق في اللغة العربية:
النفاقُ في اللغة العربية، مأخوذٌ من "النَّافِقاء"، و النَّافِقاءُ هو المَخْرجُ المستورُ لِجُحْر اليربوع، حيث أنَّ لجُحْرِهِ مَخرجان، مَخْرجٌ ظاهرٌ يُسمّى "الْقاصعاء"، و مخرجٌ آخر غيرُ ظاهر مستور بالتراب يُسمّى "النَّافِقاء"، و هذا المخرج يستخدمه اليربوع في الحالات الطارئة للهروب من المهاجمين، و لدى استخدامه لهذا المخرج يقال : "نافق اليربوع"، أي استخدم النَّافِقاء.
معنى النفاق في المصطلح الإسلامي:
و أما النفاق في المصطلح الإسلامي فَيُطلقُ على إظهار الإسلام قولاً و عملاً، و إضمار الكفر، و مَنْ يكون هذا حاله يُقالُ له "منافق".
و المنافق رأسماله الكذب و الخديعة، فيتظاهر بالإيمان و العمل الصالح، ليتستَّر بالإسلام على كفره ليأمن من بطش المسلمين، و ليدفع الخطر عن نفسه، و يكون المنافق في الغالب مرتبكاً و خائفاً من الفضيحة.
موقف القرآن الكريم من النفاق و المنافقين:
نظراً لخطورة النفاق و المنافقين فلقد ذمَّ اللهُ المنافقين و بيَّن خططهم و أساليبهم و أهدافهم و توعدهم بالخزي و الفضيحة و العذاب الأليم في آيات كثيرة من القرآن الكريم، كما و خصص الله عَزَّ و جَلَّ سورة كاملة من سُور القرآن بالمنافقين لتحذير المؤمنين منهم، و السورة هي سورة "المنافقون "
صفات المنافقين في القرآن الكريم:
هنا ينبغي الإشارة إلى أبرز صفات المنافقين كما جاءت في القرآن الكريم بصورة سريعة:
1 - الخداع: قال الله تعالى و هو يذكر بعض صفاتهم: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ 1.
2 - الكذب: قال عزَّ مِنْ قائل: ﴿ إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾2.
3 - التظاهر بالايمان: قال جلَّ جلاله : ﴿ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
4 - الخوف و القلق الدائم من الفضيحة: قال سبحانه و تعالى : ﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ﴾ 4، و قال سبحانه و تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ 5.
5 - الاستكبار: قال الله عزَّ وَ جلَّ: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ ﴾
6 - الصَّد عن سبيل الله و الإيمان به و بالرسول ( صلى الله عليه و آله ): قال جلَّ جلاله: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ﴾
7 - التكاسل في أداء الواجبات، و الرياء حين أدائها: قال عزَّ مِنْ قائل: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ 1.
8 - عدم الاستقرار و الثبات في المواقف و القرارات: قال الله تعالى: ﴿ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ﴾
9 - الأمر بالمنكر و النهي عن المعروف و المنع منه: قال سبحانه و تعالى: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
10 - الحلف كذباً بالله: قال الله عزَّ مِنْ قائل: ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾
11 - محاولة قطع الموارد المالية عن المؤمنين و التضييق عليهم اقتصادياً حتى يَدَعوا طريق الحق و الالتفاف حول المحور الحق: قال الله تعالى: ﴿ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ﴾
12 - الجهل و عدم الفهم: قال الله سبحانه: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾
. قصة مسجد الضرار وردت في القرآن الكريم ، في سورة التوبة ، الآية/107-108 ، حيث يقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ )
كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وهم أناس من الأنصار ، ابتنوا مسجدًا ، فقال لهم أبو عامر : ابنوا مسجدًا واستعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح ، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم ، فآتي بجند من الروم وأخرج محمدًا وأصحابه . فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : قد فرغنا من بناء مسجدنا ، فنحب أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة . فأنزل الله عز وجل : ( لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ) إلى ( وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )
13 - التحاكم إلى الطاغوت بدل الكفر به: قال عزَّ مِنْ قائل: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا ﴾
14 - حالة التذبذب و عدم الاسقرار: قال عَزَّ و جَلَّ: ﴿ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ﴾
مصير المنافقين:
لقد صرح القرآن الكريم في آيات كثيرة أن المنافقين نتيجة لنواياهم الفاسدة و أعمالهم المنحرفة ملعونون و مطرودون من رحمة الله و هم في الدرك الاسفل من نار جهنم يعذبون بصورة دائمة، قال عَزَّ و جَلَّ: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ ، و قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ ، و قال سبحانه:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾
صفات المنافقين من خلال سورة "المنافقون"
تقديم لسورة المنافقون
هذه السورة التي تحمل هذا الاسم الخاص " المنافقون " الدال على موضوعها . . ليست هي السورة الوحيدة التي فيها ذكر النفاق والمنافقين , ووصف أحوالهم ومكائدهم . فلا تكاد تخلو سورة مدنية من ذكر المنافقين تلميحا أو تصريحا .
ولكن هذه السورة تكاد تكون مقصورة على الحديث عن المنافقين , والإشارة إلى بعض الحوادث والأقوال التي وقعت منهم ورويت عنهم .
وهي تتضمن حملة عنيفة على أخلاق المنافقين وأكاذيبهم ودسائسهم ومناوراتهم , وما في نفوسهم من البغض والكيد للمسلمين , ومن اللؤم والجبن وانطماس البصائر والقلوب .
سبب نزول السورة؟
﴿ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل في عبدالله بن أبي بن سلول:
وفصل ابن إسحاق هذا في حديثه عن غزوة بني المصطلق سنة ست على المريسيع .
. . ماء لهم . . فبينا رسول الله [ ص ] على ذلك الماء - بعد الغزوة -ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار يقال له:جهجاه بن مسعود يقود فرسه , فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهني حليف بني عون ابن الخزرج على الماء , فاقتتلا , فصرخ الجهني:يا معشر الأنصار . وصرخ جهجاه . يا معشر المهاجرين .
فغضب عبدالله بن أبي بن سلول , وعنده رهط من قومه , فيهم زيد بن أرقم غلام حدث . فقال:
أوقد فعلوها ? قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا . سمن كلبك يأكلك ! أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .
ثم أقبل على من حضره من قومه فقال لهم:هذا ما فعلتم بأنفسكم:أحللتموهم بلادكم , وقاسمتموهم أموالكم , أما والله لو أمسكتم عنهم بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم .
فسمع ذلك زيد بن أرقم . فمشى به إلى رسول الله [ ص ] وذلك عند فراغ رسول الله [ ص ] من عدوه , فأخبره الخبر , وعنده عمر بن الخطاب .
فقال:مر به عباد بن بشر فليقتله .
فقال رسول الله [ ص ]:" فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ? لا ولكن أذن بالرحيل " . وذلك في ساعة لم يكن رسول الله [ ص ] يرتحل فيها .
فارتحل الناس , وقد مشى عبدالله بن أبي بن سلول إلى رسول الله [ ص ] حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلغه ما سمع منه - فحلف بالله ما قلت ما قال ولا تكلمت به . وكان في قومه شريفا عظيما . فقال من حضر رسول الله [ ص ] من الأنصار من أصحابه:
يا رسول الله عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل . حدبا على ابن أبي بن سلول ودفعا عنه .
قال ابن إسحاق فلما استقل رسول الله [ ص ] وسار لقيه أسيد بن حضير , فحياه بتحية النبوة وسلم عليه , ثم قال:
يا نبي الله , والله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح في مثلها .
فقال له رسول الله [ ص ]:" أو ما بلغك ما قال صاحبكم ? "
قال:وأي صاحب يا رسول الله ?
قال " عبدالله بن أبي "
قال:وما قال ?
قال:" زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعز منها الأذل ? "
قال:فأنت يا رسول الله والله لتخرجنه منها إن شئت . هو والله الذليل وأنت العزيز . ثم قال:يا رسول الله ارفق به . فوالله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه , فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا !
ثم مشى رسول الله [ ص ] بالناس يومهم ذلك حتى أمسى , وليلتهم حتى أصبح , وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس . ثم نزل بالناس , فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض فوقعوا نياما , وإنما فعل ذلك رسول الله [ ص ] ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبدالله ابن أبي .
قال ابن إسحاق:ونزلت السورة التي ذكر الله فيها المنافقين , في ابن أبي ومن كان على مثل أمره . فلما نزلت أخذ رسول الله [ ص ] بأذن زيد بن ارقم , ثم قال:
" هذا الذي أوفى لله بأذنه " . .
وبلغ عبدالله بن عبدالله بن أبي الذي كان من أمر أبيه .
قال ابن إسحاق . فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عبدالله أتى رسول الله [ ص ] فقال
:يا رسول الله , إنه بلغني أنك تريد قتل عبدالله بن أبي فيما بلغك عنه . فإن كنت لا بد فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه , فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني , وإني أخشى أن تأمر غيري فيقتله , فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبدالله بن أبي يمشي في الناس , فأقتله , فأقتل مؤمنا بكافر , فأدخل النار .
فقال رسول الله [ ص ]:" بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا " .
وذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة وقف عبدالله بن عبدالله بن أبي على باب المدينة , واستل سيفه , فجعل الناس يمرون عليه , فلما جاء أبوه عبدالله بن أبي قال له ابنه:
وراءك !
فقال:مالك ? ويلك !
فقال:والله لا تجوز من ها هنا حتى يأذن لك رسول الله [ ص ] فإنه العزيز وأنت الذليل !
فلما جاء رسول الله [ ص ] وكان إنما يسير ساقة , فشكا إليه عبدالله بن أبي ابنه . فقال ابنه عبدالله:والله يا رسول الله لا يدخلها حتى تأذن له . فأذن له رسول الله [ ص ] فقال:أما إذ أذن لك رسول الله [ ص ] فجز الآن . .
"وعلة ظهور حركة النفاق في المدينة واضحة , فالنبي [ ص ] والمسلمون الأولون في مكة لم يكونوا من القوة والنفوذ في حالة تستدعي وجود فئة من الناس ترهبهم أو ترجو خيرهم , فتتملقهم وتتزلف إليهم في الظاهر , وتتآمر عليهم وتكيد لهم وتمكر بهم في الخفاء , كما كان شأن المنافقين بوجه عام . ولقد كان أهل مكة وزعماؤها خاصة يناوئون النبي جهارا , ويتناولون من استطاعوا من المسلمين بالأذى الشديد , ويقاومون الدعوة بكل وسيلة دون ما تحرز أو تحفظ ; وكانت القوة لهم حتى اضطر المسلمون إلى الهجرة فرارا بدينهم ودمهم إلى الحبشة أولا , ثم إلى يثرب "أما في المدينة فقد كان الأمر مختلفا جدا . فالنبي [ ص ] استطاع قبل أن يهاجر إليها أن يكسب أنصارا أقوياء من الأوس والخزرج ; ولم يهاجر إلا بعد أن استوثق من موقفه , ولم يبق تقريبا بيت عربي فيها لم يدخله الإسلام . ففي هذه الحالة لم يكن من الهين أن يقف الذين لم يؤمنوا به - إما عن جهالة وغباء , وإما عن غيظ وحقد وعناد , لأنهم رأوا في قدوم النبي حدا لنفوذهم وسلطانهم - موقف الجحود والعداء العلني للنبي والمسلمين من المهاجرين والأنصار ;
فلم يكن يسع الذين ظلت تغلبهم نزعة الشرك , ويتحكم فيهم مرض القلب والمكابرة والحقد , ويحملهم ذلك على عداوة النبي [ ص ] ودعوته ونفوذه - أن يظهروا علنا في نزعتهم وعدائهم , ولم يكن أمامهم إلا التظاهر بالإسلام , والقيام بأركانه , والتضامن مع قبائلهم . وجعل مكرهم وكيدهم ودسهم ومؤامراتهم بأسلوب المراوغة والخداع والتمويه , وإذا كانوا وقفوا أحيانا مواقف علنية فيها كيد ودس , وعليها طابع من النفاق بارز , فإنما كان هذا منهم في بعض الظروف والأزمات الحادة التي كانت تحدق بالنبي والمسلمين , والتي كانوا يتخذونها حجة لتلك المواقف بداعي المصلحة والمنطق والاحتياط ;
غير أن نفاقهم وكفرهم ومواقفهم في الكيد والدس والتآمر لم تكن لتخفى على النبي [ ص ] والمخلصين من أصحابه من المهاجرين والأنصار , كما أن المواقف العلنية التي كانوا يقفونها في فرص الأزمات كانت مما تزيد كفرهم ونفاقهم فضيحة ومقتا . وقد كانت الآيات القرآنية توجه إليهم كذلك الفضائح المرة بعد المرة , وتدل عليهم بما يفعلون أو يمكرون , وتدمغهم بشرورهم وخبثهم ومكايدهم , وتحذر النبي [ ص ] والمسلمين منهم في كل ظرف ومناسبة .
تحالف المنافقين مع اليهود
ولم يلبث أن انعقد بين اليهود وبين المنافقين حلف طبيعي على توحيد المسعى , والتضامن في موقف المعارضة والكيد , حتى ليمكن القول:إن المنافقين لم يقووا ويثبتوا ويكن منهم ذلك الأذى الشديد والاستمرار في الكيد والدس إلا بسبب ما لقوه من اليهود من تعضيد , وما انعقد بينهم من تضامن وتواثق , ولم يضعف شأنهم ويخف خطرهم إلا بعد أن مكن الله للنبي من هؤلاء وأظهره عليهم , وكفاه شرهم
ما معنى النفاق و من هو المنافق؟
معنى النفاق في اللغة العربية:
النفاقُ في اللغة العربية، مأخوذٌ من "النَّافِقاء"، و النَّافِقاءُ هو المَخْرجُ المستورُ لِجُحْر اليربوع، حيث أنَّ لجُحْرِهِ مَخرجان، مَخْرجٌ ظاهرٌ يُسمّى "الْقاصعاء"، و مخرجٌ آخر غيرُ ظاهر مستور بالتراب يُسمّى "النَّافِقاء"، و هذا المخرج يستخدمه اليربوع في الحالات الطارئة للهروب من المهاجمين، و لدى استخدامه لهذا المخرج يقال : "نافق اليربوع"، أي استخدم النَّافِقاء.
معنى النفاق في المصطلح الإسلامي:
و أما النفاق في المصطلح الإسلامي فَيُطلقُ على إظهار الإسلام قولاً و عملاً، و إضمار الكفر، و مَنْ يكون هذا حاله يُقالُ له "منافق".
و المنافق رأسماله الكذب و الخديعة، فيتظاهر بالإيمان و العمل الصالح، ليتستَّر بالإسلام على كفره ليأمن من بطش المسلمين، و ليدفع الخطر عن نفسه، و يكون المنافق في الغالب مرتبكاً و خائفاً من الفضيحة.
موقف القرآن الكريم من النفاق و المنافقين:
نظراً لخطورة النفاق و المنافقين فلقد ذمَّ اللهُ المنافقين و بيَّن خططهم و أساليبهم و أهدافهم و توعدهم بالخزي و الفضيحة و العذاب الأليم في آيات كثيرة من القرآن الكريم، كما و خصص الله عَزَّ و جَلَّ سورة كاملة من سُور القرآن بالمنافقين لتحذير المؤمنين منهم، و السورة هي سورة "المنافقون "
صفات المنافقين في القرآن الكريم:
هنا ينبغي الإشارة إلى أبرز صفات المنافقين كما جاءت في القرآن الكريم بصورة سريعة:
1 - الخداع: قال الله تعالى و هو يذكر بعض صفاتهم: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ 1.
2 - الكذب: قال عزَّ مِنْ قائل: ﴿ إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾2.
3 - التظاهر بالايمان: قال جلَّ جلاله : ﴿ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
4 - الخوف و القلق الدائم من الفضيحة: قال سبحانه و تعالى : ﴿ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ﴾ 4، و قال سبحانه و تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾ 5.
5 - الاستكبار: قال الله عزَّ وَ جلَّ: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ ﴾
6 - الصَّد عن سبيل الله و الإيمان به و بالرسول ( صلى الله عليه و آله ): قال جلَّ جلاله: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ﴾
7 - التكاسل في أداء الواجبات، و الرياء حين أدائها: قال عزَّ مِنْ قائل: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ 1.
8 - عدم الاستقرار و الثبات في المواقف و القرارات: قال الله تعالى: ﴿ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ﴾
9 - الأمر بالمنكر و النهي عن المعروف و المنع منه: قال سبحانه و تعالى: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
10 - الحلف كذباً بالله: قال الله عزَّ مِنْ قائل: ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾
11 - محاولة قطع الموارد المالية عن المؤمنين و التضييق عليهم اقتصادياً حتى يَدَعوا طريق الحق و الالتفاف حول المحور الحق: قال الله تعالى: ﴿ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ﴾
12 - الجهل و عدم الفهم: قال الله سبحانه: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾
. قصة مسجد الضرار وردت في القرآن الكريم ، في سورة التوبة ، الآية/107-108 ، حيث يقول الله تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ . لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ )
كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وهم أناس من الأنصار ، ابتنوا مسجدًا ، فقال لهم أبو عامر : ابنوا مسجدًا واستعدوا بما استطعتم من قوة ومن سلاح ، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم ، فآتي بجند من الروم وأخرج محمدًا وأصحابه . فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : قد فرغنا من بناء مسجدنا ، فنحب أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة . فأنزل الله عز وجل : ( لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ) إلى ( وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )
13 - التحاكم إلى الطاغوت بدل الكفر به: قال عزَّ مِنْ قائل: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا ﴾
14 - حالة التذبذب و عدم الاسقرار: قال عَزَّ و جَلَّ: ﴿ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ﴾
مصير المنافقين:
لقد صرح القرآن الكريم في آيات كثيرة أن المنافقين نتيجة لنواياهم الفاسدة و أعمالهم المنحرفة ملعونون و مطرودون من رحمة الله و هم في الدرك الاسفل من نار جهنم يعذبون بصورة دائمة، قال عَزَّ و جَلَّ: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ ، و قال تعالى: ﴿ وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ ، و قال سبحانه:﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾
vendredi 22 février 2013
أهمية الصلح بين الزوجين وأثره في استقرار العائلة
خطبة يوم الجمعة 22فيفري 2013 أهمية الصلح بين الزوجين وأثره الايجابي في استقرار العائلة
نماذج من الصلح بين الزوجين في صدر الاسلام
نماذج من الصلح بين الزوجين في صدر الاسلام
للاستماع للخطبة :
mercredi 13 février 2013
والصلح خير
محاضرة حول الصلح وأهميته بين المسلمين بالساحلين جامع السوق 15فيفري2013
إصلاح ذات البين
التآلف والاجتماع من مقاصد الشريعة
اصلاح ذات البين والاصلاح بين الناس محاضرة بجامع السوق بالساحلين http://youtu.be/9Nw34hY2rMA
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].أما بعـد:فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار
إصلاح ذات البين
التآلف والاجتماع من مقاصد الشريعة
اصلاح ذات البين والاصلاح بين الناس محاضرة بجامع السوق بالساحلين http://youtu.be/9Nw34hY2rMA
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].أما بعـد:فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار
إصلاح ذات
البين من العبادات الجليلة
التي رغب عنها
الكثير من الناس،
مع ما فيها
من الأجر الجزيل
والخير العميم؛ فإن
من مقاصد التشريع
تحقيق المودة والألفة
بين الناس، وقد
أخبر المصطفى صلى
الله عليه وسلم
أن إصلاح ذات
البين أعلى درجة
من الصلاة والصيام
والصدقة.وقد كثرت
النزاعات على مستوى
المجتمع بين عامة
الناس وعلى مستوى
الزوجين، ومما يمكن
أن يساعد في
تقليل الخلاف ورأب
الصدع إحياء هذه
العبادة الجليلة.
هذا
العمل الجليل ما مدى أهميته لديك أخي القارئ ؟ هل تدرك فائدته ومميزاته في حل
الخلافات ؟ وهل تحرص عليه في حل مشاكلك أم تبادر إلى المحاكم والقضاء في أي خصومة ؟
وهل تدرك ضرر رفع القضايا إلى المحاكم خاصة إذا كانت بين ذوي قربى أو ذوي هيئات من
الناس ؟ وهل تراعي حق القرابة والجوار فتسعى أولا إلى الصلح ؟وهل تبادر إلى التدخل والإصلاح بين الناس إذا ما علمت
بخصومة بينهم أم تتركهم لأهل الشر والإفساد والنميمة ؟وهل تشجع الناس عند حضور
الخصومة إلى التصالح والوفاق ؟وهل تدرك كيفية الإصلاح بين المتخاصمين بالعدل ؟ وهل
تراعي قواعد وآداب الإصلاح بين الناس؟ وهل تعرف أساليب وطرق ومهارات السعي
بالإصلاح ؟
.عباد الله: إن الشريعة
قد رغبت في
جمع القلوب والإصلاح بين
الناس وأن يكون
أمر المسلمين مجتمعاً، ولذلك
جعلت الأخوة أمراً
مرغوباً فيه، مثاباً
عليه لمن قام
بحقه، وكذلك دعت
إلى رفع ضده
ومقاومة كل ما
يشينه، ولذلك ترى
الشريعة قد أمرت
بإفشاء السلام، وإجابة
الدعوة، وعيادة المريض،
وكل ما من
شأنه أن يقرب
بين المسلمين، ونهت
عن الكذب والنميمة والغيبة، وعن
الهمز واللمز والسخرية، وعن
كل ما من
شأنه أن يسيء
العلاقة ويقطع المودة
بين المسلمين، ومن
الإجراءات التي جاءت
الشريعة بها لأجل
الحفاظ على العلاقات بين
المسلمين إصلاح ذات
البين
· قال تعالى : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا
عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ
فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ
أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) . [الحجرات: 9]
.
· وقال تعالى : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا
من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف
نؤتيه أجراً عظيماً).[النساء: 114]
· قال تعالى : ( والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة
إنا لا نضيع أجر المصلحين ) .[الأعراف: 170] .
· وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ألا أخبركم
بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا بلى ، قال : إصلاح ذات البين فإن
فساد ذات البين هي الحالقة ) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح ، وللترمذي ( لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ) .
· وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله
يحب سمح البيع ، سمح الشـراء ، سمح القضـاء ) .
· والمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول : ( اشفعوا
تؤجروا ) أخرجه البخاري ومسلم .
· ويقول صلى الله عليه وسلم : ( كل سُلامى من
الناس عليه صدقة كلَّ يوم تطلع فيه الشمس ، تعدل بين الاثنين صدقة ) أي تصلح
بينهما بالعدل · أخرجه البخاري ومسلم .
· ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفضل
الصدقة إصلاح ذات البين) · أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب وصححه الألباني .
· ويقول صلى الله عليه وسلم : ( ما عمل ابن آدم
شيئاً أفضل من الصلاة ، وصلاح ذات البين ، وخلقٍ حسن ) ·
· والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من نفس عن
مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كُرب يوم القيامة ، ومن يسر على
معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا
والآخرة ، والله في عون العبد ما كان
العبد في عون أخيه ) . رواه أبو داود وابن ماجه وقال الألباني حديث صحيح .
.إصلاح ذات
البين -يا عباد
الله- من الأمور
العظيمة والعبادات الجليلة
التي تركها كثيرٌ
من الناس ورغبوا
عنها، ونحن في
مجتمعٍ مادي تغلب
عليه المادة، وتكثر
فيه المعاصي، ولذلك
فإن الخلافات لابد
أن تكثر تبعاً
لذلك، والدعاة إلى
الله عز وجل -بل وجميع
المسلمين- عليهم واجب
إصلاح ذات البين،
ومحاولة إزالة ما
في النفوس، وهذا
من العبادات العظيمة
ولا شك.
ويبين
القاضي إياس بن معاوية معنى الصلح بأنه التنازل من الطرفين عن بعض الحق لأجل
الإصلاح : عن حبيب بن الشهيد قال كنت جالسا عند إياس بن معاوية فأتاه رجل فسأله
مسألة فطول فيهم فقال إياس إن كنت تريد الفتيا فعليك بالحسن معلمي ومعلم أبي وان
كنت تريد القضاء فعليك بعبد الملك ابن يعلى وان كنت تريد الصلح فعليك بحميد الطويل
وتدري ما يقول لك يقول لك حط شيئا ويقول لصاحبك زده شيئا حتى نصلح بينكما وان كنت
تريد الشغب فعليك بصالح السدوسي وتدري ما يقول لك يقول لك أجحد ما عليك ويقول
لصاحبك ادع ما ليس لك وادع بينة غيبا .
النبي صلى الله عليه وسلم يصلح بين الناس
وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية محاولاتٌ وعملٌ دائبٌ منه صلى الله عليه وسلم في الإصلاح بين الناس، فقد روى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : (أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: اذهبوا بنا نصلح بينهم) أمر أصحابه أن يذهبوا للإصلاح بينهم، وعنون عليه البخاري رحمه الله: باب قول الإمام لأصحابه اذهبوا بنا نصلح.بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذهب في الإصلاح ولو بعدت المسافة وفاته شيءٌ من الجماعة لأجل الإصلاح بين الناس، كما روى البخاري رحمه الله: أن بني عمرو بن عوف بـقباء كان بينهم شيء، فخرج يصلح بينهم صلى الله عليه وسلم في أناسٍ من أصحابه، فحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت الصلاة، فجاء بلال إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال: يا أبا بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حبس وقد حانت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس؟ قال: نعم إن شئت، فأقام بلال الصلاة، وتقدم أبو بكر رضي الله عنه، فكبر بالناس، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف يشقها شقاً حتى قام في الصف فأخذ الناس في التصفيح....الحديث.تأخر عليه الصلاة والسلام عن صلاة الجماعة وذهب إلى قباء للإصلاح بينهم، كان ممشى خير وأجراً عظيماً، وندب إلى ذلك أصحابه، وكان عليه الصلاة والسلام يشير على المتخاصمين بالصلح.فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصومٍ بالباب عالية أصواتهم، وإذا أحدهم يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء -يقول: دع لي من أصل المال- والآخر يقول: والله لا أفعل فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أين المتألي على الله لا يفعل المعروف؟ فقال: أنا يا رسول الله فقال: أين الذي يحلف بالله ألا يفعل الخير؟ فاستحيا الرجل وقال: أنا يا رسول الله، فله أي ذلك أحب، أي: فما أراده من عفو عن بعض المال فأنا راضٍ به،
فكان
عليه الصلاة والسلام
يعظ في أمر
الصلح ويرغب فيه،
ويعظ من
رفض الصلح، كما
وعظ الذي حلف
بالله ألا يقبل
بعرض خصمه عليه.وكذلك جاء
في صحيح البخاري
رحمه الله تعالى: (أن كعب
بن مالك تقاضى
ابن أبي حدرد
ديناً كان له
عليه في عهد
رسول الله صلى
الله عليه وسلم
في المسجد، فارتفعت
أصواتهما حتى سمعهما
رسول الله صلى
الله عليه وسلم
وهو في بيته،
فخرج رسول الله
صلى الله عليه
وسلم إليهما ، فنادى كعب
بن مالك ، فقال: يا
كعب ،
فقال: لبيك يا
رسول الله، فأشار
بيده أن ضع
الشطر -أي: تنازل
له عن النصف- فقال كعب : قد فعلتُ
يا رسول الله،
فقال رسول الله
صلى الله عليه
وسلم للخصم الآخر: قم فاقضه)
. فكان عليه
الصلاة والسلام يشير
بالصلح، وقد رأى
هذا لا يستطيع
الوفاء، والآخر يلح
في الطلب، فطلب
من أحدهما أن
يتنازل عن شيء،
وطلب من الآخر
أن يقضيه الباقي،
وهكذا كان صلى
الله عليه وسلم
يفعل، وهذه سياسته
في أصحابه.
وكان
عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوصي من يوليه ويقول : ( ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن
فصل القضاء يحدث بين القوم الضغائن ) ، وكذلك كان السلف رحمهم الله حريصين على هذا
الخير ساعين فيه يقول الأوزاعي رحمه الله : ( ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة
في إصلاح ذات البين ) .
وروى
أحمد وابن حبان والحاكم- وصححه الحاكم ووافقه الذهبي عن أنس بن مالك : أن
رجلا قال يا رسول الله إن لفلان نخلة وأنا أقيم حائطي بها فمره أن يعطيني أقيم
حائطي بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أعطها إياه بنخلة في الجنة فأبى وأتاه
أبو الدحداح فقال بعني نخلك بحائطي قال ففعل قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال يا رسول الله إني قد ابتعت النخلة بحائطي فجعلها له فقال النبي صلى الله عليه
وسلم كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة مرارا فأتى امرأته فقال يا أم الدحداح
اخرجي من الحائط فإني بعته بنخلة في الجنة فقالت قد ربحت البيع أو كلمة نحوها.
الإصلاح بين الناس
أما الإصلاح بين الناس فإنه واجب، قال الله تعالى: وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ [الأنفال:1] وهذا أمرٌ لابد منه، أصلحوا ما بينكم وبين إخوانكم،
الإصلاح بين الناس
أما الإصلاح بين الناس فإنه واجب، قال الله تعالى: وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ [الأنفال:1] وهذا أمرٌ لابد منه، أصلحوا ما بينكم وبين إخوانكم،
أصلحوا
بين النفوس،
قربوا بينها،
أزيلوا
أسباب العداوة.
والصلح يكون
بين متغاضبين كالزوجين،
ويكون
في الجراحات كالعفو
على مال،
ويكون
لقطع الخصومة، كما
إذا وقعت المزاحمة في
الأملاك أو المشتركات، وقد
كان النبي صلى
الله عليه وسلم
يقوم بذلك،
وقد
دلَّ الكتاب والسنة
على فضل الإصلاح
بين الناس.
فضل الإصلاح
بين الناس
قال الله تعالى في فضل الإصلاح: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [النساء:114].فإذاً.. كثيرٌ من الناس الذين يتسارون ويتناجون ليس في نجواهم خير إلا من قام بالتناجي في الخير وإصلاح ذات البين، فإن هذا مأجور ونجواه مأجورٌ عليها، وقد قال الله تعالى في أجر المصلح بين الناس: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [النساء:114] وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على أفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين؛ فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: إنها تحلق الشعر، ولكنها تحلق الدين) رواه الترمذي وأبو داود وإسناده على شرط الشيخين .فلما كان نفع إصلاح ذات البين متعدياً، وخيره عميماً، وفائدته شاملة، صار أجره عظيماً،
قال الله تعالى في فضل الإصلاح: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [النساء:114].فإذاً.. كثيرٌ من الناس الذين يتسارون ويتناجون ليس في نجواهم خير إلا من قام بالتناجي في الخير وإصلاح ذات البين، فإن هذا مأجور ونجواه مأجورٌ عليها، وقد قال الله تعالى في أجر المصلح بين الناس: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [النساء:114] وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على أفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين؛ فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: إنها تحلق الشعر، ولكنها تحلق الدين) رواه الترمذي وأبو داود وإسناده على شرط الشيخين .فلما كان نفع إصلاح ذات البين متعدياً، وخيره عميماً، وفائدته شاملة، صار أجره عظيماً،
وقال النبي
صلى الله عليه
وسلم في فضله: (كل سلامى
من الناس عليه
صدقة) كل مفصل
من مفاصل الإنسان
من هذه العظام
عليه حقٌ واجب
يجب على العبد
أن يؤديه لربه
شكراً على إنعامه
على العبدية: (كلُّ
سلامى من الناس
عليه صدقة كل
يومٍ تطلع فيه
الشمس؛ يعدل بين
اثنين صدقة) فإذا
أصلح بينهما وعدل
بينهما، أتى بصدقة
من هذه الصدقات، وأدى
بعض ما عليه
من الحق
.ولعظم هذه
المسألة جعلت الشريعة
إثم الكذب منتفياً
عمن يصلح بين
الناس، فقال النبي
صلى الله عليه
وسلم: (لم يكذب
من نمى بين
اثنين ليصلح) وفي
رواية: (ليس بالكاذب
من أصلح بين
الناس فقال خيراً
أو نمى خيراً). ومن أوجه
ذلك أن يخبر
بما علمه من
الخير، ويسكت عما
علمه من الشر،
فلا ينقله ولا
يبلغه، وذهبت طائفةٌ
من العلماء إلى
جواز الكذب لقصد
الإصلاح، والأحوط أن
يأتي بالتورية والتعريض.إذا
نقل خيراً أو
سئل: هل قال
فلانٌ فيّ كذا؟
فنفى ذلك لم
يكن كاذباً، مع
أن الكذب في
الشريعة أمرٌ قبيحٌ
جداً، لكن لما
كانت مصلحة إصلاح
ذات البين أعظم
من مفسدة الكذب
رخصت فيه الشريعة، ولم
تجعل فيه إثماً
على من فعله
لأجل الإصلاح بين
الناس.
الصلح بين المسلمين المتقاتلين من أعظم الصلح
ومن أعظم الصلح الصلح بين المسلمين المتقاتلين، لأن إراقة الدماء بين المسلمين من أعظم الكبائر ومما يفرق الصفوف أشد تفريق، ولذلك قال الله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9] فهذا أمرٌ بالصلح.
الصلح بين المسلمين المتقاتلين من أعظم الصلح
ومن أعظم الصلح الصلح بين المسلمين المتقاتلين، لأن إراقة الدماء بين المسلمين من أعظم الكبائر ومما يفرق الصفوف أشد تفريق، ولذلك قال الله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9] فهذا أمرٌ بالصلح.
وكذلك فإن
الإصلاح بين طالبي
الدية في الجراحات مما
جاء في السنة،
فإن أنساً رضي
الله عنه حدث
أن الربيِّع بنت
النضر كسرت ثنية
جارية، اعتدت عليها
فكسرت ثنيتها، فطلبوا
القصاص فقال أهل
الربيِّع : نعطيكم مالاً
بدلاً مما فعلته
الربيِّع ،
أو اعفوا عنها
وتنازلوا عن طلب
القصاص، فأبوا إلا
القصاص، فأتوا النبي
صلى الله عليه
وسلم، فأمرهم بالقصاص
لأنه كتاب الله،
فقال أنس بن
النضر : أتكسر ثنية
الربيِّع يا رسول
الله؟! -وكان رجلاً
صالحاً من أولياء
الله تعالى- لا
والذي بعثك بالحق
لاتكسر ثنيتها، فقال: يا أنس
كتاب الله القصاص،
فرضي القوم وعفوا،
وفجأة تغير الموقف،
فرضي القوم فعفوا،
فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: (إن من
عباد الله من
لو أقسم على
الله لأبره).
ثمرات الصلح بين المسلمين
ثمرات الصلح بين المسلمين
-
في القبائل والطوائف :
مر رجل من اليهود بملأ من الأوس والخزرج ، فساءه
ما هم عليه من الاتفاق والأُلفة ، فبعث رجلاً معه وأمره أن يجلس بينهم ويذكرهم ما
كان من حروبهم يوم بُعاث وتلك الحروب ، ففعل ، فلم يزل ذلك دأبه حتى حميت نفوسُ
القوم وغضب بعضهم على بعض ، وتثاوروا ، ونادوا بشعارهم ، وطلبوا أسلحتهم ،
وتواعدوا إلى الحرة ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأتاهم فجعل يُسكنهم
ويقول : ( أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟ ) وتلا عليهم ( واعتصموا بحبل الله
جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم
بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته
لعلكم تهتدون ) [آل عمران: 103] . فندموا على ما كان منهم ،واصطلحوا وتعانقوا
وألقوا السلاح رضي الله عنهم جميعاً · ومجاله
حل القضايا القبلية المستعصية .
أيها المسلمون: إن فوائد الصلح كثيرة،
فإنه
يثمر إحلال الألفة
مكان الفرقة،
واستئصال داء
النزاع قبل أن
يستفحل،
وحقن
الدماء التي تراق،
وتوفير
الأموال التي تنفق
للمحامين بالحق وبالباطل
،
والحماية من شهادة
الزور،
وتجنب
المشاجرات والاعتداءات على
الحقوق والنفوس
شرف الحسن
بن علي بإصلاحه
بين أهل العراق
والشام
الصلح بين الزوجين من أعظم أنواع الصلح
الصلح بين الزوجين من أعظم أنواع الصلح
! ومن أعظم
أنواع الصلح الصلح
بين الزوجين المتخاصمين،
فإن
الأسر تقوم على
المحبة والألفة وتدوم
بدوامها،
فإذا
انتهت المحبة والألفة
وحل الشقاق، صار
الفراق،
ولابد
للمصلحين من القيام
بواجبهم تجاه الأسر
المتفككة
والسعي
في الإصلاح بين
الأزواج،
وقد
قال الله عز
وجل عند حصول
الشقاق: فَابْعَثُوا حَكَماً
مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ
أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ
بَيْنَهُمَا [النساء:35].
إذا كانت
النية طيبة جاءت
النتيجة طيبة: إِنْ
يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ
بَيْنَهُمَا [النساء
:35]. وندب الله
تعالى إلى المصالحة بين
المرأة وزوجها، وقال
الله عز وجل: فَلا جُنَاحَ
عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء
:128].الصلح خيرٌ
من الشقاق، الصلح
خيرٌ من الفراق،
الصلح خيرٌ من
البغضاء التي تقوم
في النفوس.
قالت
عائشة بنت أبي
بكر رضي الله
عنهما في قوله
تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ
مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ
إِعْرَاضاً [النساء: 128] قالت: [هو الرجل
يرى من امرأته
ما لا يعجبه -كبراً أو
غيره- فيريد فراقها،
فتقول: أمسكني، واقسم
لي ما شئت،
قالت: ولا بأس
إذا تراضيا].فإذا
أراد أن يطلقها
إيثاراً لزوجته الأخرى
مثلاً، فقالت الأولى: أمسكني عند
أولادي، وأبيحك من
ليلتي، فهذا جائز،
وقد جعلت ذلك
سودة رضي الله
عنها، أو تصطلح
معه على أن
تضع عنه شيئاً
من النفقة، وتتنازل
له عن شيءٍ
منها من أجل
أن تدوم الحياة
الزوجية لقوله تعالى: فَلا جُنَاحَ
عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128].
في
الأزواج والزوجات والأقارب والأرحام :
جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ : (
أَيْنَ ابْنُ عَمِّك ؟ِ قَالَت:ْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي
فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي ، فَقَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لإِنْسَان:ٍ انْظُرْ أَيْنَ هُوَ فَجَاءَ فَقَال:َ يَا رَسُولَ
اللَّهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ وَأَصَابَهُ
تُرَابٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُهُ
عَنْهُ وَيَقُولُ: قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ) رواه البخاري . ومهمته الساعي في هذا الميدان
وصل قطع الرحم بإزالة الخلاف وإعادة الالتحام والمودة بين الأسر المتناحرة .
التحكيم بين الزوجين من أجل الإصلاح
وقال تعالى: فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء
:35] فماذا يفعل
الحكمان؟
يقوم
كل واحدٍ منهما
بالالتقاء بوكيله أو
مندوبه الذي انتدبه،
أو طرفه الذي
ينوب عنه -وإذا
قلنا: إنه حاكم،
فإن كلام الحكمين
معتمد- ويسمع منه
سبب الشقاق والخلاف،
ثم
يجتمع الحكمان فيعتمدان أموراً،
ويتوصلان إلى صاحب
الخطأ، من هو
الطرف المخطئ لأجل
وعظه ونصحه، أو
وعظ الطرفين إذا
كان كلاهما مخطئ،
والسعي
في تقريب وجهات
النظر،
ولذلك
فإن من الحكمة
أن يذكر الحكمان
الزوج بوصية رسول
الله صلى الله
عليه وسلم بالنساء، وبقوله
صلى الله عليه
وسلم في الوصية
بالزوجة: (خيركم خيركم
لأهله، وأنا خيركم
لأهلي) ويقولان له: إن منك
يا أيها الزوج
أن تعامل زوجتك
بالفضل لا بالعدل؛
الواحدة
بواحدة، وإذا فعلت
ترد عليها، وإنما
تتعامل معها بالفضل
وبالمسامحة وبالزيادة منك
والتغاضي،
لأن
أهلها استودعوها عندك،
وائتمنوك عليها،
ووثقوا
أنك لن تسبب
لهم المتاعب بسببها،
وأنها أم
أولادك، أو أنها
ستكون كذلك مستقبلاً،
والولد
الصالح مما ينتفع
به أبوه في
الحياة وبالدعاء له
بعد الممات،
وأن
الزوجة كالأسيرة بيد
زوجها، وليس من
الإسلام ولا من
المروءة ولا من
الشجاعة التي جاء
بها الإسلام أن
يسيء المسلم إلى
أسيرته، أو أسيره،
فكيف إذا كانت
الأسيرة الزوجة؟
وأن
الزوج الكريم هو
الذي لا يستغل
قوته وبطشه ولا
يتعسف باستعمال سلطته
على زوجته على
نحوٍ يلحق بها
الضرر،
فهذه المعاني
إذا قدمها الحكمان
إلى الزوج بأسلوبٍ
لطيف وقولٍ لين،
فالغالب أنها ستؤثر
في نفس الزوج،
وسيقلع عما أدى
إلى الشقاق.
وكذلك ينبغي
للحكم من أهل
الزوجة أن يكلم
الزوجة بمعاني الإسلام،
ويذكرها
بأحكامه المتعلقة بالزوجة
في علاقتها بزوجها،
وأن يذكرها
بعظيم حق الزوج
عليها،
وأن
من حسن معاشرتها له
بالمعروف أن تسمعه
الكلمة الطيبة اللينة،
وأن
تسارع إلى طاعته
فيما أوجبه الشرع
عليها من طاعته،
وفيما
يأمرها به زوجها
من المباحات،
وألا
تثقل عليه بطلباتها الكثيرة،
وأن
تتحمل عبوسه وصدوده
وإساءته
وأن تقابل
ذلك بابتسامتها وإحسانها وخدمتها،
فإن الزوج
إذا رأى ذلك
منها، فسرعان ما
يزول عنه العبوس
والصدود ويكف عن
الإساءة، وعليها ألا
تستقصي في طلب
الحقوق،
وإذا
أحست بكراهتها له،
فلتطرد هذا الإحساس،
ولتذكر
نفسها بأنه قد
يجعل الله لها
فيما تكرهه الخير
الكثير،
فيرزقها
الله منه ولداً
تقر به عينها،
ويزول
عن قلبها ما
تحسه من كراهة
لزوجها.
فتذكير الطرفين
بحق كل واحدٍ
منهما على الآخر
وبالمعاشرة بالمعروف التي
أمر الله بها،
مما يجعل أمرهما
ليناً سهلاً، والصلح
بينهما وشيكاً.
:
{
قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي
زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } التي ٱشتكت إلى الله هي خَوْلَة بنت
ثعلبة. وقيل بنت حكيم. وقيل ٱسمها جميلة. وخَوْلَة أصح؛ وزوجها أَوْس بن الصَّامِت
أخو عُبَادة بن الصامت، وقد مرّ بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته والناس
معه على حمار فٱستوقفته طويلاً ووعظته وقالت: يا عمر قد كنت تدعى عُمَيْراً، ثم
قيل لك عمر، ثم قيل لك أمير المؤمنين؛ فٱتق الله يا عمر؛ فإنه من أيقن بالموت خاف
الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب؛ وهو واقف يسمع كلامها؛ فقيل له: يا أمير
المؤمنين أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف؟ فقال: والله لو حبستني من أوّل النهار إلى
آخره لازلت إلا للصلاة المكتوبة، أتدرون من هذه العجوز؟ هي خَوْلَة بنت ثعلبة سمع
الله قولها من فوق سبع سموات، أيسمع ربّ العالمين قولها ولا يسمعه عمر؟ وقالت
عائشة رضي الله عنها: تبارك الذي وسِع سمعه كل شيء، إني لأسمع كلام خَوْلَة بنت
ثعلبة ويخفى عليّ بعضه، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهي
تقول: يا رسول الله! أكل شبابي ونثرت له بطني، حتى إذا كبر سني وٱنقطع ولدي ظاهر
مني؛ اللهم إني أشكو إليك! فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية: { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ
قَوْلَ ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } خرجه ٱبن
ماجه في السنن. والذي في البخاري من هذا عن عائشة قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه
الأصوات، لقد جاءت المجادِلة تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا في
ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فأنزل الله عز وجل: { قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ
ٱلَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا }
حالات يمتنع فيها الإصلاح بين
الخصوم :
· يحرم الصلح إذا كان في حق من حقوق الله أو مما لا
يجوز الاعتياض فيه كالحدود مثل الزنا واللواط والسرقة فإذا وقعت خصومة في مثل هذه
القضايا فلا يجوز الإصلاح فيها أو الشفاعة
ولا يجوز التنازل لأنها حق من حقوق الله ولا
يملك احد إسقاط هذا الحق، أما حقوق العباد فهي تقبل الصلح بالإسقاط أو المعاوضة
عليها .
· وكذلك يمتنع الصلح إذا تبين أن احد الخصوم ظالم
ومعتد في خصومته وأن قصده الإضرار بالآخرين ونهب حقوقهم ؛ فعندئذ يحرم السعي في الصلح إلا أن يراد نصحح وتخويف بالله فإن أبى فيجب أن يردع عن فعله ويعاقب ؛ لأن
الصلح تنازل من الطرفين وتجاوز عن بعض الحق فإذا أعطي الظالم وتنازل له المظلوم عن بعض حقه وهو مبطل نكون قد
أعنا الظالم على المظلوم وكافأناه على
ظلمه وكان في هذا الصلح سبيلا للتحايل لأخذ حقوق الناس بغير وجه حق .
بعض شروط الصلح بين
المتخاصمين
1. أن لا يشترط في الصلح إذا تم شرطا مخالفا لحكم
الله فان كان مخالفا لحكم الله فانه لا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم: ( أيما شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ، وإن كان مائة شرط ) رواه البخاري ولا يتضمن شيئا محرما كأن يكون
تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما ) حديث حسن صحيح رواه
أبو داود والترمذي .
2. أن يكون الصلح قد تم بتراض من الجانبين
المتخاصمين لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه )
رواه النووي في المجموع شرح المهذب .
3. أن يكون الحق المتنازع فيه من حقوق العباد التي
يجوز الاعتياض عنها . مثل الأموال والديون والدماء .
المصلح بين
الناس .. وآدابه
إذا كان المتدخل في الخصومة غير عاقل لا يحسن التصرف، فإن إفساده أكثر من إصلاحه، وهذا أمرٌ مشاهد، فإن عدداً من الناس يتدخل في القضية لأجل الإصلاح بزعمه، فإذا به يبعد النجعة، ويباعد الشقة، ويتسبب في مزيدٍ من الفرقة، ويحصل الكثير من الخلاف بعد أن كان شيئاً محدوداً، فإذا به يستشري وينتشر
إذا كان المتدخل في الخصومة غير عاقل لا يحسن التصرف، فإن إفساده أكثر من إصلاحه، وهذا أمرٌ مشاهد، فإن عدداً من الناس يتدخل في القضية لأجل الإصلاح بزعمه، فإذا به يبعد النجعة، ويباعد الشقة، ويتسبب في مزيدٍ من الفرقة، ويحصل الكثير من الخلاف بعد أن كان شيئاً محدوداً، فإذا به يستشري وينتشر
.فنذكر المصلحين الذين
يريدون التدخل للإصلاح
:أولاً: أن
يبتغوا وجه الله
تعالى: إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً [النساء:35] أي: إذا
كانت النية صافية
ومُخْلَصَةً لله كانت
النتيجة طيبة يُوَفِّقِ اللَّهُ
بَيْنَهُمَا [النساء
:35].ثانياً: الحكمة
في التعامل في
الأمور، فإن في
كثيرٍ من الأشياء
بين المتخاصمين حساسيات
.ثالثاً: التكتم: (واستعينوا على
إنجاح الحوائج بالكتمان) كما
أخبر النبي صلى
الله عليه وسلم،
فلكي تنجح القضية،
لابد من التكتم
وعدم نشر التفاصيل بين
الناس
.رابعاً: أن
يذكر كل واحد
من المتخاصمين بالله
عز وجل، وبحق
الآخر عليه، إن
كان أخاً في
الله يذكر بحقوق
الأخوة، وإن كان
زوجاً يذكر بحقوق
الزوجة، وإن كانت
زوجة تذكر بحقوق
الزوج.
وكذلك فإنه
لا بأس أن
تنقل إليه كلمات
من الخير على
لسان الطرف الآخر،
وتكتم عنه أموراً
من الشر جاءت
على لسان الطرف
الآخر، هذا من
الحكمة والسياسة في
الإصلاح بين المتخاصمين
· وعليك في هذه الخطبة تذكير الخصوم بالعاقبة :
فيحسن بالمصلح أن يُذكِّر الأطراف المتخاصمة بالعاقبة ؛
فيذكرهم بعاقبة الخصومة , وما تجلبه من الشقاق , وتوارث العداوات , واشتغال القلوب
, وغفلتها عن مصالحها . ويذكرهم كذلك بالعاقبة الحميدة للصلح في الدنيا والآخرة ,
ويسوق لهم الآثار الواردة في ذلك كقوله – تعالى - : ( وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ
لِلتَّقْوَى ) [البقرة: 237] وكقوله : ( وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ ) [آل عمران :
134] وكقوله : ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) [الشورى: 40]
. ويسوق لهم قصصاً لأناس عفوا , فحصل لهم من العز, والخير ما حصل . وهكذا…
· ويحرص على التركيز على أهمية الأمور الآتية :
يجب أن يؤكد أنه ليس قاضيا أو حكما وأن هدفه الإصلاح وأنهم
لم يجتمعوا في هذا المكان كي يسعى احد الأطراف لإقناعه أو إقناع الطرف الأخر بأنه
هو المصيب وأن الأخر هو المخطئ كما يجب أن يخبرهم أن الصلح لن يؤتي ثماره إن أصر
احد الطرفين على التعنت والتمسك بوضعه المبدئي في محاولة لإثبات خطأ الطرف الأخر.
فتستطيع التدخل بسرية ومراعاة للخصوصية مستعينا بالله
وملحا له بالدعاء أن يوفقك لتسوية النزاع ويرزقك الإخلاص في القول والعمل لوجهه
تعالى متسلحا بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والنصيحة الصادقة فتلطف الأجواء وتصفي القلوب وتزيل أسباب
الخصام وتوفق بين الآراء حتى يكون الاتفاق
ويحل الوفاق ويتم التراضي والوئام .
وهذا
السبيل سبيل المصلحين له أثار أفضل على المتخاصمين في إنهاء الخصومة بالتراضي أفضل
بكثير من القضاء في كثير من الحالات وله
إلزامية الحكم ونفوذه مثل حكم القاضي إذا
اتفقوا وتراضوا بشرط بعد التصالح
فإذا تم الاتفاق والتراضي والوصول إلى حل مقبول من الطرفين
فيجب التنبه إلى أمور :
· الحذر من إلحاق الضرر بأيٍ من الخصوم :
وذلك بالحرص على ألاّ يترتب على الإصلاح إضرار بأحد الأطراف
قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار ) ، ولا بد حتى في الصلح من
مراعاة العدل وعدم الظلم والتعدي قال تعالى ( ....فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا
إن الله يحب المقسطين ) [الحجرات:
9] .
· ضرورة الرضا
على ما تم الاتفاق عليه من قبل الخصوم :
لان المقصود من الصلح هو إنهاء الخصومة وقطعها
فإذا انعدم التراضي وأجبر أحد الطرفين على ما لا يريد ظل النزاع قائما ولم تحصل
فائدة جهود الإصلاح ثم إن الصلح يكون فيه غالبا تنازل عن بعض حق المدعى وهذا تبرع
والتبرع لا يكون إلا برضا من الشخص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ) .
سابعا
: بعد الاتفاق والتصالح :
· مشروعية توثيق عقد الصلح والإشهاد عليه :
حيث أن هذا الإجراء سبب من أسباب درء الخصومات
وقطع المنازعات فان غالب الخصومات ترجع إلى عدم وجود بينه عند أحد الخصوم أو
كلاهما .وينبغي عند توثيق الصلح الذي تم مراعاة الآتي :أن يكون مبدوءاً ببسم الله
الرحمن الرحيم وأن يكتب أسماء المتصالحين كاملة وأن تشتمل الوثيقة على الإشارة إلى
نوع المصالحة والأمور التي اشتملت عليها
وذكر الشروط والمستثنيات ونحو ذلك وكذا ذكر من قام بالمصالحة فيما بينهم وأن
يذكر الشهود بأسمائهم ويشير إلى حضورهم إن كانوا حاضرين وقت كتابة الوثيقة وأن
تشتمل الوثيقة على ذكر تاريخ اليوم والشهر والسنة وأن تشتمل وثيقة الصلح على
الإمضاء من أطراف النزاع والشهود ومن قام بالإصلاح وكاتب الوثيقة وينبغي أن يجعل للوثيقة أكثر من
نسخة كأن تكون للخصمين نسختان ويحتفظ المصلح بنسخة عنده .
· يجب أن ينبه الجميع أنه إذا وقع الصلح بشروطه
من شأنه أن يسقط الحقوق :
والدعاوى التي جرت من أجلها المصالحة وأن يؤمن لكل من
الطرفين ملكية الأشياء التي سلمها إليه الفريق الآخر أو الحقوق التي اعترف بها .
مع العلم أن اثر الصلح يقتصر على الحقوق التي تناولها وحسم الخصومة فيها دون غيرها
· وأن يتم تنفيذ ما أتفق عليه :
فلابد من الصلح المبرم بين طرفين أو أكثر من إلزام بما اتفق
عليه وتنفيذ لآثاره المترتبة على ذلك حيث أن وقوع الصلح مجردا عن آثاره المترتبة
على وقوعه وإبرامه وعدم تنفيذها يجعله قريبا من الصلح الأجوف .
· وإذا لم يتم تنفيذ ما اتفق عليه :
في حالة وقوع الصلح بين المتصالحين والانتهاء من إبرامه وإمضاءه ولم يحصل من ذلك
تنفيذ عملي للصلح كأن يكون ناتجا عنه مماطلة وظلم من أحد أطراف الخصومة فانه يجوز
للآخر أن يطلب إما تنفيذ للصلح المتفق عليه مع الإمكان أو فسخ الصلح لأنه تبيّنا
بذلك ظلم الخصم الآخر وإيراده المشاقة وإيقاع الضرر بخصمه والضرر يزال .
أيها المسلمون: هذه عبادة أوصى بها الله، وأوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتدبوا أنفسكم
للقيام بها، فإن
في القيام بها
أجراً عظيماً لا
يعلمه إلا الله
عز وجل.اللهم
إنا نسألك أن
تجعل قلوبنا عامرةً
بذكرك، وأن تطهر
قلوبنا من الشرك
والنفاق، وأن تطهر
ألسنتنا من الكذب،
اللهم إنا نسألك
أن تجعلنا إخوةً
متحابين في سبيلك،
قائمين بحقوقك، عاملين
بدينك، اللهم إنا
نسألك أن تنصر
الإسلام والمسلمين، اللهم
ارفع راية الدين،
واقمع أهل النفاق
والشرك يا رب
العالمين!
Inscription à :
Articles (Atom)